العراق: مبادرة الحكيم لحل الأزمة السياسية بلا توقعات كبيرة

العراق: مبادرة الحكيم لحل الأزمة السياسية بلا توقعات كبيرة

10 ابريل 2022
الحكيم مخاطباً أنصاره في بغداد، فبراير الماضي (مرتضى السوداني/الاناضول)
+ الخط -

يستمر الانسداد السياسي في العراق بعد مرور 6 أشهر على الانتخابات التشريعية التي جرت في 10 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، من دون النجاح في اختيار رئيس للبلاد وتشكيل حكومة جديدة.

وبعد تعثّر مبادرات سياسية عدة لإنهاء الانقسام، وتقريب المسافة بين كل من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي تصدر الانتخابات الأخيرة، وقوى "الإطار التنسيقي" المدعومة من طهران، برزت مبادرة جديدة طرحها رئيس تيار "الحكمة" عمار الحكيم أول من أمس الجمعة للخروج من الأزمة التي عطلت الاستحقاقات الدستورية، ولكن حظوظها لا تبدو كبيرة بالنجاح.

وفي مبادرته لحل الأزمات المستعصية التي تحول دون انعقاد جلسة برلمانية للتصويت على رئيس الجمهورية ثم تشكيل حكومة جديدة، دعا الحكيم القوى السياسية إلى الجلوس على طاولة الحوار ومناقشة الحلول والمعالجات من دون شروط أو قيود مسبقة، وتسمية الكتلة البرلمانية الكبرى التي لها الحق بترشيح رئيس للحكومة المقبلة، وفقاً لما نص عليه الدستور، وحسم موضوع الرئاسات الثلاث (الجمهورية، والحكومة، والبرلمان) من خلال التفاهمات.

بنود مبادرة عمار الحكيم

وتضمنت مبادرة الحكيم أيضاً المطالبة بـ"توزيع الأدوار، فمن يرغب بالمشاركة في الحكومة ينضم إلى فريق الأغلبية ويلتزم دعم الحكومة بالبرنامج المتفق عليه ويعلن تحمّل المسؤولية الكاملة عن مشاركته وقراره، ومن لا يرغب في المشاركة يتخذ من مجلس النواب منطلقاً لمعارضته البناءة"، على حد تعبيره.

ودعا ما اعتبرها "قوى الأغلبية" إلى "التعهد بتوفير الغطاء الآمن للمعارضة"، مبيناً أن على المعارضة عدم "تعطيل جلسات البرلمان والحضور الفاعل فيه وفسح المجال أمام الأغلبية لإكمال الاستحقاقات الدستورية".

وتمثل هذه المبادرة جزءاً من محاولات الخروج من الانسداد السياسي، بحسب نائب عن "الإطار التنسيقي"، قال لـ"العربي الجديد"، طالباً عدم ذكر اسمه، إن قوى الإطار ترحب بمثل هذه المحاولات كونها السبيل لإنهاء التنافس غير المجدي الذي تسبب بعرقلة تشكيل الحكومة، مبيناً أن مبادرة الحكيم منطقية وجاءت بحلول ترضي جميع الأطراف.

ولفت إلى أن المبادرة دعت إلى توزيع الأدوار والتفاهم بشأن تشكيل الحكومة، وهذا ما يريده "الإطار التنسيقي"، موضحاً أن مرور 6 أشهر على الانتخابات من دون وجود رئيس للجمهورية ورئيس للوزراء يمثل مؤشراً خطيراً ويشي بأن الديمقراطية في العراق في خطر.

وفي سياق الدعوات لحل الأزمة عبر الحوار، طالب رئيس تحالف "الفتح" المنضوي ضمن "الإطار التنسيقي" هادي العامري، في بيان، "القوى الوطنية إلى تغليب لغة الاعتدال والوسطية، والشعور بالمسؤولية تجاه الشعب والوطن والسعي الجاد لإفشال كل محاولات الأعداء".

كذلك شدّد قيس الخزعلي، وهو أحد قيادات "الإطار التنسيقي"، على أن الإطار لا يقف ضد قيام التيار الصدري بترشيح رئيس وزراء، مستدركاً "لكن هذا الترشيح يجب أن يتم عن طريق الكتلة الكبرى التي يشكلها المكون الأكبر (الشيعي)". وتابع خلال مقابلة متلفزة "ليس لدينا خلاف مع التيار الصدري، بل يوجد خلاف على التمثيل والمكاسب السياسية".


