تتجه إسرائيل على ما يبدو إلى خيار عسكري ضد حركة الجهاد الإسلامي إذا لم تنجح الوساطة الجارية من خلال جمهورية مصر العربية، إذ أكدت مصادر مختلفة في إسرائيل تقديرات بأن الأيام القريبة ستحدد مستقبل الرد الإسرائيلي، في ظل تهديدات "الجهاد الإسلامي".
وأعلن رئيس حكومة الاحتلال، يئير لبيد، بعد ظهر الجمعة، أن إسرائيل تعمل لإعادة الحياة في مستوطنات غلاف غزة إلى روتينها ونهجها العادي. وجاء ذلك بعد جولة أخرى من المشاورات الأمنية شارك فيها أيضا وزير الأمن، بني غانتس، ورئيس الحكومة السابق، نفتالي بينت، والأذرع الأمنية.
وقال لبيد، بحسب ما أوردته الإذاعة الإسرائيلية و"يديعوت أحرونوت" ومختلف المواقع الإسرائيلية: "إن سكان غلاف غزة، وأمنهم ومستوى حياتهم على رأس سلم أولوياتنا، نحن نعمل لاستعادة نمط الحياة الروتيني بأسرع وقت ممكن، وهذه مسؤوليتنا".
وأضاف موقع "يديعوت أحرونوت" عن مصدر سياسي وصفه بأنه رفيع المستوى، قوله إنه "إذا مرت أيام إضافية من الوضع الحالي لوجود تحذيرات استخباراتية عن عمليات خطط لها، سنضطر للانتقال من إطلاق الكلمات إلى إطلاق الصواريخ".
وانضم وزير الأمن في حكومة الاحتلال، بني غانتس، إلى التهديدات التي أطلقها لبيد بعد المشاورات الأمنية، ملوّحًا باستهداف قادة "الجهاد" و"حماس". وقال غانتس، بحسب ما أورده موقع الإذاعة الإسرائيلية: "أقول لقادة حماس والجهاد الإسلامي، بشكل واضح، وقتكم محدود، سنزيل التهديد بطريقة أو بأخرى".
وأضاف غانتس أن الجيش الإسرائيلي والمنظومة الأمنية مستعدان "لكل عملية تكون لها حاجة، وعلى كل جبهة، لا نريد القتال لكننا لن نتردد في اللجوء إليه إذا اضطررنا".
وواكبت هذه التهديدات المباشرة رسائل مبطنة تناقلتها الصحف الإسرائيلية على مدار اليوم، بخيار عسكري ضد "الجهاد" قد يشمل عمليات هجومية تستهدف مقار وربما عناصر الحركة في القطاع، عبر ضربة أو جولة لعدة أيام من القصف الجوي.
رغم ذلك، يبدو أن الحكومة الإسرائيلية الانتقالية، وفي ظل حسابات انتخابية أيضا، غير مسرعة للاتجاه إلى الخيار العسكري، لكنها بنفس الوقت تدرك أنها، ولا سيما قطبيها الرئيسيين، رئيس الحكومة يئير لبيد ووزير الأمن الجنرال بني غانتس، ستذهب إلى عدوان عسكري جديد، خصوصا وأن تهديد "الجهاد الإسلامي" يمس استراتيجية إسرائيل بالفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، بعدما أطلق "الجهاد" تهديده بعمليات انتقامية بعد اعتقال القيادي في صفوفه، بسام السعدي، علمًا بأن الاحتلال، بحسب تقرير لـ"يديعوت أحرونوت"، شن على مدار العام الحالي حملات اعتقال مكثفة على عناصره في الضفة الغربية، واغتال أكثر من 20 ناشطا في الضفة الغربية، دون أن يربط "الجهاد الإسلامي" نشاط عناصره بموقف عملياتي من قطاع غزة.
ويبدو أن هذا هو الهاجس الرئيسي لإسرائيل، خصوصا بعد فشل مساعي الوساطة المصرية، إذ أشارت الإذاعة الإسرائيلية إلى أن إسرائيل أعلنت أمس رفض شروط الجهاد الإسلامي للتهدئة (وهي تحرير القيادي بسام السعدي، والإفراج عن الأسير المضرب عن الطعام خليل عواودة، ووقف الاغتيالات والاعتقالات لعناصره في الضفة الغربية).
وبالرغم من محاولة الإعلام الإسرائيلي تجاهل هذا البعد في حالة التوتر الحالية وتهديدات الجهاد الإسلامي، فإن قائد المنطقة الوسطى السابق في جيش الاحتلال، الجنرال احتياط آفي مزراحي، حذّر من خطر تمكن "الجهاد" من إعادة الربط بين القطاع والضفة الغربية، مما يسبب ضررا بالغا للاستراتيجية التي تنتهجها إسرائيل، عبر استغلالها للانقسام الفلسطيني، بتكريس الفصل بين الميدانين الرئيسيين للصراع مع الفلسطينيين حاليا، وهما الضفة الغربية وقطاع غزة.
وتخشى إسرائيل أن يكرر "الجهاد الإسلامي"، في حال نفذ تهديداته، ما كانت حققته حركة حماس في العام الماضي في معركة "سيف القدس" عندما ربطت بين الاعتداءات والاقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى المبارك وبين القطاع.
وتبرز الصحف ووسائل الإعلام الإسرائيلية، في الأيام الأخيرة، حقيقة التذمر والرفض في المستوطنات الحدودية للوضع القائم، الذي تفرض فيه حكومة الاحتلال قيودا على التنقل بين هذه المستوطنات وداخلها، وعلى محاور الطرق الحدودية مع قطاع غزة، تحسبا لقيام "الجهاد الإسلامي" باستهداف مركبات إسرائيليين، أو حتى ضرب القطارات، ولذلك أوقفت سير القطارات في الجنوب خوفا من استهدافها بصواريخ ومقذوفات ضد المدرعات، أو حتى من عيارات قناصة فلسطينيين.
وبموازاة تصريحات لبيد، ذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن وزير الأمن واصل، بعد جلسة المشاورات الرسمية، إجراء مشاورات تقدير موقف مع القيادات الميدانية للجيش الإسرائيلي في الجنوب، وفحص الخيارات الممكنة لعمليات إسرائيلية، مع استمرار حالة التأهب القصوى، التي تميزت هذه المرة أيضا بنشر عدد كبير من المسيّرات الإسرائيلية على الحدود وفوق أجواء قطاع غزة، إلى جانب الحديث عن استعداد الدفاعات الأرضية وسلاح الجو الإسرائيلي لشن غارات في حال "اقتضت الحاجة ذلك" لتنفيذ هدف إعادة الحياة في مستوطنات غلاف غزة "لروتينها الطبيعي".