المحللون السياسيون في العراق... اصطفافات حزبية تثير الشكوك

المحللون السياسيون في العراق... اصطفافات حزبية تثير الشكوك والاتهامات

12 مارس 2022
جدارية تمثل قنوات التلفزة ببغداد عام 2019 (صباح عرار/فرانس برس)
+ الخط -

تزدحم وسائل الإعلام المحلية العراقية بعشرات الشخصيات التي تظهر بصفة محلل سياسي أو باحث في الشأن العراقي، تتبنّى مهمة التعليق على الأحداث السياسية وتداعياتها أو أسبابها.

إلا أن بعض هؤلاء يواجهون اتهامات يعتبرها سياسيون، وحتى داخل أوساط المحللين والباحثين بالشأن العراقي، أنها موجودة، تحديداً في ما يتعلق بتبنيهم مواقف سياسية مناوئة أو موالية لأحزاب وأطراف معينة والدفاع عنها ومهاجمة خصوم آخرين، فضلاً عن أن آخرين انخرطوا في مهمة الدفاع عن إجراءات الحكومة وقراراتها.

وتعليقاً على الظاهرة التي تحولت إلى مادة جدل واسع داخل الأوساط العراقية خلال الأيام الماضية، يقرّ سياسي ونائب سابق في البرلمان بتورط قوى سياسية من مكونات مختلفة في ما يسميه "استمالة محللين للمشهد السياسي لصالحها عبر هدايا وهبات أو بتوفير الحماية والدعم المعنوي لهم".

ويكشف، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، عن هدايا ومكافآت يحصل عليها بعضهم لقاء تبنيهم مواقف مؤيدة لهذه الأحزاب خلال ظهورهم على الفضائيات، معتبراً أن الظاهرة "وجه احتيال على الرأي العام العراقي، الذي لم يعد يتقبل رؤية أعضاء أو قيادات من هذه الأحزاب تدافع عن موقفها".

المحللون جزء من الفوضى بالمشهد العراقي

بدوره، اعتبر النائب المستقل باسم الخشان، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "الظاهرة موجودة، وهي جزء من الفوضى بالمشهد العراقي العام وتتورط فيها أحزاب سياسية متنفذة بالسلطة ومقتدرة مالياً".

وأضاف أن قوى سياسية "مستعدة لفعل أي شيء الآن من أجل تحسين صورتها أمام الشارع، ولهذا لجأت إلى كسب بعض المحللين لصالحها، كونها تدرك جيداً أن لا أحد يسمع لقياداتها وأعضائها، ولا يثق بأقوالهم خلال اللقاءات الإعلامية، بمعنى أن بعضهم مندوبون لا محللون".

واعتبر أن "بعض الذين يظهرون بصفة محلل في العراق أصبحوا يدافعون على جهات وشخصيات سياسية حتى أكثر من المنتمين فعلياً لهذه الجهات"، مشيراً إلى أن "للأمر علاقة بتقديم منافع لبعض المحللين السياسيين".


أغلب الفضائيات ووسائل الإعلام تبحث عن الإثارة والجدل في برامجها

غير أن الباحث بالشأن السياسي العراقي غانم العابد قال، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، إن "أغلب الفضائيات ووسائل الإعلام تبحث عن الإثارة والجدل في برامجها الحوارية أو تغطياتها بسبب التنافس بينها.

وللأسف، فهي لا تستضيف الباحثين الذين يقدمون وجهة نظر حقيقية ومحايدة أو هادئة للوضع العراقي، بل تتجه لمن يصرخ أو يتشاجر ويطلق تصريحات طائفية أو خارجة عن الذوق العام، بما يضمن أن الحلقة، أو البرنامج، ستخلق إثارة وجدلاً".

وشدّد العابد على أن "العراق يحفل بالكثير من الأكاديميين والباحثين المهمين الذين يدركون طبيعة المشهد ويقدمون تفسيرات وسيناريوهات مختلفة لها، لكنهم أقل ظهوراً من الشريحة المعنية بالجدل الحالي".

دور الأيديولوجيا في آراء المحللين

إلا أن حيدر البرزنجي، وهو أحد الوجوه التي برزت أخيراً في المشهد السياسي العراقي كمحلل دائم الحضور في عدد من المحطات الفضائية ويتبنى مواقف قريبة من تحالف "الإطار التنسيقي"، أكد في حديثٍ مع "العربي الجديد" أنه "ليس هناك محلل سياسي لا يتبنى أيديولوجيا معينة، بعيداً عن قضية إعطائه هدايا أو منافع ووعود بالمناصب وغيرها"، مضيفاً أن "القوى السياسية اعتمدت على بعض المحللين السياسيين بدلاً من قياداتها، حتى لا يتأزم الوضع السياسي أكثر ويكون هناك تراشق إعلامي مباشر بينها".

ووصف مسألة تلقي بعض المحللين السياسيين هدايا من القوى السياسية بأنها "موجودة، وهذه الهدايا تكون عبر رواتب أو إعطاء أموال بين فترات متقاربة أو متباعدة".

لكن البرزنجي شدّد على أن "المحللين السياسيين المقرّبين من الإطار التنسيقي لا يتقاضون رواتب، لكن تُقدم لهم هدايا بسيطة بين فترات متباعدة كل خمسة إلى ستة أشهر، ومرات تكون الهدية ليس مادية بل عينية، لكن هناك جهات سياسية تعطي رواتب ثابتة لبعض المحللين السياسيين، وبعضهم تُعطى لهم وعود بالمناصب".


يمثل بعض المحللين وجهات نظر أحزاب بدلاً من الإدلاء بتحليل سياسي

وحول هذه التطورات، رأى رئيس مركز "التفكير السياسي" للأبحاث في بغداد إحسان الشمري، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "اعتماد القوى السياسية على بعض المحللين هو بهدف التسويق لأفكارهم، ويأتي في إطار عجز هذه القوى عن تصدير كوادرها من خلال الإعلام، حيث لم تعد مقبولة الخطاب السياسي، ولهذا هي تلجأ لبعض المحللين".

وذكر الشمري أن "كسب القوى السياسية بعضاً من هؤلاء للدفاع عنها في اللقاءات الإعلامية هو أيضاً لأجل ألا يكون هناك موقف رسمي سياسي يُحسب عليها، ولهذا تلجأ إلى المحلل السياسي القريب منها أو الذي يعمل لديها لبيان مواقفها وإيصال رسائل، ولهذا نجد هناك بعض المحللين يمثلون وجهات نظر أحزاب أكثر مما هو محلل سياسي".

واعتبر أن "قضايا سباق القوى السياسية لم يقتصر فقط على المحللين السياسيين، بل شمل الأمر المؤسسات الإعلامية، لأنها تعتمد على ظهور محللين سياسيين محددين، كونهم قريبين من جهات سياسية محددة، فهذا الأمر أصبح مكشوفاً للجميع"، مشيراً إلى أن "سباق كسب بعض المحللين السياسيين أصبح جزءاً من المناورة السياسية بين الأحزاب".

المساهمون