الإطار لا يقف ضد قيام التيار الصدري بترشيح رئيس وزراء

في المقابل، يرفض التيار الصدري، بزعامة مقتدى الصدر، تشكيل الكتلة البرلمانية الكبرى التي يمنحها الدستور حق ترشيح رئيس الوزراء على أساس المكونات المذهبية، وذهب باتجاه تشكيل تحالف ثلاثي مع "تحالف السيادة" و"الحزب الديمقراطي الكردستاني"، معلناً تمسكه بتشكيل حكومة أغلبية وطنية تختلف عن التوافقية التي يريدها "الإطار التنسيقي".

مصادر مقربة من التيار الصدري قالت لـ"العربي الجديد" إن التيار غير معني بأي طرح يدعو لتشكيل حكومة توافقية، موضحة أن مقتدى الصدر لن يتنازل عن ثوابته بسهولة، وأبرزها تشكيل الحكومة الجديدة على أسس وطنية، وليس على أساس المحاصصة كما كان سائداً في السابق.

وبيّنت أن الصدر سبق أن منح القوى الأخرى فرصة لتشكيل الحكومة خلال 40 يوماً، ليثبت للجميع أن المناصب لا تعني له شيئاً، مؤكدة أن جميع الخيارات مفتوحة بعد انتهاء هذه المهلة، إلا أن المؤكد أن التيار الصدري لن يشارك في حكومة توافقية حتى وإن كلفه ذلك الذهاب إلى المعارضة.

تعثر الملف الحكومي العراقي

وقال العضو السابق في ائتلاف "دولة القانون"، سعد المطلبي، لـ"العربي الجديد"، إن أياً من التيار الصدري أو "الإطار التنسيقي" غير قادر على تشكيل الحكومة بمفرده، موضحاً أن جميع محاولات إكمال الاستحقاقات الدستورية بشكل منفرد لم تنجح.

ولفت إلى أن الأوضاع في العراق بدأت تنذر بالخطر، محمّلاً القوى السياسية مسؤولية ما يجري. وأشار إلى أن الإطار أعلن استعداده للمشاركة في حكومة توافقية، إلا أنّ التحالف الثلاثي يصر على تشكيل حكومة أغلبية.

أما النائب السابق حامد المطلك فعزا ما يجري في العراق من انقسامات إلى وجود إرادات خارجية تعمل من خلال أحزاب لا تريد للعراق الخير، داعياً في حديث مع "العربي الجديد" القوى العراقية إلى أن تكون واعية وتعمل من أجل خدمة البلاد.


تضمنت مبادرة الحكيم أيضاً المطالبة بـ"توزيع الأدوار"

بدوره، حذّر الرئيس العراقي برهم صالح من استمرار الأزمة السياسية، مؤكداً أنها قد تدفع البلاد نحو "متاهات خطيرة". ودعا في بيان، أمس السبت، القوى السياسية إلى حوار جاد وفاعل للخروج من الأزمة والشروع في تشكيل حكومة وطنية تحمي مصالح البلد.

واعتبر أن "الأشهر التي أعقبت الانتخابات البرلمانية تؤكد الحاجة لتعديلات دستورية يجب الشروع فيها، خلال الفترة المقبلة، عبر وفاق وتفاهم وطني، لبنود أثبتت التجربة مسؤوليتها عن أزمات مستعصية"، مضيفاً: "كما أن آفة الفساد الخطيرة التي تهدد كيان الدولة تستوجب وقفة حاسمة لمكافحتها، والعمل على ضمان الفرص المتساوية لكل العراقيين في بناء البلد ونهضته، وهذا يستوجب مراجعات وقرارات إصلاحية تبنى على الصراحة والإرادة الموحدة".

وجدد دعوته إلى "عقد سياسي واجتماعي ضامن للسلم الأهلي، يقوم على مراجعة موضوعية لأخطاء الماضي، فالمواطنون في عموم العراق يقرون باستحالة استمرار الوضع الراهن، ويطالبون بسلطات تستجيب لمطالبهم وتطلعاتهم".

وتسبّب الانقسام السياسي بتعطيل أكثر من محاولة برلمانية لانتخاب رئيس الجمهورية، إذ فشل مجلس النواب في تحقيق الأغلبية التي يشترطها الدستور للتصويت على رئيس الجمهورية بعد تعذر حضور 220 نائباً من أصل 329 الجلسات، كذلك لم يتمكن من ممارسة مهامه التشريعية والرقابية، على الرغم من الوعود التي أطلقتها رئاسة مجلس النواب بهذا الشأن.

المساهمون