ترامب... أسلوب متهوّر في التعامل مع المعلومات الاستخباراتية السريّة

ترامب... أسلوب متهوّر في التعامل مع المعلومات الاستخباراتية السريّة

13 اغسطس 2022
عُثر على عدد من الوثائق السريّة للغاية في منزل ترامب (جيورجيو فييرا/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت وثائق قضائية، نُشرت الجمعة، أن عناصر مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف. بي. آي) عثروا على عدد من الوثائق السريّة للغاية خلال عملية دهم منزل الرئيس السابق دونالد ترامب في فلوريدا.

وكانت العملية آخر حلقة ضمن سلسلة اتهامات للرئيس السابق بالتهور وانتهاك معلومات سريّة.

موقع صاروخي إيراني

حظي ترامب بصفته رئيساً السلطة التي تتيح له نزع سرية المعلومات، لكن بعض تصرّفاته شكّلت صدمة لدوائر الاستخبارات الأميركية. وفي 30 أغسطس/آب 2019، كشف في تغريدة عمّا يُعتقد بأنه صورة سرية عالية الدقة لموقع إطلاق صواريخ إيراني. وقال ترامب في التغريدة: "لم تكن الولايات المتحدة الأميركية متورطة في أي حادث كارثي خلال التحضيرات النهائية لإطلاق الصاروخ سفير، الذي يحمل قمراً اصطناعياً من موقع سمنان في إيران".

استخبارات إسرائيلية

في العاشر من مايو/أيار 2017، التقى ترامب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والسفير سيرغي كيسلياك بالمكتب البيضاوي في البيت الأبيض. وخلال الاجتماع، أبلغ ترامب المسؤولَين الروسيَّين عن معلومات استخباراتية تلقتها الولايات المتحدة من دولة حليفة في الشرق الأوسط عن خطة لتنظيم داعش. وتبيّن أن المعلومات الاستخباراتية السريّة كانت من إسرائيل التي انزعجت من كشف ترامب عنها، بحسب معلومات نشرتها وسائل إعلام.

موقع للغواصات النووية

في إبريل/نيسان 2017، أبلغ ترامب الرئيس الفيليبيني رودريغو دوتيرتي بأن غواصتين نوويتين أميركيتين موجودتان قبالة سواحل كوريا الشمالية، متباهياً بـ"قوة نارية كبيرة"، بحسب نص المكالمة الذي نشرته الفيليبين. ونادراً ما تكشف وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) مواقع غواصاتها التي تُعدّ أساسية لقوة الدفاع الاستراتيجية الأميركية.

أسلحة نووية سريّة

في مقابلة عام 2019، تحدث ترامب للكاتب بوب وودوارد عن إمكانيات نووية أميركية غير معروفة، وهو أمر كان إما معلومات غير دقيقة هدفها التباهي أو معلومات سريّة للغاية. وقال ترامب لوودوارد: "أنشأتُ نظاماً نووياً وللأسلحة لم يملك أي أحد مثله في هذا البلد من قبل". وأضاف: "لدينا معدات لم يسمع بها (فلاديمير) بوتين وشي (جين بينغ) من قبل".

تفاصيل عملية للقوات الخاصة

بعدما قُتل زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي في عملية أميركية في سورية أكتوبر/تشرين الأول 2019، كشف ترامب، في إطار تباهيه بالهجوم، عن تفاصيل عديدة يتحفّظ البنتاغون عليها عادة، مثل عدد المروحيات التي شاركت، وكيفية دخول عناصر القوات الخاصة إلى مقر إقامة البغدادي. كما كشف عن أن الولايات المتحدة حصلت على معلومات استخباراتية بفضل استخدام تنظيم داعش الهواتف والإنترنت.

وقال قائد العمليات الخاصة السابق مايكل ناغاتا، لموقع "بوليتيكو"، إن المعلومات "يمكن أن تساهم في هندسة مضادة لأساليبنا الاستخباراتية من قبل العدو".

سرية مع بوتين

أخفى ترامب في الوقت ذاته معلومات استخباراتية عن مديري أجهزة الاستخبارات في بلاده. في يوليو/تموز 2018، لم يخفِ مدير جهاز الاستخبارات الوطنية دان كوتس مفاجأته، خلال منتدى آسبن للأمن، عندما قال له المقدم الذي يدير الحوار إن البيت الأبيض نشر تغريدة تفيد بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تلقى دعوة لزيارة واشنطن. وقال كوتس: "هل لك أن تكرر ذلك؟". وأفاد كوتس بأنه لم يبلغ بفحوى النقاش الذي دار بين ترامب والرئيس الروسي والذي استمر ساعتين. وقال: "لا أعرف ما الذي حصل في هذا الاجتماع".

