خلايا "داعش" تنشط مجدداً في شمال شرق سورية

خلايا "داعش" تنشط مجدداً في شمال شرق سورية

11 فبراير 2024
عناصر من "قسد" بدير الزور، سبتمبر الماضي (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

لم تمضِ سوى أيام على انتهاء الحملة الأمنية التي قامت بها "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في مخيم الهول في ريف الحسكة، الذي يضم عائلات مسلحين من تنظيم "داعش"، حتى زادت وتيرة الهجمات التي تشنها خلايا التنظيم على أهداف ومواقع "قسد".

وذكرت شبكات إخبارية محلية أن خلايا تابعة لتنظيم "داعش" شنت ليل الجمعة - السبت هجمات على مواقع لـ"قسد" بدير الزور، شرقي سورية، من بينها نقاط تفتيش ومقار عسكرية في عدة بلدات في المنطقة التي تشهد منذ عدة أشهر صداماً بين "قسد" وبعض عشائر المنطقة.

وقُتل خمسة عناصر من "قسد"، أول من أمس الجمعة، ضمن نقطة عسكرية في بلدة الشعفة بريف دير الزور الشرقي. ورجحت مصادر محلية أن يكون تنظيم "داعش" مسؤولاً عن هذه العملية التي تعد الـ30 من نوعها في مناطق سيطرة "قسد" منذ مطلع العام الحالي، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.

واغتيل منذ أيام موظف في هيئة "الدفاع الذاتي" التابعة لـ"الإدارة الذاتية" بالرصاص أثناء وجوده برفقة عائلته بالقرب من منزله بحي المفتي في مدينة الحسكة، حيث أطلق مسلحان يستقلان دراجة نارية، يُعتقد أنهما من خلايا التنظيم، الرصاص عليه.

ملاحقة خلايا "داعش"

وتأتي عمليات التنظيم في شمال شرق سورية بعد نحو أسبوع من حملة قامت بها "قسد" بالاشتراك مع "الأسايش" (قوات الأمن الداخلي الكردية) و"وحدات حماية المرأة"، بدعم من قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وذلك بهدف ملاحقة خلايا "داعش" في مخيم الهول، الذي يضم عائلات من التنظيم بريف محافظة الحسكة الشرقي، شمال شرقي سورية.

وصادرت هذه القوات أسلحة من مختلف الأنواع ومواد مخدرة، في المخيم الذي تدل المعطيات على أن خلايا التنظيم تسيطر عليه وتنفذ عمليات اغتيال واسعة ضمن صفوف المقيمين فيه.


فراس علاوي: "قسد" تستخدم قتال "داعش" ورقة ضغط على التحالف الدولي 

وكانت "قسد" قتلت قبل أيام في ريف الحسكة قيادياً بارزاً في التنظيم هو المدعو محمود اللهيبي، الملقب بـ"أبو سفيان". وذكرت شبكة "فرات بوست" المحلية أن "قسد" عثرت على أسلحة ووثائق بحوزة الأشخاص الذين تم اعتقالهم في المخيم، وبناءً على ذلك، فقد توصلت إلى مكان وجود "أبو سفيان"، وقامت بقتله.

وكان اللهيبي المسؤول عن عمليات الاغتيال في مخيم الهول، وهو من الجنسية العراقية، كما أنه متهم بعمليات اغتيال وخطف في المخيم، وكان يقطن في القطاع الثالث المخصص للاجئين العراقيين قبل أن يتوارى عن الأنظار لاحقاً، وفق ذات الشبكة.

وتعتبر حادثة قتل اللهيبي الثانية من نوعها لقتل قادة "داعش" المسؤولين عن مخيم الهول، بعد حادثة قتل "أبو عبيدة"، وزوجته في القاطع الخامس منذ نحو شهرين، والتي نفذتها "قسد" أيضاً، بعد استجواب عناصر من التنظيم كانوا على صلة بالقتيل المذكور.

وتدير "الإدارة الذاتية" التابعة لـ"قسد"، المخيم الواقع جنوب شرقي محافظة الحسكة، بنحو 50 كيلومتراً، غير بعيد عن الحدود السورية العراقية. وتحول بدءاً من عام 2017 إلى ملاذ لعائلات مسلحي تنظيم "داعش" في ذروة الحملة عليه في سورية والعراق.

وكانت منظمات إنسانية دولية قد حذرت مراراً من مصير مجهول يواجه آلاف الأطفال الموجودين في المخيم، الذين تعرّض عدد منهم لعمليات تصفية على يد خلايا "داعش" الناشطة فيه. ويعتبر مخيم الهول، أكبر المخيمات وأكثرها سوءاً داخل الأراضي السورية، ويشكل اللاجئون العراقيون العدد الأكبر من قاطنيه.

ورأى مدير مركز "الشرق نيوز" فراس علاوي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن سبب ازدياد وتيرة الهجمات من قبل التنظيم في شمال شرق سورية مرده الى "الفوضى الأمنية وعدم قدرة قسد على ضبط الأوضاع في ريف دير الزور ولا سيما بعد صدامها مع عشائر المنطقة".

وأبدى اعتقاده أن "قسد" تستخدم قتال خلايا "داعش" ورقة ضغط على التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن "تراجع نفوذ المليشيات الإيرانية في البادية السورية بسبب الضربات الجوية الأميركية والإسرائيلية سبب لازدياد وتيرة العمليات التي يقوم بها التنظيم"، مضيفاً: فصل الشتاء هو المفضل لدى خلايا التنظيم لشن هجمات، خصوصاً ضد قوات النظام في البادية مترامية الأطراف.

من الشمال الشرقي إلى البادية

ولم يقتصر نشاط تنظيم "داعش" على الشمال الشرقي من سورية، بل زاد أيضاً في البادية السورية، معقله البارز، ضد قوات النظام والمليشيات المساندة لها خلال الأسبوع الماضي. وهو ما استدعى تدخلاً جوياً من المقاتلات الحربية الروسية التي نفذت خلال الأيام الماضية ضربات ضد مواقع يُعتقد أن خلايا التنظيم تتوارى فيها، في بادية الرصافة بريف الرقة وفي بادية دير الزور.


عبد السلام عبد الرزاق: الظروف الجوية تساعد "داعش" على القيام بعملياته

ورأى المحلل العسكري النقيب عبد السلام عبد الرزاق، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "حرب غزة وتداعياتها والاستهداف المتبادل بين مليشيات إيران والتحالف الدولي شرقي سورية ألقت بظلالها على المشهد"، مضيفاً أن ما يجري في المنطقة أربك كما يبدو أعداء التنظيم، مما سمح له باستعادة نشاطه سواء في شمال شرق سورية أو في البادية، فضلاً عن أن الظروف الجوية تساعد خلايا "داعش" على تنفيذ عمليات، خصوصاً في البادية ضد قوات النظام والمليشيات الإيرانية.

وحول علاقة هذه العمليات بما جرى في مخيم الهول من حملة لقوات "قسد"، اعتبر عبد الرزاق أن التنظيم "لا يعمل بمبدأ الانتقام"، مضيفاً: خلاياه جاهزة دائماً حين تسمح لها الظروف للقيام بعمليات، ولكن ربما أسهمت الحملة في تسارع وتيرة هذه العمليات ضد مواقع وعناصر "قسد" في شمال شرق سورية.

المساهمون