ترامب بعد مغادرة البيت الأبيض: صمت وغولف وتحضير للمساءلة

ترامب بعد مغادرة البيت الأبيض: صمت وغولف وتحضير للمساءلة

30 يناير 2021
أمضى ترامب معظم وقته يلعب الغولف (تاسوس كاتوبوديس/Getty)
+ الخط -

تستقر الولايات المتحدة على حقبة جديدة بقيادة جو بايدن، الذي لا يزال يرتب إدارته وتوجهاتها وسياساتها، بعدما ميّزت الفوضى حقبة سلفه دونالد ترامب، الذي ابتعد منذ مغادرته البيت في 20 يناير/ كانون الثاني الحالي عن الأضواء والتزم الصمت، في حالة لم يعتدها الأميركيون بعد سنوات من تصدره الأخبار جراء قراراته وآرائه وتصرفاته المثيرة للجدل، حتى قبل أن يكون رئيساً، عندما كان نجم تلفزيون الواقع. وبعدما كان يغرّد ليلاً ونهاراً، يبدو أنّ طرده من منصات وسائل التواصل الاجتماعي كان له دور في هذا الصمت. لكنّ ذلك لا يعني أنّ الرئيس السابق غير مهتم بوضعه الحالي، خصوصاً أن أمامه محاكمة تنطلق في مجلس الشيوخ في الثامن من فبراير/ شباط الماضي، وهو يركّز مع محاميه ومساعديه على هذا الأمر، فضلاً عن ممارسة هوايته المفضلة بالطبع: لعب الغولف. في الأثناء، كسر اللقاء الذي جمع ترامب بزعيم الجمهوريين في مجلس النواب كيفين مكارثي حالة الجمود التي خيّمت على نشاط الرئيس السابق في الأيام الأخيرة، لا بل إنّ ما تضمنه اللقاء يؤشر إلى استمرار تأثير ترامب على معسكره الجمهوري، على الرغم من الانتقادات الشديدة لدوره في الهجوم الدموي على الكابيتول يوم السادس من يناير الحالي.

لقاء بين ترامب وزعيم الجمهوريين بمجلس النواب يؤشر إلى استمرار تأثيره على معسكره

والتقى ترامب بمكارثي أول من أمس، الخميس، في مقرّ إقامته الفاخر بفلوريدا. وفي بيان، قالت "سايف أميركا" (أنقذوا أميركا)، وهي لجنة عمل سياسية مقربة من ترامب، إنّ الفوز على الديمقراطيين في مجلس النواب عام 2022، كان الموضوع الرئيسي للاجتماع في نادي ترامب في مارالاغو في بالم بيتش بفلوريدا. واعتبرت أنّ "شعبية الرئيس ترامب لم تكن يوماً أقوى ممّا هي عليه اليوم، ودعمه له أهمية أكثر ربما من أي وقت مضى".

ومكارثي، الحليف الذي دافع عن مزاعم ترامب التي لا أساس لها بحصول تزوير في الانتخابات الرئاسية، كان قد نأى بنفسه في وقت لاحق عن الملياردير الجمهوري بعدما اتُهم ترامب بأنه شجّع مؤيدين له على اقتحام الكابيتول. وأعلن مكارثي أنّ جو بايدن هو الفائز في انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وأنّ ترامب "يتحمّل المسؤولية عن الهجوم على الكونغرس".

لكن يوم الخميس بدا كأنّ مكارثي تقرّب مجدداً من ترامب، وقد ظهر الرجُلان يبتسمان من دون وضع كمامات. وكتب مكارثي في بيان: "اليوم (الخميس)، تعهّد الرئيس ترامب بمساعدة الجمهوريين في مجلسَي النواب والشيوخ عام 2022" خلال الانتخابات المقبلة. وأضاف "ستُعزّز الحركة المحافظة الموحَّدة أواصر مواطنينا وتدعم الحريات التي تأسست عليها بلادنا".

