يواصل السودانيون لليوم الثالث عشر على التوالي، تصعيدهم ضد انقلاب الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، فيما يسود الغموض مصير عدد من الوساطات لحل أزمة الانقلاب.
وحدد "تجمّع المهنيين السودانيين"، دينامو الحراك الثوري، مساء اليوم السبت، موعداً لإغلاق الخرطوم وغيرها من المدن، بواسطة الحواجز وحرق الإطارات، تحت شعار "ليلة المتاريس"، رفضاً للانقلاب العسكري، ورفضاً كذلك للتفاوض مع الانقلابيين.
وحثّ التجمّع الثوار على وضع المتاريس في الطرق وتجنب الاحتكاك مع قوات الانقلابيين، لتجنب أي خسائر جديدة في الأرواح، وحدد يومي الأحد والاثنين، موعداً لتصعيد العصيان المدني والإضراب الشامل، فيما يتوقع أن تصدر بيانات لتحديد مسارات مواكب جديدة في الأيام المقبلة.
مساء اليوم السبت، موعداً لإغلاق الخرطوم وغيرها من المدن، بواسطة الحواجز وحرق الإطارات، تحت شعار "ليلة المتاريس"
وكان "تجمّع المهنيين" قد أصدر بياناً في الساعات الماضية، أشار فيه إلى أن "سلطة الانقلابيين واصلت مساعيها لكسب الوقت من خلال إطلاق فقاعات المبادرات السياسية التي لا طائل من ورائها، والمحكومة مسبقاً، بالفشل في تلبية مطالب الشارع الواضحة".
ونبّه التجمع إلى أن "السلطات الانقلابية تهدف إلى تخدير الفعل المقاوم ونقله إلى حالة انتظار سلبي لحلول لن تأتي"، مؤكداً أن "الانقلابيين مستمرون في حملات الاعتقالات الواسعة وفرض إجراءاتهم التعسفية، وإصدار قرارات الإعفاءات والتعيينات بهدف وضع مفاصل جهاز الدولة في أيدي محسوبيهم من فلول النظام المخلوع، من خلال حملات فصل واعتقال قيادات الخدمة المدنية والقيادات النقابية وتحيّن الفرص للانقضاض على عناصر المقاومة".
التجمع: السلطات الانقلابية تهدف إلى تخدير الفعل المقاوم ونقله إلى حالة انتظار سلبي لحلول لن تأتي
وذكر البيان أن "لجان المقاومة تلقت دعوات تناقلتها الوسائط للقاءات مع ممثلين عنها بالسلطات، بهدف توفير الغطاء السياسي لتسويات قاصرة لا تلبي مطالب الشارع، ويتم تصميمها بغرض تفتيت وحدة الكتلة الثورية، بعدما تبين بجلاء تورّط البرهان ومجلسه في مغامرة حمقاء وضعتهم على حافة الهاوية".
وأضاف أن "على الحركة الجماهيرية التصدي لتلك المخططات الماكرة، برفع درجة التنسيق والتعاضد، والتوافق العاجل على إعلان سياسي يحدد أهدافها وينسق جهودها للانتقال بفاعليتها وتكتيكاتها إلى موقع المبادرة".
فتور في الوساطات
وعلى صعيد الوساطات لحل الأزمة بين المدنيين والعسكريين، فإن فتوراً كبيراً أصابها خلال اليومين الماضيين، ولم تحرز أي واحدة منها تقدماً يذكر، وغادر الخرطوم وفد وساطة دولة جنوب السودان، الذي فشل في جمع أطراف الأزمة.
وبحسب مصادر "العربي الجديد"، فإن "قوى إعلان الحرية والتغيير، رفضت كلياً التعاطي مع المبادرة الجنوب سودانية التي تلبي رغبات العسكر أكثر من حرصها على تحقيق مطالب الشعب السوداني في عودة الحكم المدني".
وتؤكد مصادر أخرى قريبة من رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، تمسكه بشروطه السابقة الخاصة بالعمل بالوثيقة الدستورية كما كانت قبل الانقلاب، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وعودة حكومته، على أن يتخذ شخصياً قرار حلها وتكوين حكومة كفاءات غير حزبية، لا تشمل حتى حركات الكفاح المسلح الموقعة على اتفاق سلام مع الحكومة الانتقالية.
وأشارت المصادر إلى أن "أي حديث عن قرب التوافق على اتفاق ما هو إلا لتخفيف غضب الشارع ووقف التصعيد الثوري".
مستشار البرهان يدين تأليب المؤسسات الدولية
في المقابل، اتهم العميد الطاهر أبوهاجة، المستشار الإعلامي للقائد العام للقوات المسلحة، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، دبلوماسيين سودانيين بـ"تأليب المؤسسات الدولية ضد شعبهم ووطنهم ليلاً ونهاراً ".
وذكر أبو هاجة في تصريح صحافي، أن "أولئك ضلت تقديراتهم بعد أن غلّبوا النظرة الضيقة على المصلحة الوطنية العليا"، مشيراً إلى أن بعض الدبلوماسيين والمسؤولين السابقين "يضرون بالجهات التي ينتمون إليها، وللأسف بالوطن قبل ذلك، وإن طريق التصحيح بعد 25 أكتوبر هو الانتقال الديموقراطي الذي يرتكز على قرار الشعب السوداني، وليس أهواء الأشخاص والأحزاب ومصالحها الضيقة"، حسب قوله.
وأمس الجمعة، قدمت لجنة الأطباء المركزية حصيلة نهائية للضحايا خلال الاحتجاجات منذ أول يوم في الانقلاب، التي تورط فيها قادة الانقلاب العسكري ومليشياتهم، مبينة أن العدد الكلي للقتلى ارتفع إلى 14 شخصاً، بعد مقتل مدني مجهول الهوية في اليومين الماضيين، والعثور على جثة في مشرحة مستشفى بشاير.
بينما كشفت اللجنة عن ارتفاع عدد المصابين إلى 181 شخصاً، بعضهم في حالة حرجة، وبعضهم تعرض لإعاقة دائمة. وأضافت لجنة الأطباء أنها على يقين بوجود عدد من الضحايا، لكنها لم تصل إلى أرقامهم نتيجة تعطيل خدمات الإنترنت والاتصال في جميع انحاء البلاد، مشيرة إلى أن إعلان حالة الطوارئ جعل التحقيق والتأكد من عدد الحالات صعبين وقاسيَين.