دعت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، اليوم الجمعة، إلى "تعليق الدور الثاني من الانتخابات التشريعية"، و"سحب المراسيم والأوامر المناقضة لأسس الدولة المدنية والفصل بين السلط، والماسّة بجوهر الحريات العامة، وأبرزها المرسوم عدد 54 لسنة 2022".
وشددت الرابطة، في بيان لها بمناسبة الذكرى الثانية عشرة للثورة، على ضرورة "تكوين حكومة كفاءات تحظى بدعم مكونات المنظمات الوطنية والمجتمع المدني والسياسي، تترأسها شخصية وطنية تتولى تنقية المناخ السياسي وتكون قادرة على تقديم بدائل اقتصادية واجتماعية، وعلى اتخاذ إجراءات فعلية للحدّ من استفحال الأزمة الاقتصادية واستشراء ظاهرة البطالة والهجرة غير النظامية، وغيرها من مظاهر انسداد الآفاق".
وشددت الرابطة على ضرورة "تنفيذ أحكام المحكمة الإدارية بخصوص القضاة المُعفَين والتعجيل بإصدار الحركة القضائية"، وعبرت عن "شديد انشغالها إزاء ما وصل إليه الوضع العام" في تونس.
وذكّر بيان الرابطة بأنه "انعقدت يوم 17 ديسمبر 2022 دورة أولى من انتخابات تشريعية تميزت بتدنّي نسبة إقبال الناخبين على المشاركة فيها، وعزوف عام عن المسار الانتخابي نُقدر أنه يعود أساسا للأسباب التالية: ضبابية وتعثر المسار السياسي والانتقالي للبلاد، وتسيير دواليب الدولة عن طريق مراسيم وضعت بطريقة أحادية غير قابلة للطعن والمراجعة، وتعمق الأزمة في البلاد وتوسعها لتشمل كافة المجالات الاقتصادية الاجتماعية والسياسية والثقافية والبيئية، وإصدار دستور 25 يوليو 2022 بطريقة غير تشاركية أفضى إلى تجميع السلط بين يدي رئيس الجمهورية، وتصنيف السلطة القضائية كوظيفة خاضعة لسلطة رئاسة الجمهورية ومجلس أعلى للقضاء تم تعيين أعضائه".
وذكرت كذلك أن من بين الأسباب "إصدار المرسوم عدد 55 لسنة 2022 الذي اعتمد مبدأ التصويت على الأفراد وإقرار شرط التزكية الذي كان عائقا كبيرا أمام المترشحين، مما أفضى إلى مقاطعة العملية الانتخابية والعزوف عنها، كما أن التراجع عن مبدأ التناصف في القانون الانتخابي أقصى تمثيلية النساء في المجلس النيابي القادم، فضلا عن إشراف هيئة انتخابات مطعون في استقلاليتها".
وعبرت الرابطة عن "انشغالها العميق إزاء مزيد من تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي من خلال إصدار المرسوم عدد 79 لقانون المالية لسنة 2023، الذي قوبل برفض عام وشامل لما تضمنه من إجراءات موغلة في الإجحاف في حق المواطنين والمؤسسات، وإثقال كاهلهم بالضرائب والأداءات والخطايا، في غياب تام للحلول الكفيلة بإنعاش الاقتصاد الوطني الذي يعاني أزمة مزدوجة تجمع بين الركود من جهة، والتضخم الذي بلغ أعلى درجاته من جهة أخرى".
واعتبرت الرابطة أن "قانون المالية سيكون عاملا لمزيد من التوتر الاجتماعي، وتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها التونسيون والتونسيات، ودخول البلاد في أزمة اقتصادية غير مسبوقة، سيكون من مظاهرها ارتفاع الأسعار وفقدان مواد غذائية ومواد صحية أساسية في حياة المواطن اليومية".
وأكد بيان الرابطة أنه "تعددت انتهاكات حقوق الإنسان في الفترة الأخيرة، وأبرزها إصدار المرسوم 54 الذي يهدّد أهم مكسب من مكاسب الثورة، وهو حرية الرأي والتعبير، وتطبيقا لهذا المرسوم تواترت إحالات الصحافيين والمدوّنين والنشطاء السياسيين والمحامين على القضاء على خلفية تعبيرهم على آرائهم المعارضة أو الناقدة للسياسات".
ويتعلق المرسوم 54 بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال، وصدر في 13 سبتمبر/أيلول الماضي.
وحمّلت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان السلطة التنفيذية "المسؤولية الرئيسية في تفاقم الأزمة الشاملة وتوسع معالمها"، ونبهت إلى "خطورة تواصل الوضع الراهن"، داعية إلى "ضرورة تجاوزه في إطار الاحترام الكامل لحقوق الإنسان والتشريك الفعليّ للمجتمع المدني والسياسي...، وذلك يقتضي التعجيل بجملة من الإجراءات، أبرزها مراجعة قانون المالية لسنة 2023 وإيجاد حلول مستعجلة لمسألة استفحال التداين الخارجي والداخلي وإعادة جدولة تسديد الديون حفاظا على توازنات الميزانية العمومية".