الداخلية البريطانية ماضية في خطّتها لترحيل اللاجئين إلى رواندا

الداخلية البريطانية ماضية في خطّتها لترحيل اللاجئين إلى رواندا

لندن

ديمة ونوس

avata
ديمة ونوس
ديمة ونوس
01 يونيو 2022
+ الخط -

أعلنت وزارة الداخلية البريطانية مساء البارحة عن موعد إرسال أول دفعة من طالبي اللجوء إلى رواندا في 14 يونيو/حزيران، بعد أقل من شهرين على توقيع شراكة بين الطرفين وصفتها أوساط حقوقية ورسمية بـ"غير الأخلاقية".

وتشير وزارة الداخلية، في بيانها الذي وصلتنا نسخة منه، إلى أنها بدأت في إصدار خطابات رسمية لـ"ترحيل" المجموعة الأولى من طالبي اللجوء إلى رواندا في 14 يونيو "ليتمكّنوا من إعادة بناء حياتهم في بيئة آمنة".

ونقل البيان عن وزيرة الداخلية البريطانية من أصول مهاجرة بريتي باتيل قولها: "إعلان اليوم هو خطوة حاسمة أخرى نحو تحقيق تلك الشراكة، ومع إدراكنا الكامل محاولات إحباط هذه العملية وتأخير عملية الترحيل، إلا أن ذلك لن يثنيني أو يردعني وسأبقى ملتزمة بتلبية توقّعات الرأي العام البريطاني".

وما أن نُشر الخبر مساء البارحة حتى تحرّك بعض "الرأي العام" الذي ذكرته باتيل في خطابها، ضدّ هذه الخطوة وسط تنديد كبير وتشكيك بمدى شرعيتها وتوافقها مع القيم البريطانية.

وقالت الرئيسة التنفيذية لمؤسسة "التحرّر من التعذيب" صونيا سكيتس، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، "إنها معركة من أجل روح بريطانيا"، معتبرة أن "المسؤولين يحاولون افتعال ما يلهي البريطانيين عن إخفاقات الحكومة في الوقت الذي نرى فيه العالم كلّه يرحّب باللاجئين بكل ما يملك من طاقة".

ووصفت سكيتس خطة رواندا بـ"الاستعمارية"، مشدّدة على أن المملكة المتحدة يجب أن تكون ملاذاً آمناً للهاربين من التعذيب والاضّطهاد.

وعن قانونية هذه الخطوة تقول سكيتس: "لا تزال الأسئلة القانونية الجادة بحاجة إلى التدقيق القضائي"، معتبرة أن الإعلان الأخير عن موعد ترحيل الدفعة الأولى بعد أسبوعين من الآن، ليس سوى "محاولة سياسية بائسة من رئيس الوزراء بوريس جونسون، لصرف الرأي العام عن التشكيك بكفاءته في قيادة بلدنا".

ولاتزال التفاصيل الأساسية في قضية ترحيل الدفعة الأولى المقرّرة في 14 يونيو، غير واضحة على الإطلاق. حاولنا في "العربي الجديد" التواصل مع وزارة الداخلية وكانت الإجابات التي حصلنا عليها متباينة وغائمة ولا توحي بتوفّر معلومات كافية لدى المكتب الصحافي، بالإضافة إلى افتقارهم إلى الأرضية القانونية والإنسانية الصلبة التي تتيح لهم الإجابة عن كل الأسئلة بثقة ووضوح. وتمحورت أسئلتنا حول جنسية الذين من المقرّر أن يُرحّلوا في الدفعة الأولى وأعدادهم وأعمارهم إلا أن وزارة الداخلية رفضت تزويدنا بأية تفاصيل إضافية غير البيان الذي حصلنا على نسخة منه. تذرّعت بـ"خصوصية" طالبي اللجوء وبأن بعضهم ينتمي إلى "الفئات الضعيفة" دون أن تشرح التعريف الدقيق لهذه الصيغة؛ ما إذا كانت تتعلّق بالعمر أو بالوضع الصحي.

