تجدد المظاهرات في طرابلس.. وحراك "بالتريس" يدعو لمواصلة الاحتجاج

02 يوليو 2022
مُنح متظاهرون رخصة للتظاهر في ميدان الشهداء بالعاصمة طرابلس (حازم أحمد/رويترز)
+ الخط -

عادت مظاهر الاحتجاج إلى بعض أحياء العاصمة الليبية طرابلس، مساء السبت، فأقدم الأهالي على إغلاق الطرقات المؤدية إلى أحيائهم بالسواتر وإحراق إطارات السيارات، فيما أكد المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب الليبي في طبرق، إمكانية عقد المجلس جلساته من أي مدينة.

وشملت مظاهر الاحتجاج أحياء وادي الربيع جنوب شرقيّ طرابلس، وتاجوراء شرقاً، حيث يوجد منفذا العاصمة الرئيسيان، إضافة إلى أحياء أخرى، مثل غوط الشعال وأبي الأشهر وغيرهما.

وفيما خلت الميادين والساحات العامة في طرابلس من المتظاهرين، جابت سيارات مسلحة وسط العاصمة، ولا سيما في محيط مقر مجلس الوزراء، بين الحين والآخر، من دون وجود كثافة للمظاهر المسلحة في الأحياء الجانبية والضواحي الشرقية والغربية.

وتجمهر عدد من المواطنين أمام مقر المجلس الرئاسي، بحيّ النوفليين في طرابلس، حاملين لافتات تطالب بإسقاط المجلس الرئاسي، وتظهر أخرى أسماء عدد من القادة السياسيين والعسكريين تطالبهم بمغادرة المشهد في البلاد. 

ولم تشهد الميادين والساحات العامة في العاصمة طرابلس أي تجمعات للمحتجين، لكن عشرات السيارات المسلحة لم تتوقف عن التجول في أحياء وسط العاصمة طرابلس، ولا سيما في محيط مقر رئاسة الوزراء، منذ مساء اليوم. 

بيان لقيادة حفتر

وعقب انتشار مقاطع مرئية تظهر أرتالاً مسلحة تابعة لمليشيات حفتر وهي في طريقها إلى مدينة طبرق لمنع تجمهر المحتجين فيها، مساء السبت، نقلت وسائل إعلام مقربة من حفتر بياناً لقيادته العامة، تلاه الناطق الرسمي باسم قيادة حفتر، أحمد المسماري، أكد فيه وقوف حفتر مع المحتجين في مطالبهم. 

وقال المسماري إن قيادة حفتر "تقف وقوفاً تاماً مع الإرادة الشعبية وتأييدها لمطالب المواطنين"، مؤكداً دعمها لمطالب الشعب "المشروعة في ظل تفاقم الأزمة الليبية وانغلاق الأفق وتدني المستوى الخدمي والمعيشي للمواطن". 

ودعا الشعب إلى "تنظيم تظاهره المشروع إلى حراك مدني سلمي منظم لوضع خريطة لطريق الخلاص من الواقع المرير والعبث القائم والتوجه نحو بناء الدولة المدنية بإرادته الحرة دون نيابة أو وصاية من أحد". 

وأشار المسماري إلى أن قيادة حفتر عازمة على "اتخاذ الإجراءات الواجبة لصيانة استقلال القرار الليبي إذا ما حاول أي طرف الانفراد به تماشياً مع أي إرادة خارجية تسعى لفرض مشاريعها وقرارها على الليبيين"، دون توضيح لطبيعة هذه الإجراءات. 

وعقب بيان قيادة حفتر، ظهر محتجون في مدينة مصراته، وهم يحرقون صور حفتر، وسط هتافات ترفض "حكم العسكر"، واستغلال حفتر لـ"الحراك الشعبي". 

وفي أول ظهور له بعد حرق مئات المحتجين في طبرق لمقر مجلس النواب، اعتبر رئيس المجلس، عقيلة صالح أن الحادث "قد يكون مدبراً لإسقاط السلطة التشريعية"، مرجحاً أن يكون "أنصار النظام السابق وراء الحادثة". 

ورغم اعتراف صالح بـ"حجم المعاناة التي يعانيها الليبيون"، إلا أنه أكد أن المحتجين "زحفوا إلى مقر البرلمان دون مطالب محددة" بحسب تصريحه لإحدى الفضائيات العربية ليل السبت، دون أن يتحدث عن مصير مجلس النواب، وما إذا كان سيستمر في عقد جلساته. 

وفي الأثناء، أعلن "حراك بالتريس الشبابي"، الذي دعا للاحتجاجات، أمس الجمعة، أنّ عدداً من أعضائه التقوا رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ونائبيه، صباح السبت، في طرابلس، مؤكدين أنّ أعضاء المجلس "لا يملكون أدوات لفرض واقع جديد". 

ومن دون أن يبين أسماء أعضائه الذين اجتمعوا مع المجلس الرئاسي، قال الحراك في بيان له: "اجتمعنا اليوم صباحاً مع المجلس الرئاسي بأعضائه الثلاثة، وواجهناهم بأهداف الحراك وبمطالب المتظاهرين"، مضيفاً أنّ أعضاء الحراك واجهوا المجلس بـ"ضعف أدائه". 

