تركيا والنظام السوري والتطبيع

تركيا والنظام السوري والتطبيع

09 ابريل 2023
تريد الحكومة التركية سحب ورقة اللاجئين السوريين من المعارضة (عبد العزيز كتاز/فرانس برس)
+ الخط -

بعد تعنّت وشروط شبه تعجيزية وضعها النظام السوري للاستمرار في مفاوضات التطبيع بينه وبين تركيا، برعاية روسية-إيرانية، عادت عجلة مفاوضات التطبيع للسير بخطى تبدو أكثر تسارعاً، بعد لقاء معاوني وزراء الخارجية لكل من تركيا والنظام السوري، بالإضافة إلى إيران، وروسيا، يومي الإثنين والثلاثاء الماضيين.

وتضمن اللقاء تحضيرات لاجتماع آخر على مستوى وزراء الخارجية للدول الأربع، أعلن وزير الخارجية الروسي أنه سيعقد بعد نحو عشرة أيام من الاجتماع الأول.

ويعني ذلك استجابة روسية للاستعجال التركي بدفع المسار التطبيعي مع النظام الذي تراجع عن شروطه التي كان أعلن عنها على لسان أكثر من مسؤول، بمن فيهم رئيس النظام بشار الأسد. ويأتي في مقدمة هذه الشروط وضع جدول زمني للانسحاب التركي من الأراضي السورية.

فأنقرة التي تبدو الأكثر استعجالاً في دفع عجلة التطبيع مع النظام، تريد حكومتها الحالية سحب ورقة اللاجئين السوريين في تركيا وتطبيع العلاقات مع بشار الأسد من يد المعارضة، التي ستخوض معها انتخابات رئاسية مصيرية في الشهر المقبل.

ويتوافق التطبيع التركي السوري مع المساعي الروسية بتعويم النظام دولياً، فيما يضغط على "قوات سوريا الديمقراطية" التي تستخدم اتفاقها مع النظام لمواجهة التهديدات التركية.

أما النظام الذي يُبدي تصلّباً ظاهرياً في موضوع التطبيع مع تركيا بسبب سيطرتها العسكرية على مساحات واسعة من الأراضي السورية، ودعمها للمعارضة التي تحارب النظام، إلا أنه عملياً المستفيد الأكبر من فتح هذا المسار التفاوضي، الذي يقدم فرصة ذهبية له في طريق استعادة شرعيته عربياً وإقليمياً، ويدعم ويسرّع من مسار انفتاحه على محيطه العربي.

كما أنه بالمقابل يشكّل ضربة قاصمة للمعارضة السورية، سياسياً وعسكرياً، كون تركيا الداعم الرئيسي للمعارضة، وكونها تشكل المنفذ الوحيد لمناطق سيطرة المعارضة على العالم الخارجي. كما أن هذا المسار من شأنه أن يعزز من أوراق النظام التفاوضية مع "قوات سوريا الديمقراطية"، ويقلّص من خياراتها.

ويجعل هذا الأمر من مسار التطبيع بين تركيا والنظام حاجة آنية للطرفين قد تنتفي معظم مبرراتها بالنسبة للجانب التركي في حال استطاع استثمارها لتمرير الانتخابات الرئاسية الشهر المقبل، خصوصاً أن هذا المسار لا يزال يصطدم برفض من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة اللذين يعتبران أن حل القضية السورية عبر حل سياسي يقوم على قرار مجلس الأمن 2254.

ولكن رغم عدم توافر الإرادة السياسية الفعلية لدى الغرب حتى اللحظة بتطبيق مخرجات هذا القرار، إلا أن واشنطن وبعض الدول الغربية لا تزال تعارض التطبيع مع النظام وتعتمد مبدأ العقوبات عليه، ما من شأنه الحد من مفاعيل التطبيع معه.

المساهمون