الثورة السورية والموقف التركي

الثورة السورية والموقف التركي

14 اغسطس 2022
من الاحتجاجات أمام القاعدة التركية في بلدة المسطومة الجمعة (العربي الجديد)
+ الخط -

رغم التصريحات المثيرة للجدل من قِبل وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، حول ضرورة المصالحة بين المعارضة والنظام، كشرط لإحلال السلام في سورية، ورغم الهبّة الشعبية والتظاهرات العارمة في الشمال السوري المنددة بهذا الموقف، إلا أن التحوّل في السياسة التركية تجاه القضية السورية لم يكن وليد اللحظة.

بدأ ذلك بعد التدخّل الروسي في سورية عام 2015، والتنسيق التركي مع روسيا، وتحديداً بعد سماح أنقرة بسقوط حلب في يد النظام، بدعم روسي إيراني في عام 2016.

كما برزت ملامح التحوّل في الموقف التركي من نظام بشار الأسد مع تشكيل مسار أستانة بين تركيا وروسيا وإيران، والذي ظهر فيه عملياً التخلي عن فكرة رحيل الأسد، والتعامل مع وجوده كأمر واقع.

ومع تقدّم مسار أستانة، الذي قسّم مناطق سيطرة المعارضة إلى أربع، سُميت مناطق خفض التصعيد، قدّمت تركيا ثلاث مناطق منها إلى النظام بإشراف روسي، ثم سمحت للنظام بشن عملية عسكرية، مطلع عام 2020، قضم خلالها نحو نصف منطقة خفض التصعيد الرابعة، ليحشر نحو أربعة ملايين سوري في قطاع جغرافي ضيّق يشمل نحو نصف مساحة محافظة إدلب.

كل تلك التنازلات من الجانب التركي للنظام وموسكو، كانت مقابل السماح له بقيادة فصائل المعارضة للسيطرة على مناطق سيطرة "قوات سورية الديمقراطية" شمال سورية. ولكن رغم كل تلك التنازلات العسكرية من أنقرة، إلا أن الموقف السياسي من النظام بقي في إطار القطيعة، واقتصار التنسيق بين الطرفين على الجانب الاستخباراتي السري.

في الوقت الحالي، قد تكون تصريحات وزير الخارجية التركي المتلاحقة عن العلاقة مع النظام، كالكشف عن تنسيق استخباراتي، أو عن لقاء سابق مع وزير خارجية النظام فيصل المقداد، في سياقين: الأول يتعلق بجس نبض جمهور المعارضة والدول الغربية قبل اتخاذ أي خطوات جدية تجاه النظام. والثاني قد يرتبط بحسابات داخلية متعلقة بالانتخابات في تركيا، وكسب جزء من الجمهور التركي الذي يتذمر من وجود نحو أربعة ملايين لاجئ سوري في تركيا.

ولكن مهما يكن من أمر تلك التصريحات، فيجب التعاطي معها من جمهور المعارضة السورية بشيء من الموضوعية. فتركيا دولة تديرها حكومة براغماتية تعمل وفق مصالحها ومصالح شعبها، وقد ناصرت الثورة السورية وفق هذه الرؤية، وهي الآن المنفذ الوحيد لمناطق المعارضة على العالم الخارجي، ولا تزال تؤوي ملايين اللاجئين على أراضيها.