وحول نتائج اللقاء، قال الحراك: "كلام أعضاء المجلس غير مقنع، وفيه ضعف وتناقض وتعارض وتسويف"، مضيفاً: "قررنا (...) تجاوز المجلس الرئاسي بالكامل، وتصعيد سقف المطالب والاستمرار في التحشيد الشبابي واستمرار الخروج والتظاهر في كامل مدن وشوارع ليبيا الحبيبة". 

من جانبه، أكد المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب الليبي في طبرق، فتحي المريمي، أنّ مجلس النواب يمكنه عقد جلساته في أي مدينة، فـ"لديه العديد من المكاتب، وما حدث بالأمس من تخريب وعبث بالمستندات جريمة، لكن أغلب إدارات ديوان المجلس تحتفظ بأرشيف إلكتروني لمستنداتها". 

وأكد المريمي، في حديث مقتضب لـ"العربي الجديد"، أنّ عدداً من مؤسسات المجتمع المدني ونشطاء من عدة مدن، يستعدون لإعلان مواقفهم الرافضة التعدي على مقرّ مجلس النواب، والمطالبة بالتحقيق الفوري في الحادثة.

ومساء الجمعة، اقتحم محتجون مقرّ مجلس النواب الليبي في طبرق، ضمن احتجاجات شهدتها عدة مدن ليبية، للمطالبة بحل المؤسسات السياسية القائمة وإجراء الانتخابات، بدعوة أطلقها ناشطون.

مبنى البرلمان الليبي في طبرق (فرانس برس)
مبنى البرلمان الليبي في طبرق بعد اقتحامه من المتظاهرين في وقت مبكر من اليوم (فرانس برس)

وبحسب شهود عيان من طبرق تحدثوا لـ"العربي الجديد"، فإنّ الحراسات الخاصة بمقرّ مجلس النواب الليبي، بدأت، منذ ظهر السبت، بجمع ما بقي من مستندات داخل المقر، فيما جلبت فرق الإطفاء لإخماد الحرائق التي استمرت في الاشتعال في بعض أجزائه. 

وتداول مستخدمو منصات التواصل الاجتماعي وقنوات محلية مشاهد مرئية لمقر المجلس، تظهر احتراق غالبية أجزائه.

وجرى تداول صور أخرى تظهر آثار الحرائق في عدد من المجالس البلدية، في مصراتة والقربولي وصبراتة غربي ليبيا، وفي مقار عامة بمدينة سبها، جنوباً.

من جانبه، أكد وكيل وزارة الداخلية لشؤون مديريات الأمن في حكومة الوحدة الوطنية، بشير الأمين، منح الوزارة رخصة للتظاهر في ميدان الشهداء بالعاصمة طرابلس، كاشفاً أيضاً أنّ الوزارة تلقت أوامر من رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة بضرورة توفير الحماية اللازمة للمتظاهرين.

وفيما نفى الأمين، في تسجيل مرئي بثته الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية الليبية، "وقوع وفيات أو إصابات خلال تظاهرات الجمعة"، أعرب عن رفض حكومته مظاهر التخريب والتعدي على ممتلكات الدولة.

وعلى الصعيد الدولي، عبّرت الولايات المتحدة عن قلقها العميق بشأن "الجمود السياسي والاقتصادي والمالي في ليبيا، الذي أدى إلى مشاهد الاضطرابات التي حصلت أمس الجمعة في جميع أنحاء البلاد.

جاء ذلك على لسان مبعوثها الخاص وسفيرها لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، خلال مكالمة هاتفية تلقاها اليوم السبت من رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي.

وقال السفير على حسابه في "تويتر": "من الواضح أنه لا يوجد كيان سياسي واحد يتمتع بالسيطرة المشروعة في جميع أنحاء البلاد، وأي جهد لفرض حل أحادي الجانب سيؤدي إلى العنف. فقط الحوار والتسوية بين الفاعلين الرئيسيين يحددان معالم الطريق للانتخابات والاستقرار السياسي في البلاد".

من جهته، أشار المجلس الرئاسي عبر مكتبه الإعلامي إلى أن الاتصال تركز على "مناقشة الأوضاع الأخيرة في البلاد، والتشديد على التزام الجميع المحافظة على الأمن، وعدم تعريض حياة المواطنين والممتلكات العامة والخاصة للضرر، مع تأكيد حق المتظاهرين السلميين في التعبير عن آرائهم، والاستماع إلى مطالبهم في إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وإنهاء المراحل الانتقالية".

واعتبر المبعوث الخاص لوزير الخارجية الإيطالي إلى ليبيا، نيكولا أورلاندو، أنّ الاحتجاجات في ليبيا "بمثابة جرس إنذار للأجسام السياسية جميعها". 

وفيما طالب أورلاندو، في تغريدة على تويتر، قادة الأطراف الليبية بضرورة إنهاء الخلافات التي تؤثر بإجراء الانتخابات، حذر من أنّ "الانقسام يؤثر في معيشة المواطنين، مثل إغلاق المنشآت النفطية". 

ومن جانبه، اعتبر سفير الاتحاد الأوروبي في ليبيا، خوسيه ساباديل، أنّ الاحتجاجات تعني أنّ المواطنين يريدون التغيير بواسطة الانتخابات، مطالباً بضرورة الاستماع إلى صوت المواطن، مستدركاً: "يجب أن تجرى الاحتجاجات سلمياً، وتجنب أي نوع من العنف، ومن الضروري ضبط النفس بشكل خاص في ضوء الوضع الهش"، بحسب تغريدة له على حسابه. 

 

المساهمون