تصعيد متزايد على حدود غزة... تأكيد لوحدة الساحات

24 سبتمبر 2023
حدود قطاع غزة، أول من أمس الجمعة (علي جاد الله/الأناضول)
+ الخط -

تصاعدت وتيرة الأحداث التي تشهدها الحدود الشرقية لقطاع غزة مع الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال الأسبوعين الأخيرين، بعدما تزايدت حدة التظاهرات التي تنظمها بشكل يومي وحدات "الشباب الثائر"، وهي مجموعات شبابية محسوبة على الفصائل الفلسطينية، ما يعيد إلى الأذهان فترة مسيرات العودة الكبرى.

وتشهد هذه التظاهرات إشعال الإطارات قرب السياج الحدودي الذي يفصل المناطق الشرقية للقطاع عن الأراضي المحتلة، فضلاً عن تفجير عبوات ناسفة قرب الجدار والسياج، فيما تقوم قوات الاحتلال الإسرائيلي بإطلاق الرصاص الحي والغاز السام بكثافة تجاه المشاركين في التظاهرات.

وخلال الأيام الأخيرة، أعادت هذه الوحدات تفعيل خيارات أخرى غير التظاهرات الحدودية، من خلال تفعيل البالونات الحارقة تجاه مستوطنات غلاف غزة، بالإضافة إلى وحدات قص السلك الحدودي إلى جانب فعاليات الإرباك الليلي، وهي أنشطة كانت معروفة خلال فترة مسيرات العودة في الفترة ما بين 2018 ونهاية 2019.

ولم تعلن الفصائل الفلسطينية في غزة، بما في ذلك حركة حماس التي تدير شؤون القطاع، عن تفعيل المسيرات بشكلٍ رسمي، باستثناء الإعلان الأولي الصادر قبل نحو شهر عن الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة بتحضير منطقة الخيام من جديد.

وتقتصر الدعوات الرسمية اليومية لهذه التظاهرات على الإشارة إلى أنها تأتي في إطار الاحتجاج على الانتهاكات الإسرائيلية بحق المسجد الأقصى، في ظل موسم الأعياد اليهودية المتواصل حتى منتصف شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل من دون الإشارة إلى القطاع بشكلٍ رسمي.

إلا أن بعض المراقبين يربطون عودة التظاهرات الاحتجاجية على الحدود الشرقية للقطاع بحالة التضييق الإسرائيلية على النواحي الاقتصادية لغزة، ما انعكس بالسلب على الظروف المعيشية، التي تتضح في انخفاض نسبة صرف رواتب موظفي حكومة "حماس".


إسماعيل رضوان: الاحتلال يتحمّل كامل التداعيات المترتبة عن استفزاز الشبان الثائر على الحدود الشرقية للقطاع

وبالتوازي مع ذلك، فإن لحدة التهديدات الإسرائيلية التي أطلقتها بتنفيذ اغتيالات في صفوف قيادات "حماس"، لا سيما بعد موجة العمليات في الضفة الغربية المحتلة خلال الفترة الماضية، دوراً في عودة هذا الفعل الشعبي بهذه الوتيرة غير المسبوقة منذ عامين.

في المقابل، فإن الاحتلال عمد خلال الأيام الأخيرة إلى إغلاق حاجز بيت حانون/إيرز، شمالي القطاع، أمام انتقال العمال إلى الأراضي المحتلة، فضلاً عن عمليات قصف جرت لبعض المراصد التابعة لـ"كتائب القسام"، الذراع العسكرية لحركة حماس.

في الوقت ذاته، فإن "حماس" تبدو هي من تتحكم في وتيرة المشهد بشكلٍ أساسي، خلافاً لما كان يحصل خلال فترة مسيرات العودة الكبرى، التي كانت تتم من خلال الهيئة الوطنية العليا للمسيرات، التي كان ينضوي فيها ممثلون عن فصائل فلسطينية أخرى.

تثبيت معادلة وحدة الساحات

في الأثناء، يقول القيادي في "حماس" إسماعيل رضوان إن هذه الأنشطة التي تشهدها المناطق الشرقية للقطاع تندرج في إطار تثبيت معادلة وحدة الساحات وتشابك غزة مع الضفة الغربية والقدس المحتلتين، في ضوء تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى.

ويضيف رضوان في حديثٍ لـ"العربي الجديد" أن الاحتلال يتحمّل مسؤولية أي تصعيد قد تشهده المنطقة، وأن عليه الحذر من ارتكاب أي حماقة بحق المسجد الأقصى، من خلال سعيه الدائم لفرض التقسيم الزماني والمكاني وصولاً إلى هدم المسجد وبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه.

ويشير رضوان إلى أن الاحتلال يتحمّل كامل التداعيات المترتبة عن استفزاز الشبان الثائر على الحدود الشرقية للقطاع، لا سيما مع استمرار الحصار الإسرائيلي وحالة التضييق على القطاع، وهو الأمر الذي قد يذهب بالمنطقة إلى تصعيد خطير مع استمرار حالة التصعيد على مختلف المناطق الفلسطينية.

