"المجلس الانتقالي الجنوبي" يضغط لتعيين حكومة يمنية جديدة

"المجلس الانتقالي الجنوبي" يضغط لتعيين حكومة يمنية جديدة

05 فبراير 2024
عناصر من "الانتقالي" في عدن، 2022 (صالح العبيدي/ فرانس برس)
+ الخط -

 

 

يصعّد "المجلس الانتقالي الجنوبي" من خطابه المنتقد للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، رغم أنه يعد أحد مكوناتها، إذ يملك خمسة وزراء في الحكومة المؤلفة من 24 وزيراً. وفيما يكرر اتهاماته لها بالفساد، ذهب قبل أيام إلى حد الإعلان عن رفض عودتها إلى العاصمة المؤقتة عدن والتهديد بتشكيل حكومة يمنية جديدة قبل أن يسحب الخبر الذي نشره حول الموضوع.

احتمال تشكيل حكومة يمنية جديدة

وفي الخبر الذي تداوله عدد من وسائل الإعلام، دعت الأمانة العامة لـ"المجلس الانتقالي" إلى سرعة العمل على تشكيل حكومة يمنية جديدة مكونة من كفاءات أخرى من المحافظات المحررة، تعمل على تحسين الوضع الاقتصادي وتحقيق الاستقرار المالي والنقدي بما يضمن تحقيق الاستقرار في مستوى أسعار السلع الغذائية والخدمات.

وعبّرت الأمانة العامة عن رفضها عودة الحكومة إلى عدن "نتيجة الجرائم التي ترتكبها بحق شعب الجنوب من خلال الحرب الاقتصادية والخدماتية التي تشنها على المواطنين"، على حد قولها.

أحمد شوقي أحمد: موقف الانتقالي ربما يكشف عن أزمات داخلية يريد التهرّب منها

موقف الأمانة العامة لـ"الانتقالي" جاء بعد يوم واحد من توجيه وزير الدولة محافظ أحمد حامد لملس، رسالة مقتضبة إلى رئيس الحكومة والوزراء بشأن أوضاع الخدمات المتدهورة في عدن. وكتب لملس في حسابه على منصة "إكس" (تويتر سابقاً): "دولة رئيس الوزراء ومعالي الوزراء سلام من العاصمة عدن، نحتاجكم لرفع المعاناة أو لنعيشها معاً".

وكان "المجلس الانتقالي" وخلال اجتماع هيئته الإدارية الأسبوع الماضي، قد جدد رفضه استمرار بعض القيادات في الحكومة، باتخاذ الإجراءات الأحادية، في محاولة منها للدفع بالأوضاع نحو مزيد من التأزيم.

تصعيد المجلس ضد الحكومة جاء عقب تأجيل تسمية رئيس وزراء جديد، بعد أن بدأت المشاورات حول تعيين رئيس حكومة جديد في نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، على أن يكون جنوبياً. ومن المرجح أن يكون مرشحاً من قبل "الانتقالي"، إذ تم تأجيل الإعلان عن رئيس الحكومة الجديد من دون الكشف عن الأسباب.

ويأتي التصعيد ضد الحكومة بالتزامن مع انهيار كبير لسعر العملة الوطنية التي تجاوزت 1620 ريالاً للدولار الواحد، مما دعا الغرفة التجارية والصناعية بعدن، الاثنين الماضي، لمناشدة قيادة التحالف الذي تقوده السعودية وضع حد لتدهور العملة الوطنية وإنقاذ الشعب من المجاعة.

وأشارت إلى التردي المستمر للأوضاع المعيشية والاقتصادية الناتجة من زيادة معدلات التضخم المتصاعد بنسب كبيرة، مقابل التدهور المستمر في أسعار العملة.

وحول ذلك، اعتبر الكاتب الصحافي اليمني أحمد شوقي أحمد، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "الانتقالي يعترض ظاهرياً على صدور قرارات خارج التوافق لم يحدد ما هي، ولكن لا يبدو أن القرارات التي سبقت بيان الانتقالي وتصريحات قادته خارجة على التوافق، خصوصاً أن الانتقالي لم يستند في تصريحات قياداته لأي بنود أو محددات تضمنتها وثائق ولوائح نقل السلطة وتشكيل المجلس الرئاسي، والتي حددت صلاحيات الرئيس".

وأضاف شوقي أن "موقف الانتقالي ربما يكشف عن أزمات داخلية يريد التهرّب منها، وإظهار نفسه كطرف قوي وقادر على فرض آرائه، والتحكم في عمل وحركة السلطة الشرعية. كما قد تشير هذه المواقف إلى تبرم المجلس من تأجيل قرار تغيير رئيس الحكومة، وهو التأجيل الذي تم التوافق عليه سلفاً".

