القضاء اللبناني يطلب التحقيق في تعذيب لاجئين سوريين و"تجويع سجناء"

النائب العام اللبناني يطلب التحقيق في تعذيب لاجئين سوريين و"تجويع سجناء"

29 مارس 2021
يعاني سجناء رومية من تدهور الوضع المعيشي والغذائي ومشكلات صحية فاقمها كورونا (فرانس برس)
+ الخط -

طلب النائب العام التمييزي في لبنان القاضي غسان عويدات، بتاريخ اليوم، 29 مارس/آذار الجاري، من مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية إجراء التحقيق حول ما أوردته منظمة العفو الدولية بشأن توقيف لاجئين سوريين بقضايا إرهاب وتعذيبهم.

وكانت منظمة العفو الدولية قد قالت في تقرير نشرته يوم 23 مارس/آذار، إن "قوى الأمن اللبنانية ارتكبت انتهاكات مروعة بحق اللاجئين السوريين الذين تم اعتقالهم، بشكل تعسفي في كثير من الأحيان، بتهم تتعلق بالإرهاب، مستخدمة بعض أساليب التعذيب المروعة نفسها المستخدمة في أسوأ السجون سمعة في سورية".

ويوثّق التقرير حالات 26 لاجئاً سورياً، بينهم أربعة أطفال، احتجزوا في لبنان بتهم لها صلة بالإرهاب، بين عامي 2014 و2021، وهو يستند إلى مقابلات أجريت مع محتجزين سابقين وحاليين ومحامين واطلاع على وثائق قانونية.

ويقول المحامي محمد صبلوح، مقرّر لجنة السجون في نقابة المحامين في طرابلس، شمالي لبنان، وهو من الذين عملوا على توثيق هذه التقارير المرتبطة بتعذيب سجناء وموقوفين في السجون اللبنانية ومراكز التوقيف والاحتجاز، لـ"العربي الجديد"، إن لبنان مطالب دولياً بالإصلاحات في قضايا حقوق الإنسان تحت طائلة إيقاف المساعدات عنه بمختلف أنواعها، وهو لم يتجاوب حتى اليوم، على الرغم من أنه شرّع الكثير من القوانين في هذا الإطار، وأحدث تعديلات عدّة لمكافحة التعذيب وضروب المعاملة السيئة لكنها بقيت حبراً على ورق.

ويضيف صبلوح: "التقصير في تنفيذ القوانين، دفعنا مع منظمات محلية ودولية معنية بحقوق الإنسان إلى توقيع عريضة وتقديمها إلى لجنة حقوق الإنسان في لبنان لمساءلة وزراء العدل والداخلية والدفاع وسؤالهم عن الأسباب الكامنة وراء التقاعس، حيث إن غياب تطبيق القوانين للأسف يؤدي إلى إرساء ثقافة الضرب والتعذيب".

وأشارت منظمة العفو في تقريرها أيضاً إلى أن لبنان أصدر عام 2017 قانوناً لمكافحة التعذيب لكنه تقاعس بثباتٍ عن تطبيقه، وقلما تصل شكاوى تعذيب إلى المحكمة.

كذلك، على صعيد أزمات السجون اللبنانية، طلب القاضي غسان عويدات من المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بموجب تكليف صادر بتاريخ اليوم، إيداعه تقريراً مفصلاً على وجه السرعة في ما تداولته وسائل الإعلام حول عدم كفاية الطعام المُقدَّم للسجناء في سجن رومية، وحول غلاء الأسعار داخل الحانوت تمهيداً لإجراء المقتضى بهذا الشأن.

وفي السياق، يقول المحامي صبلوح إنّ السجناء يعانون من نقصٍ في كميات الطعام التي تمنحها إدارة سجن رومية، في حين باتت أسعار المواد الغذائية التي تُباع في حانوت السجن خيالية وتفوق تلك التي تباع في الخارج، بينما يُمنع على الأهالي تزويد السجناء بالأطعمة لأسباب أمنية منعاً لحصول عمليات تهريب إلى داخل السجن.

ويلفت صبلوح إلى أنه أثار هذا الموضوع في اجتماع عقدته لجنة حقوق الإنسان النيابية، يوم الأربعاء الماضي، وحذّرنا من موجة جوع في سجن رومية، بيد أن ممثل وزارة العدل القاضي رجا أبي نادر وممثل وزارة الداخلية العقيد غسان عثمان نفيا ذلك، عندها طلبت تعيين لجنة تكشف على السجون وتتأكد من مدى دقة الكلام، وتم الاتفاق على ذلك، ثم أثيرت الصرخة من قبل السجناء أنفسهم بانتظار الحقائق وفتح تحقيق لمعرفة الحقيقة كاملة.

ويعتبر السجناء أن شبح الموت يلاحقهم من الجهات كافة، سواء جوعاً أو بالمرض، أو نتيجة الوباء وغير ذلك من مصائب يمرّون بها، وأسلوب عيشهم الذي لا يراعي أبسط حقوق الإنسان.

وقدَّمَ السجناء في "رومية" – المبنى "ب"، في ما يخصّ تدهور الوضع المعيشي والغذائي داخل السجن، من خلال بيان لهم، اقتراحين لتخفيف وجعهم؛ الأول، الطلب من وزارة الداخلية السماح بدخول الطعام للسجناء من ذويهم أسوةً بباقي السجون ومراكز الاحتجاز في لبنان. وكان قد اتخذ قرار المنع على صعيد سجن رومية فقط مع تكاثر عمليات تهريب ممنوعات إلى النزلاء بواسطة أهلهم. والثاني، الطلب من الجمعيات الخيرية والإنسانية عموماً ومن دار الفتوى خصوصاً ونقابتي المحامين، الالتفات إلى أوضاع السجناء وتنظيم حملة تبرعات لمساعدتهم على شراء الاحتياجات الأساسية التي تعجز الحكومة عن تلبيتها، ولا سيما أننا مقبلون على شهر رمضان.

وتعود قضية السجون في لبنان إلى الواجهة بين فترة وأخرى مع مطالب إقرار قانون العفو العام العالق وسط التجاذبات السياسية والطائفية، في ظلّ اقتصار المعالجات على حلول مؤقتة وظرفية.

وقد انعكست الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد والغلاء المعيشي على المواد الغذائية في السجون، كماً ونوعاً، إذ قلّصت الكميات وعدد الوجبات في فتراتٍ ماضية أيضاً، وألغيت اللحوم من القائمة، كما تأثرت نوعية الأطعمة، وخصوصاً تلك التي تباع في حانوت السجن أو ما يعرف بـ"الدكانة"، التي استغل أصحابها الأزمة المعيشية والنقدية ومنع الأهالي من تزويد أبنائهم النزلاء بالطعام للتحكّم بالأسعار والمواد الغذائية المباعة.

وواجه النزلاء أيضاً مشكلات صحية فاقمتها أزمة كورونا وانقطاع الأدوية، وهو ما دفع جمعيات إغاثية لتأمين بعض المواد الغذائية والمستلزمات الطبية والأدوية التي كانت تنقص السجناء، علماً أنّ عدد النزلاء تراجع إلى أدنى حدّ منذ أعوامٍ في ظل تسريع إجراءات إخلاء السبيل، واتباع أسلوب الاستجواب عن بعد لمواجهة فيروس كورونا وحلّ مشكلة الاكتظاظ في السجون.