"كابوس" أمني

إلى ذلك، قال عدد من خبراء الأمن إن الوثائق السرية المصادرة تسلّط الضوء على مخاوف الأمن القومي المستمرة التي يشكلها الرئيس السابق ومنزله الذي أطلق عليه اسم البيت الأبيض الشتوي.

وقالت ماري ماكورد، المسؤولة السابقة بوزارة العدل، إن مذكرة التفتيش الصادرة عن وزارة العدل تثير مخاوف متعلقة بالأمن القومي، مضيفة "من الواضح أنهم اعتقدوا أن استعادة هذه المواد إلى فضاء آمن أمر مهم جدا... حتى مجرد الاحتفاظ بوثائق سرية للغاية في مخزن غير لائق يخلق تهديدا كبيرا للأمن القومي، لا سيما بالنظر إلى مارآلاغو (إقامة ترامب) التي يرتادها زوار أجانب وغيرهم ممن قد يكون لهم صلات بحكومات أجنبية ووكلاء أجانب".

وقال ترامب، في بيان على منصته للتواصل الاجتماعي، إن السجلات "رُفعت عنها السرية" ووضعت في "مخزن آمن".

غير أن ماكورد قالت إنها لا ترى "مبررا معقولا لقراره الواعي برفع السرية عن كل (وثيقة) منفردة منها قبل رحيله". وأضافت أنه بعد رحيله عن المنصب، لم يعد لديه القدرة على رفع السرية عن المعلومات.

وقال ضابط سابق في المخابرات الأميركية "بيئة التعامل الحذر مع المعلومات بالغة السرية مخيفة جدا... إنها كابوس".

ولم تُقدّم وزارة العدل معلومات محددة حول كيفية ومكان تخزين المستندات والصور، ولكن جرى توثيق نقاط الضعف العامة للمنتجع بشكل جيد.

وفي إحدى الوقائع البارزة، اجتمع ترامب في عام 2017 مع رئيس الوزراء الياباني آنذاك شينزو آبي على مائدة عشاء في الهواء الطلق، بينما كان الضيوف يتحركون في القرب ويسمعون ويلتقطون الصور التي نشروها لاحقا على "تويتر".

وتخلل العشاء تجربة صاروخية لكوريا الشمالية، وكان الضيوف يسمعون بينما كان ترامب وآبي يفكران فيما سيقولان ردا على ذلك. وبعد إصدار بيان، حضر ترامب حفل زفاف في نادي المنتجع.

وقال مارك زيد، المحامي المتخصص في قضايا الأمن القومي "ما رأيناه هو أن ترامب كان متساهلا في الأمن لدرجة أنه كان يعقد اجتماعا حساسا بشأن موضوع حرب محتمل في مكان يمكن فيه لموظفين حكوميين غير أميركيين المراقبة والتصوير... كان من السهل أن يكون بحوزة أحدهم أيضا جهاز يتنصت به على ما كان يقوله ترامب ويسجله أيضا".

وأنشأ مساعدون في البيت الأبيض غرفة آمنة في مارآلاغو لإجراء المناقشات الحساسة. كان هذا هو المكان الذي قرر فيه ترامب شن غارات جوية على سورية لاستخدامها أسلحة كيماوية في إبريل/ نيسان 2017.

وجرى اتخاذ هذا القرار بينما كان ترامب يستعد لتناول العشاء مع الرئيس الصيني الزائر شي جين بينغ. وعندما كان يتناول قطعة من كعكة الشوكولاتة، أبلغ ترامب شي بالضربات الجوية.

وفي عام 2019، قالت السلطات إنها ألقت القبض على امرأة صينية اجتازت نقاط التفتيش الأمنية في المنتجع، بينما كان في حوزتها وحدة ذاكرة عليها برمجيات "ضارة"، واتهمتها بدخول ملكية خاصة محظورة، والإدلاء بمعلومات كاذبة للمسؤولين.

وبادر جون كيلي، رئيس موظفي البيت الأبيض آنذاك، بمحاولة وضع قيود على من يمكنهم الدخول إلى ترامب في مارالاغو، لكن جهوده باءت بالفشل لأن ترامب رفض أن يتعاون في هذا الأمر.

(فرانس برس، رويترز، العربي الجديد)