26 سورياً على الأقل تضمّهم تلك الدفعة الأولى، وهم من درعا، المدينة التي انطلقت منها الثورة السورية

ومن الغريب أن تتحفّظ الوزارة عن جنسياتهم "حرصاً" عليهم في الوقت الذي تقرّر فيه ترحيلهم و"تسليمهم" إلى سلطات البلد الأفريقي المعروف باضّطهاده العنيف للمعارضين وبانتهاكاته لحقوق الإنسان. سألنا مصدراً في الوزارة عن التناقض بين "الحرص" على خصوصية طالبي اللجوء ممن ينتمون إلى "الفئات الأضعف" وبين القرار بترحيلهم رغم هشاشة أوضاعهم، فتحدّث لنا عن الخيار القانوني الذي أتاحته وزارة الداخلية للمحتجزين لديها والذي يجيز لهم الحصول على استشارة قانونية في أوضاعهم وتقديم طلب لإعادة التفكير في قرار ترحيلهم إلى رواندا.

وكان "المجلس المشترك لرعاية اللاجئين" JCWI قد أعلن عن أن الدفعة الأولى هذه تتضمّن أكثر من عشرة سوريين ضمن ما يقارب المئة شخص ممن تسلّموا إخطاراً بنيّة الحكومة ترحيلهم. وتؤكّد الوزارة أنها أرسلت الإشعار الأول لمن ترغب بترحيلهم في 14 مايو مما يتيح لهم الوقت "الكافي" للالتماس لدى القضاء بإعادة النظر بأوضاعهم. إلا أن JCWI أكّدت لـ"العربي الجديد" أن هذه المهلة ليست كافية على الإطلاق نظراً للتعقيدات المحيطة بقضية كل طالب لجوء على حدة.

وفي حديث لـ"العربي الجديد" قالت زوي غاردنر، مديرة السياسات والتوجيه في JCWI، إن مؤسّستهم تعمل جنباً إلى جنب مع رؤساء الأساقفة والمستشارين والمعلّمين وأفراد من المجتمع المدني لإيقاف خطة رواندا "القاسية والخطيرة" وأن "قواعد اللجوء التي فرضتها وزارة الداخلية تحرم طالبي اللجوء من المشورة القانونية التي هم بأمسّ الحاجة إليها"، مؤكّدة أن "السوريين الذين يواجهون خطر الترحيل في 14 يونيو لم يتمكنّوا من الحصول على تمثيل قانوني إلا هذا الأسبوع، على الرغم من تلقّيهم إخطار الترحيل قبل أسابيع". العديد من المنظمّات الأخرى تقدّم حالياً طعوناً قانونية في محاولة لإيقاف هذه الخطوة بحسب غاردنر.

وذكرت وزيرة الداخلية بريتي باتيل أن هذه الخطة تهدف إلى إيقاف معاناة طالبي اللجوء الذين يتعرّضون للابتزاز والمتاجرة ويخاطرون بحياتهم، إلا أن "العربي الجديد" علمت من مصادر خاصة أن 26 سورياً على الأقل تضمّهم تلك الدفعة الأولى، وأنهم من درعا، المدينة التي انطلقت منها الثورة السورية، باستثناء اثنين من حلب.

كما اطّلعت "العربي الجديد" على أوضاعهم، وتبيّن أن معظمهم عاش ظروفاً قاسية للغاية في الطريق إلى "بلد الحريات والديمقراطية" حيث مرّوا من ليبيا وتعرّضوا إلى التعذيب ومارسوا أشغالاً شاقّة وبعضهم لا تزال الندب التي خلّفها الصعق بالكهرباء منقوشة على جسمه، إضافة إلى كسور متفرّقة لم تشفَ بعد. 90 بالمئة من السوريين الـ26 مطلوبون للاعتقال في سورية إما بسبب انتمائهم للمدينة الثائرة درعا، أو بسبب تخلّفهم عن الخدمة العسكرية أو لأنهم كانوا محتجزين لأشهر طويلة في سجون الأسد. وهم اليوم محتجزون في "بروك هاوس"، البناء التابع لوزارة الداخلية والقريب من مطار "غيتويك"، حيث هدير الطائرات العابرة بالقرب منهم يذكّرهم كل دقيقة بخطّة ترحيلهم إلى رواندا.

