عقيلة صالح ولغة التمديد الجديدة

عقيلة صالح ولغة التمديد الجديدة

02 يونيو 2022
صالح بجلسة نيابية في بنغازي، إبريل 2019 (عبدالله دومة/فرانس برس)
+ الخط -

انهمك كثيرون في متابعة تفاصيل اجتماع سرت في ليبيا، أول من أمس الثلاثاء، الذي جمع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح مع رئيس الحكومة المكلفة منه فتحي باشاغا، ونتائجه، من دون التنبه إلى الغرض الأساسي من الاجتماع.

فبعد أكثر من أسبوعين على إعلان رئاسة مجلس النواب عن تصويت "البرلمان على عقد الجلسة المقبلة في مدينة سرت دعماً للحكومة"، أُعلن بشكل فجائي أنها ستناقش مقترح ميزانية الحكومة، لا جلسة رسمية. ودُعي لهذا الغرض ممثلو المؤسسات السيادية المعنية بالموازنة، كمجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي، وديوان المحاسبة.

والمتابع لتفاصيل الجلسة لا يجد فيها ما يمت بصلة لمناقشة الموازنة، باستثناء كلمات عابرة كحث صالح على سرعة مناقشتها، وتعهّد باشاغا على صرفها في ما يخدم المواطن ولدعم الانتخابات.

أما المعنيون بمناقشة مقترح الموازنة، كرئيس لجنة المالية والتخطيط وممثلو المؤسسات السيادية فلم يتحدثوا أصلاً في الجلسة، ما يعني أن حضورهم كان للتعمية وإيهام الرأي العام بمناقشة المقترح.

صحيح أن كلمتي صالح وباشاغا حملتا في جزء كبير منهما اتهامات لحكومة الوحدة الوطنية، مثل "اغتصاب السلطة"، ووصف مجاميع طرابلس بـ"المعرقلة للانتخابات"، إلا أن النقطة الأبرز في كلمة صالح كانت إعلانه أن "العمل جارٍ على صياغة دستور جديد للبلاد، سيعرض على الشعب للاستفتاء عليه". وهو ما يعني عرقلة المسار الانتخابي مجدداً والذهاب في مسار إيجاد أسباب للتمديد لمجلسي النواب والدولة.

ويبدو أن سبب تحويل الحدث من جلسة برلمانية إلى اجتماع يقتصر على حضور صالح وبعض الأعضاء من مؤيديه، هدفه تفويت الفرصة أمام تنفيذ مطالب عدد من النواب الذين لا يزالون ينتظرون أن تُعرض عليهم نتائج مشاورات اللجنة الدستورية المشتركة بين مجلسي النواب والدولة، والتي انعقدت منها جولتان في القاهرة، وينتظر أن تستأنف قريباً.

وينتظر النواب أيضاً زيادة الزخم الإعلامي وفي أوساط الرأي العام حول القفز على مطلب البعثة الأممية ومجلس الدولة بشأن إنشاء قاعدة دستورية مؤقتة لإجراء الانتخابات في أقرب أجل، إلى تأزيم المسار الدستوري أكثر من خلال الحديث عن "دستور جديد".

وبدأت تفوح رائحة التأزيم من ثنايا كلمات صالح، فموافقة مجلس الدولة على غالبية مواد مشروع الدستور، المقرّ من الهيئة التأسيسية لصياغته، يكرّس العراقيل الموضوعة أمام إجراء الانتخابات، لذلك سيطرح صالح "دستوراً جديداً"، لسببين.

السبب الأول هو إبعاد تأثير شرعية صدور الدستور من الهيئة التأسيسية، والثاني لأن إنجازه سيحتاج وقتاً طويلاً، خصوصاً في حال طُرح على الشعب للاستفتاء عليه.

يجمع صالح أوراق قوته لفرض هذا الخيار، لأن المهلة المحددة لخريطة طريق جنيف التي جاءت بعبد الحميد الدبيبة وشركائه في السلطة التنفيذية ستنتهي في الشهر الحالي، ولا خيار عندها سوى القبول بحكومة باشاغا، لتلافي خطر دخول البلاد في فراغ حكومي. كما يستند صالح إلى مظلة الاستحقاق الانتخابي من أجل البقاء في السلطة لأطول فترة ممكنة.

تقارير عربية
التحديثات الحية