ويشدّد القيادي في "حماس" على أن الأحداث التي تشهدها الحدود الشرقية للقطاع لا تقتصر فقط على مشهد غزة، بل مرتبطة بالحالة الفلسطينية المتعلقة بالقدس والضفة والأسرى، علاوة على أن غزة ليست بحاجة لأن تثبت ارتباطها بالقضايا الوطنية.

وعن إمكانية ذهاب الأمور نحو التصعيد الميداني العسكري، يؤكد رضوان أن المقاومة الفلسطينية ستكون سنداً ودرعاً لكل الشعب الفلسطيني، وأن سلوك الاحتلال الإسرائيلي هو الذي سيحدد طبيعة المشهد خلال الفترة المقبلة على الصعيد الميداني في ضوء الأحداث الحالية.

من جهته، يشدد عضو اللجنة المركزية العامة لـ"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" إياد عوض الله على أن ما يحصل على الحدود الشرقية للقطاع يندرج في إطار المواجهة المفتوحة وحالة الاشتباك الدائمة مع الاحتلال، التي تستهدف إفشال المشاريع الإسرائيلية سواء في غزة أو الضفة والقدس.

ويقول عوض الله، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، إن الحالة القائمة من الوارد أن تذهب إلى مزيد من التصعيد خلال الفترة القليلة المقبلة عبر توجيه ضربات للقطاع، كون الاحتلال سبق أن هدد أكثر من مرة بهذا الأمر، في إطار محاولاته لزعزعة قدرات المقاومة وتدميرها في غزة.


إياد عوض الله: الحالة القائمة من الوارد أن تذهب إلى مزيد من التصعيد خلال الفترة القليلة المقبلة

ويشير عوض الله إلى أن الواقع الحالي يستهدف، إسرائيلياً، القضاء على الحاضنة الشعبية للمقاومة من خلال سياسة الحصار المفروضة على القطاع منذ سنوات، بغرض إفقار الشعب الفلسطيني وتدمير مقومات الصمود الاقتصادية والاجتماعية بشكلٍ مباشر.

ويرى أن ما يحصل يندرج في إطار المواجهة بكافة أشكال المقاومة وضمن محاولة إرسال رسائل للاحتلال، سواء كان ما يحصل بغطاء فصائلي رسمي أو شعبي، بالإضافة إلى توجيه رسائل إلى المجتمع الدولي بضرورة التدخل للتصدي للاحتلال وممارساته في غزة ومختلف المناطق.

تصعيد متزايد على حدود غزة

ويبدي عوض الله اعتقاده أن المشهد خلال الأيام المقبلة سيبقى مرهوناً بسلوك الاحتلال الذي قد يدفع باتجاه أن تكون الأمور مفتوحة على تصعيد أكبر، خصوصاً مع اتساع رقعة المشاركة الجماهيرية في الفعاليات الحدودية التي تشهدها المناطق الشرقية للقطاع خلال الأيام المقبلة.

وسبق أن توصلت الفصائل الفلسطينية إلى تفاهمات برعاية قطرية وأممية ومصرية، أوقفت بموجبها مسيرات العودة وفعالياتها بشكلٍ تدريجي، مقابل تسهيلات مالية واقتصادية متنوعة شملت السماح لقرابة 20 ألف عامل بالعمل داخل الأراضي المحتلة، بالإضافة للمنحة المالية، عدا عن تشغيل محطة توليد الكهرباء.

وشهد أول من أمس الجمعة عودة البالونات الحارقة لاستهداف الأراضي القريبة من الشريط الحدودي للمرة الأولى منذ سبتمبر/أيلول 2021، أي منذ عامين، وهو ما يعكس حالة التصعيد تجاه المشهد القائم خلال الآونة الأخيرة.

ويشير الكاتب مصطفى الصواف إلى أن ما يحصل حالياً يأتي في سياق تصاعد وتيرة الحصار الإسرائيلي على القطاع، إلى جانب الممارسات الإسرائيلية في القدس والضفة الغربية المحتلة ورغبة الفصائل في التأكيد على وحدة الميدان.

ويقول الصواف في حديثٍ لـ"العربي الجديد" إن هناك رغبة لدى الشبان في توجيه رسائل إلى المجتمع الدولي بشأن استمرار الحصار وضرورة رفعه، مع عودة التضييق بشكلٍ واضح خلال الفترة الأخيرة وغياب التحركات الدولية من أجل التخفيف من وطأة الأزمات عن أكثر من 2.3 مليون نسمة.

ويوضح الصواف أن استمرار الاحتلال في ممارساته وتجاهل الحالة القائم سيدفع نحو تقريب التصعيد الشامل في المنطقة، وسيسهم في تقريب لحظة الانفجار في وجه الاحتلال مع تصاعد حالة الضغط الذي تمارسه السلطات الإسرائيلية في مختلف المناطق الفلسطينية.

طلاب وشباب
التحديثات الحية