من جهتها، أعربت النائبة الديمقراطية كاثرين كلارك عن صدمتها من أنّ مكارثي يُعيد التحالف مع ترامب بعد الهجوم "المثير للفتنة" الذي شهده الكابيتول. وبدا، الأربعاء، أن إفلات ترامب من الإدانة بات أكثر ترجيحاً بعدما أشار جميع أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين تقريباً إلى أنهم يعارضون محاكمته، وتعززت الجهود الرامية إلى توجيه اللوم له بعد نهب مبنى الكابيتول. وأقر السيناتور الديمقراطي تيم كاين، الأربعاء، بأنّ تبرئة ترامب أمر محتمل جداً، قائلاً إنه يُعد بدلاً من ذلك قراراً من الحزبين لتوجيه اللوم إلى الرئيس السابق. حتى أنّ بايدن قال قبل أيام، إنه لا يعتقد بأنّ ترامب سيُدان في مجلس الشيوخ.

لكن ذلك لا يعني أن ترامب غير مهتم بمساءلته في مجلس الشيوخ وإن كان يمكنه الاسترخاء قليلاً بعد هذه الأجواء التي تأتي لمصلحته. وفي السياق، قالت مجلة "بيبول" الأميركية نقلاً عن مصادر مقربة من الرئيس السابق، إنه أمضى أسبوعه الأول خارج البيت الأبيض في لعب الغولف والتحضير للمساءلة.

وعلى الرغم من بعض التقارير التي أفادت بأن ترامب ناقش فكرة إنشاء حزب سياسي جديد، وهو أمر قيل إنه تراجع عنه، قال مصدر سياسي في فلوريدا، لـ"بيبول"، إنّ الرئيس الذي واجه إجراءات العزل مرتين، كان أكثر اهتماماً بموضوع المساءلة. وقال المصدر: "ترامب ليس سعيداً، ومتشوقاً لإيجاد طرق لمعاقبة من يعتقد أنهم ظلموه في الانتخابات". وأضاف "سيقضي الأيام المقبلة في العمل على مسألة المحاكمة والاستماع إلى المستشارين بشأن مجموعة متنوعة من القضايا. أعتقد أنه سيمرّ بعض الوقت قبل أن يقرر خطواته التالية".

يركز ترامب اهتمامه على موضوع المساءلة بمجلس الشيوخ

وقال مصدر آخر مقرّب من ترامب للمجلة الأميركية، إنّ الأخير يركز على مسألة الدفاع عن نفسه في المساءلة، بعدما اتهمه مجلس النواب بالتحريض على التمرد، بعدما هاجم مناصروه مبنى الكونغرس في محاولة لعرقلة التصديق على فوز جو بايدن في السادس من يناير الحالي.

وتجري كل هذه التحضيرات للمساءلة بعيداً عن الأعين، ويمكن القول إنها الفترة الأولى من الخصوصية لترامب، ليس فقط منذ إطلاق حملته للانتخابات الرئاسية في عام 2015، ولكن منذ عقود. ولم يتم رصد نجم تلفزيون الواقع السابق و"المغناطيس الإعلامي"، بحسب وصف مجلة "بيبول"، إلا بشكل عابر في الأسبوع الذي أعقب خروجه من البيت الأبيض. فقد رصدته عدسات المصورين بشكل خاص وهو يلعب الغولف في اليوم التالي لوصوله إلى فلوريدا وفي عطلة نهاية الأسبوع الماضي، كما شوهد، الأربعاء الماضي، يعود إلى ناديه للغولف في مارالاغو.

ويبدو أن ترامب بدأ يتأقلم مع وضعه الجديد كرئيس سابق، وهو ما تشير إليه الخطوة التي أقدم عليها، يوم الإثنين الماضي، عندما أرسل لوسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني إعلاناً يعلمها فيه بإطلاق "مكتب الرئيس السابق"، والذي سيتولى إدارة الإعلانات حول عمله في المستقبل. وأشار إلى أنه سيحتفظ مع السيدة الأولى السابقة ميلانيا ترامب ببعض المساعدين لمواصلة عملهم بعد البيت الأبيض. ومن بين هؤلاء جيسون ميلر، كبير مستشاري حملة ترامب الانتخابية، ومارسيا لي كيلي، التي عملت في الجناح الشرقي من البيت الأبيض، وكانت السيدة الأولى السابقة قد جاءت بها إلى البيت الأبيض في إبريل/ نيسان الماضي.
(العربي الجديد، فرانس برس)