ورأى أن "عدم عودة الحكومة إلى عدن سيؤدي إلى جملة من المشاكل الإدارية والاقتصادية والسياسية محلياً وخارجياً، كما سيؤثر بالضرورة على قدرة الحكومة على جلب الدعم الدولي الذي تسعى إليه لتقويض مليشيات الحوثي وإرغامها على الرضوخ للسلام المعقول".

وأكد شوقي أن عدم عودة الحكومة يسيء إلى صورة الشرعية في الخارج، ويعطل دورها في الداخل، ويعطي الحوثي فرصة أكبر لإظهار نفسه باعتباره طرفاً قوياً ومهيمناً ضمن خريطة القوى اليمنية، وبالتالي الطرف الذي يحتاج الجميع للتفاوض معه ومنحه أكبر قدر من التنازلات التي يشترطها.

ولفت إلى أن "الانتقالي كان بإمكانه التركيز على حوار داخلي في إطار مستويات الشرعية القيادية في المجلس القيادي الرئاسي أو الحكومة، وطرح ملاحظاته لمعالجتها، لكن وعلى الرغم من ذلك اختار الانتقالي التعجيز العلني للحكومة، وإعاقة دورها وحقها في بسط سلطتها، بالرغم من وجوده الكبير فيها وانعكاس فشلها على فشل وزرائها وعلى رأسهم كتلة الانتقالي".

نبيل البكيري: من غير المفهوم وغير المنطقي أن يلقي الانتقالي باللوم على الحكومة

وحول احتمال تشكيل حكومة يمنية جديدة، أشار شوقي إلى أن "المثير للاستغراب أن الانتقالي وعلى الرغم من خصومته مع الحكومة إلا أنه لم يسحب وزراءه منها حتى الآن، وهو ما يكشف طبيعة موقف الانتقالي الذي لا يستند إلى مبررات واقعية وعملية، وعن الطبيعة السياسية للموقف وعلاقته بأزمات داخلية، وربما استياء شعبي من حاضنته فيما يتعلق بالفجوة بين الشعارات والممارسة، والفشل الكبير في إدارته للمناطق الخاضعة لسيطرته، وإلقاء اللائمة على الحكومة للتنصل من تداعيات هذا الفشل".

دور "الانتقالي" في الحكومة الحالية

من جهته، لفت المحلل السياسي اليمني نبيل البكيري، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الانتقالي هو اليوم الشريك الرئيسي واللاعب الأكبر في تسيير شؤون الحكومة، ومسؤول بشكل كامل عن أدائها اليوم، لأسباب عدة، أولها أنه المتحكم الرئيسي بالعاصمة المؤقتة عدن والتي تخضع بشكل تام لمليشياته، في ظل رفضه المطلق لإعادة هيكلة هذه القوات ودمجها ضمن أجهزة مؤسسات الدولة الرسمية، الداخلية والدفاع وغيرها من المؤسسات الأمنية".

وأضاف البكيري: "من غير المفهوم وغير المنطقي أن يلقي الانتقالي باللوم على الحكومة، وكأنه معارضة، وليس صاحب النصيب الأكبر في إدارة الحكومة وتسييرها".

واعتبر أن "ما يقوم به الانتقالي هو نوع من الهروب عن تحمل المسؤولية ومواجهة التحديات والتغلب عليها، فيلجأ الانتقالي لخلق أزمات تشغل الناس عن السبب الرئيسي لفساد وعجز وفشل الشرعية".

واعتبر أن "إذا كان الانتقالي جاداً في نقده للحكومة، فيجب أولاً أن يتحمل أولا مسؤولياته المنوطة به، وفي مقدمتها أن رئيسه عيدروس الزبيدي، هو المسؤول عن ملف الإيرادات المالية في كل مؤسسات الدولة، ولكنه حتى الآن لم يقدم أي بيان لحالة هذه المهمة وإطلاع الرأي العام عن سير أداء هذه المؤسسات وإيراداتها".

ورأى البكيري أن "الانتقالي" يستطيع أن يحرج الحكومة بخطوة واحدة فقط، وهي سحب وزرائه، وإعلان سبب السحب ذلك، وتقديم البديل عبر تشكيل حكومة يمنية جديدة غير ذلك لن يكون مفيداً أن يرفض عودة الحكومة لعدن قبل أن يمنحها فرصة لأداء أعمالها ويسمح لها بالقيام بها على أكمل وجه.