وقال كنان الشاب السوري المتطوّع في منظمة تعنى بأمور اللاجئين، لـ"العربي الجديد"، إنه حتى الآن استطاع الوصول إلى 26 شاباً سورياً إضافة إلى عدد قليل من المصريين والسودانيين، مؤكّداً الصعوبات التي فرضتها وزارة الداخلية لتجعل وصول طالبي اللجوء إلى الاستشارات القانونية أمراً صعباً ومعقداً للغاية. ويشرح كيف أن الوزارة صادرت هواتف طالبي اللجوء الذين وصلوا إلى أراضيها على دفعتين؛ الأولى في 11 مايو والثانية في العشرين منه، مما عرقل تواصلهم مع العالم الخارجي، مضيفاً أن "معظم من وصل، تربطه صلات بعائلة أو أقارب أو أصدقاء مقرّبين في بريطانيا".

وتلقّى طالبو اللجوء الإخطار الأول بقرار ترحيلهم إلى رواندا بعد يوم أو يومين من تاريخ وصولهم. يقول كنان: "كان من الصعب جداً التواصل معهم. وما إن وصلنا إلى شخص واحد فقط حتى تمكنّا عبره من الوصول إلى آخرين. إلا أننا حتى هذه اللحظة لم نستطع الوصول إلى الجميع"، مضيفاً أن جمعيتهم تتلقّى رسائل عديدة عبر صفحات التواصل الاجتماعي من عائلات تبحث عن أبنائها "المحتجزين" في بريطانيا.

ومع أن وزارة الداخلية أكّدت لـ"العربي الجديد" أنها وفّرت كل الإمكانيات لطالبي اللجوء من "الفئات الضعيفة" للحصول على استشارات قانونية ولتقديم شكوى أو طلب للمحكمة بإعادة النظر في حالاتهم، إلا أن كنان أكّد مجدّداً على عدم صحة تلك الادّعاءات قائلاً إن الوزارة "صعّبت وصول المحامين المتطوّعين إليهم كما عرقلت وصول أوراقهم الرسمية للمستشارين القانونيين". كما أن جهاز الفاكس في "بروك هاوس" ظلّ معطّلاً لأيام طويلة، مما قلّص المهلة "الكافية" التي تحدّثت عنها الوزارة. وبدأ أكثر من 20 سورياً إضراباً عن الطعام يوم الجمعة الماضي، والبعض لا يزال حتى اللحظة. في حين شهد "بروك هاوس" محاولتي انتحار من شاب سوداني وآخر كردي من العراق قبل بضعة أسابيع على خلفية خطة رواندا.

ذات صلة

الصورة
متظاهرون في بريطانيا يتضامنون مع غزة برش مقر وزارة الدفاع بالطلاء الأحمر (العربي الجديد)

سياسة

استهدف ناشطون، الأربعاء، مبنى وزارة الدفاع في بريطانيا بالطلاء الأحمر، تنديداً باستمرار دعم حكومة بلادهم للإبادة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في غزة.
الصورة

سياسة

أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، الخميس، بأن بريطانيا اشترطت على إسرائيل السماح بزيارة دبلوماسيين أو ممثلين عن منظمة الصليب الأحمر عناصر النخبة من حماس المعتقلين.
الصورة
ناشطة بريطانية تتلف لوحة بورتريه للورد بلفور بسبب فلسطين (إكس)

منوعات

أعلنت منظّمة بريطانية مؤيدة لفلسطين، الجمعة، أن ناشطة فيها أتلفت لوحة بورتريه معروضة لآرثر بلفور السياسي البريطاني الذي ساهم إعلانه في إنشاء إسرائيل.
الصورة

سياسة

أغلق محتجون مؤيّدون للفلسطينيين اليوم السبت طرقاً خارج البرلمان البريطاني في لندن، مطالبين بوقف فوري للحرب على غزة.