رسائل غزّة لعباس: الرهان على الموقف الأميركيّ بلا جدوى

28 سبتمبر 2014
+ الخط -

حتى أكثر المتشائمين حيال الموقف الأميركي الداعم والراعي لإسرائيل، لم يتوقع الهجوم الذي تعرض له الرئيس الفلسطيني، محمود عباس منها، عقب طرحه في خطابه أمام الأمم المتحدة ما سُمي بخطة إنهاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، رغم ارتهان الخطة لمفاوضات جديدة مع إسرائيل.

وانتقدت الولايات المتحدة عباس على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جنيفر بساكي، التي وصفت بعض ما جاء في الخطاب بأنه "يحمل توصيفات هي في العمق مخيبة للآمال ونرفضها"، ووصفت أيضاً بعضاً مما جاء فيه "بالتصريحات الاستفزازية".

وكان عباس قد أكد أن القيادة الفلسطينية تسعى لقرار من مجلس الأمن الدولي يضع سقفاً زمنياً لإنهاء الاحتلال، وقيام دولة فلسطينية على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، تعيش بأمن واستقرار إلى جانب إسرائيل، وهو ما عده نتاجاً لقرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة السابقة بخصوص الاحتلال.

يقول القيادي في حركة "فتح" والنائب عنها في المجلس التشريعي، فيصل أبو شهلا، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "خطة عباس تأتي لوضع جدول زمني لإنهاء الاحتلال وترسيم حدود الدولة الفلسطينية، بعدما أضحت المفاوضات بلا جدوى في ظل المواقف الإسرائيلية المتهربة".

وأوضح أبو شهلا أن "السلطة تسعى لتدويل القضية الفلسطينية ولتحميل المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه استمرار أطول احتلال في التاريخ"، لافتاً إلى أن "المشروع الفلسطيني أضحى مشروعاً عربياً وسيسوقه العرب أيضاً بعد أن أبلغهم أبو مازن بتفاصيل تحركاته السياسية".

وأضاف أنه في حال استمر الموقف الأميركي بارتهانه للابتزاز الإسرائيلي فإنه "سيستمر في الفشل"، مشدداً على أننا "سنستمر في الدفاع عن حقنا وسنقدم على كل خطوة من شأنها إنهاء الاحتلال والحصول على الدولة الفلسطينية وسنضع العالم أمام مسؤولياته إن كان يريد حقاً إنهاء هذا الاحتلال".

بدوره، يؤكد القيادي في حركة "حماس"، صلاح البردويل، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "لا يمكن لأي خطوة سياسية أن تنجح إلا إذا التصقت بالإرادة الوطنية الداخلية، فالإجماع الفلسطيني هو الطريق الوحيد لتقوية أي خطة أو رؤية سياسية مهما كان من وضع هذه الخطة".

ويوضح البردويل أن "الوضعين الدولي والإقليمي لا يمكن أن يكونا حاملين رؤية خير للشعب الفلسطيني، لأن رؤاهما السياسية تنطلق من أهوائهما ومن الموقفين الأميركي والإسرائيلي"، مشدداً على أن "الاستجداء السياسي لا يمكن أن يُحدث أي اختراق أو تقدم نحو إقامة الدولة الفلسطينية"، داعياً إلى "الارتهان للشعب والمقاومة وهم قادران على إحداث هذا الاختراق بما يملكون من إرادة وقوة حق".

وعن الموقف الأميركي والهجوم على عباس، يقول البردويل "جيد أن تكشف الإدارة الأميركية عن وجهها الحقيقي، وعن صورتها وهي تكرس نفسها لاستمرار الاحتلال، وهي التي تمدّ إسرائيل بالقنابل التي تقتل أطفال غزة، وتستخدم الفيتو ضد أي قرار يمكن أن يُنصف الفلسطينيين"، داعياً "السلطة للكف على الرهان على الموقف الأميركي".

