أعلن "ائتلاف صمود" في تونس، اليوم الإثنين، عن تخليه عن مساندة ودعم مسار 25 يوليو/ تموز، بسبب ما قال إنه "حياد رئيس الجمهورية، قيس سعيد، عن مطالب هذا المسار وفرضه لقرارات أحادية، وسعيه إلى تركيز نظام سياسي رئاسويّ هجين"، داعياً إلى "مقاطعة الانتخابات التشريعية ترشّحاً وتزكية وانتخاباً".
و"ائتلاف صمود" هو ائتلاف مدني كان من أبرز داعمي مسار 25 يوليو/تموز، ويتكون من شخصيات وطنية وجمعيات وخبراء، من بينهم أستاذ القانون الدستوري الصادق بلعيد، الذي عينه الرئيس قيس سعيد لترؤس لجنة الحوار الوطني لكتابة الدستور في مايو/ أيار العام الماضي، وأستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ، الذي ساهم كذلك في كتابة مشروع الدستور.
وأوضح الائتلاف، في بيان له، أنّ "رئيس الجمهوريّة يسعى إلى فرض رؤية أحاديّة تهدف إلى تنفيذ مشروعه السّياسي المسقط على مراحل، وتركيز برلمان مذيّل للسّلطة التنفيذيّة، إلى جانب السعي إلى التّضييق على المعارضين والصّحافيّين وترهيبهم بضرب الحريّات العامّة، وبالأخصّ حريّة التنظّم والتّعبير".
وأوضح "ائتلاف صمود" أنّ "القانون الانتخابي الجديد سيفرض انتخابات تشريعيّة غير قانونيّة، وسينبثق عنها مجلس غير شرعيّ"، مبيناً أنّ هذا "المرسوم عمّق من اختلال التّوازن بين السّلطات، وأقصى الأحزاب السّياسيّة وشرائح واسعة من الشّعب التّونسي، خاصّة المرأة والشّباب وحاملي الجنسيّات المزدوجة والكفاءات، كما أنّ المرسوم 55، المتعلّق بتنقيح القانون الانتخابي لسنة 2014، غير دستوريّ، لتناقضه مع الفصل 51 من دستور 17 أغسطس/ آب من عام 2022، الذي ينصّ على أنّ الدّولة تسعى إلى تحقيق التّناصف في المجالس المنتخبة".
وقال المنسق العام لـ"ائتلاف صمود"، حسام الحامي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّه "بعد مسار كامل من المساندة النقدية لمسار 25 يوليو/تموز، وخاصة مساندة مطالب الشعب التونسي المتمثلة في الدعوة إلى المحاسبة وفتح ملفات الفساد والإرهاب، وكذلك القيام بجملة من الإصلاحات السياسية، وتركيز دولة القانون التي تقوم على الديمقراطية، وتكون هي الضامنة للتعددية والتداول السلمي على السلطة وحماية الحقوق والحريات وإنقاذ البلاد من الأزمة الاقتصادية الخانقة، إلا أنّ مختلف هذه المطالب لم تتحقق، رغم أّنها كانت تتواتر وتتكرر في مختلف التحركات الاحتجاجية وفي الاعتصامات التي عرفتها البلاد".
وأضاف الحامي أنهم كانوا من "ضمن الذين ساندوا 25 يوليو/تموز، وطالبوا بهذه الإصلاحات عندما فعّل الرئيس الفصل 80، معتبرين أنه انخرط في هذا المسار".
وأضاف المتحدث ذاته أنّه "بصدور المرسومين 54 و55، أصبح واضحاً أنّ الرئيس لا يسعى لتحقيق هذه المطالب، وإنما إلى تنفيذ مشروعه الشخصي المسمى بالبناء القاعدي، وإلى تركيز نظام رئاسوي وضرب التعددية وتواجد الأحزاب، وحتى منظمات المجتمع المدني، ما قد يؤدي إلى تصحر المشهد، وتحويل المواطنين إلى مجرد رعايا".
وبين المنسق العام لـ"ائتلاف صمود" أنّ "البرلمان الجديد كما يريده الرئيس هو برلمان المحليات دون الاهتمام بالشأن العام والسياسات العامة للدولة، وكذلك السياسات الخارجية"، مؤكداً أنّ "الرئيس يريد أن تعود مختلف هذه المسائل إليه بالنظر لوحده"، كما أنّ "الخطر الكبير هو أن نحوّل انتقالاً ديمقراطياً متعثراً إلى منحى استبدادي أحادي رئاسوي".
ولفت إلى أنهم "يدعون إلى مقاطعة الانتخابات، لأنها غير قانونية وغير شرعية، بما أنّ المرسوم الصادر لا يحترم الدستور الذي وضعه الرئيس بنفسه"، مبيناً أنّ "الدستور ينص على احترام الدولة للتناصف في المجالس المنتخبة، ولكن لم يتم اتخاذ أي قرارات في ذلك، بالتالي فالانتخابات ونتائجها غير شرعية، ويجب على السلطة التراجع عنها بإلغائها أو تأجيلها وإنقاذ الانتقال الديمقراطي في تونس".
ويرى الناطق الرسمي باسم "ائتلاف صمود"، زهير البازي، أنّ "دوافع اتخاذ هذا الموقف هما المنحى الفردي لرئيس الجمهورية، وعدم إنصاته لأي رأي آخر"، مضيفاً، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنهم "رأوا في 25 يوليو/تموز نتيجة طبيعية لنضالات النخبة التونسية، وعدة أطياف في مراحل مختلفة، منها في شهر يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط من عام 2021، حيث حصلت احتجاجات ليلية، وخرجت فئات غاضبة للتعبير عن رفضها للمنظومة التي حكمت بعد الثورة طيلة 10 سنوات، وكانوا يعتقدون أنّ 25 يوليو/تموز سيكون خطوة لتصحيح المسار والمحاسبة، وخطوة نحو فتح الملفات، لكن ثبت بما لا يدع أي مجال للشك أنها كانت عند الرئيس خطوة أولى لإزاحة منظومة، ثم تثبيت مشروعه الشخصي في سبيل إقرار نظام رئاسوي مطلق".
وأفاد البازي بأنه "تم الانحراف بالمسار، والدستور مكتوب بنفَس فردي مطلق (...) كل هذا لتثبيت المشروع الشخصي للرئيس"، مؤكداً أنّ "جمع التزكيات لم يخل من تجاوزات وصعوبات، في الوقت الذي كان يجب أنّ يُحيي القانون الانتخابي المسار الديمقراطي ويحافظ على المكاسب، والبرلمان القادم سيكون صورياً".