من جهته، يؤكد عضو اللجنة المركزية لـ"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، ذو الفقار سويرجو لـ"العربي الجديد" أن "الخطاب متقدم بالمعنى السياسي والوطني والدبلوماسي، رغم وجود بعض التحفظات لدى الجبهة على مبادرة السلام العربية"، مشيراً إلى أنه "إذا ما تمت الخطوات التي أعلنها الرئيس بالجدية وبالنية الحقيقية، فسنشهد رسم خطة تحرك فلسطيني شاملة".

وتستند الخطة الوطنية، وفق سويرجو إلى وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته بعيداً عن الراعي الأميركي، ولاسيّما أن الخطاب شكك في إمكانية العودة للتفاوض حسب المحددات الإسرائيلية التي تستند إلى الأمن، وشككت كذلك في الرعاية الأميركية لها، ونقلت الملف إلى الأمم المتحدة.

ويلفت سويرجو إلى أن "الحدّة الأميركية في الرد على خطاب عباس جاءت نتيجة مفاجأة الأميركيين والإسرائيليين من الخطاب وقوته، والتطرق إلى محاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين على ما ارتكبوه من جرائم حرب في القطاع"، داعياً الفلسطينيين إلى "تحديد خياراتهم في إطار وطني يستند إلى الشعب والمقاومة والعمل السياسي لمنع التطاول الأميركي والإسرائيلي على الحقوق الوطنية الفلسطينية".

أما المحلل السياسي إبراهيم المدهون، فيرى في حديث لـ"العربي الجديد" أن "خطاب عباس مختلف عن خطاباته السابقة، فهو وضّح بشكل مباشر مطالب وحقوق الشعب الفلسطيني، وهاجم الاحتلال بقوة على غير عادته في مثل هذه المواقف".

لكن المدهون يؤكد "ضرورة وجود خطوات تسبق هذا التحرك الدولي، ومنها التوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية وتكثيف العمل الوحدوي في الأرض الفلسطينية وتمتين المصالحة الوطنية لأن ذلك سيكون لطمة وصفعة في وجه إسرائيل ومن يلف في فلكها".

ويوضح المدهون أن عباس "لا يريد أن يعترف بفشل المفاوضات ووصولها إلى حائط مسدود، لذلك يلجأ إلى الأمم المتحدة وهو يعلم أن خطته ستلقى من الاعتراض الكثير، ولا سيّما أنها لم تأت بتنسيق ورضا أميركي"، مشيراً إلى أن "الهجوم الأميركي على عباس جاء لإسكاته وردعه، حتى لو كانت الخطة التي تقدم بها غير مجدية".

ذات صلة

الصورة
مسيرة في رام الله تنديداً بمجزرة مخيم النصيرات، 8 يونيو 2024 (العربي الجديد)

سياسة

خرج العشرات من الفلسطينيين في شوارع مدينة رام الله، وسط الضفة الغربية، مساء السبت، منددين بمجزرة النصيرات التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.
الصورة
ليلي غرينبيرغ كول أول يهودية تستقيل من إدارة بايدن  (محمد البديوي / العربي الجديد)

سياسة

قالت ليلي غرينبيرغ كول التي قدّمت استقالتها من إدارة بايدن، لـ"العربي الجديد"، إن إدارتها لا ترغب بالاستماع لمن يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة.
الصورة
 معطان في منزله بعد الإفراج عنه في 20 مايو (العربي الجديد)

مجتمع

لا يعلم الأسير الفلسطيني السابق عبد الباسط معطان (50 عاماً) المريض بالسرطان، الكثير عن وضعه الصحي، فهو يرتاد منذ أن أفرج عنه في 20 مايو/أيار الجاري.
الصورة
ممر نتساريم

سياسة

عمل جيش الاحتلال الإسرائيلي، خلال الفترة الماضية، على إنشاء ممر نتساريم الذي من شأنه أن يفصل المناطق الشمالية من قطاع غزة عن المناطق الجنوبية.