الاشتباكات على الحدود الأردنية السورية: مناوشات في إقليم مشتعل

الاشتباكات على الحدود الأردنية السورية: مناوشات في إقليم مشتعل

20 ديسمبر 2023
قوات أردنية على الحدود مع السورية، 2022 (خليل مزرعاوي/فرانس برس)
+ الخط -

اشتعلت الحدود الأردنية السورية مجدداً في مواجهات واشتباكات بين القوات المسلحة الأردنية والمهربين في الجنوب السوري، في وقت ينشغل فيه العالم والإقليم بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

الجيش الأردني أعلن في بيان، أول من أمس الاثنين، اعتقال 9 مهربين بحوزتهم مخدرات وأسلحة متنوعة بعد اشتباكات على الحدود مع سورية، أوقعت إصابات في صفوف حرس الحدود الأردنيين.

كما ضبط 4 صواريخ "روكيت لانشر"، و4 صواريخ نوع "آر بي جي"، و10 ألغام ضد الأفراد، و3 بندقيات قنص نوع "جي3"، وبندقية نوع "م16" مجهزة بمنظار قنص، ودمّر بحسب البيان، سيارة محملة بالمواد المتفجرة.

وأضاف "أن التحقيقات الأولية لهذه العمليات والمضبوطات تشير إلى استهداف الأمن الوطني الأردني، وأن القوات المسلحة تتابع تحركات المجموعات المسلحة وما تهدف إليه من محاولات لزعزعة الأمن الوطني، وستقوم بكل ما يلزم لردعها وملاحقتها أينما كانت".

"المرصد السوري": مقتل ناصر السعدي المقرب من "حزب الله"

وتخلل المواجهات قصف طيران أردني مواقع في الجنوب السوري من المرجح أنها مخابئ لمهربي المخدرات. وذكرت شبكات إخبارية محلية سورية، منها "السويداء 24"، أن 4 أشخاص على الأقل لقوا حتفهم، جراء غارة جوية استهدفت مزرعة قرب بلدة ذيبين جنوبي السويداء، على مقربة من الحدود السورية الأردنية، يقيم فيها المدعو أبو جمعة الحمادة مع عائلته.

وفي قرية أم شامة جنوبي شرقي السويداء، استهدفت إحدى الغارات الجوية منزل شاكر الشويعر، وهو من المتهمين بالضلوع في تجارة المخدرات. كما طاول القصف أحد المواقع في بلدة المناعية الواقعة في الريف الجنوبي لمحافظة درعا.

من جانبه أفاد "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، أول من أمس، بمقتل "تاجر المخدرات ناصر فيصل السعدي، المقرب من "حزب الله" اللبناني والأجهزة الأمنية للنظام السوري، بضربة جوية يُرجح أنها أردنية على منطقة صلخد بريف السويداء".

لكن المتحدث باسم "تجمع أحرار حوران" أبو محمود الحوراني، أكد لـ"العربي الجديد" أن السعدي لم يُقتل في الغارة، بل قُتل جاره.

وتتهم عمّان النظام السوري بالتقاعس في حماية الحدود، وجماعات مسلحة موالية لإيران بأنها وراء تصاعد وتيرة تهريب المخدرات والأسلحة إلى الداخل الأردني في الآونة الأخيرة.

فيوم الخميس الماضي، حذر وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، خلال لقائه نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، من استمرار محاولات تهريب المخدرات والسلاح من سورية إلى الأردن.

زعزعة استقرار الأردن

وفي السياق قال الخبير الأمني والعسكري الأردني جلال العبادي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن هناك من يريد زعزعة الاستقرار في شمال المملكة، وهم على الأغلب تجار وعصابات مستفيدة من تهريب المخدرات.

وأشار إلى أنه "في الوقت الذي يجب أن يحارب فيه الأردن مهربي المخدرات من الخارج، فإنه يجب التركيز على الجهات التي تتعاون معهم في الداخل، والتي تستقبل هذه المهربات وتوزعها، وبنفس القوة".

وأوضح العبادي أن عمليات التهريب المتكررة والمتتالية في الوقت الراهن "مرتبطة بالطقس، إذ الأجواء الشتوية مناسبة لتهريب المخدرات، فالمطر والضباب والرؤية المحدودة تشكل ظروفا طبيعية مناسبة للتهريب، ليس على الحدود الأردنية فحسب، بل جميع الحدود في العالم".

العبادي: التصعيد ليس بمصلحة الأردن، وعليه مواجهة التحديات بإيجابية

ورأى أن المنطقة بشكل عام "تشهد تصعيداً أمنياً، ولكل أهدافه الخاصة"، لافتاً إلى أنه "على الأردن عدم التصعيد في هذا الوقت، خصوصاً في ظل العدوان الإسرائيلي البشع على الأهل في غزة، واحتمال توسع تداعياته على المنطقة".

واعتبر أنه ليس من مصلحة الأردن التصعيد، "خصوصاً في ظل احتمالية الإضرار بالبلاد اقتصادياً"، وعلى الأردن، وفق العبادي، "مواجهة التحديات بإيجابية، وبعيداً عن الاصطفافات الإقليمية".

وبشأن الأسلحة التي ضبطها الجيش الأردني خلال الاشتباكات الأخيرة، قال إنها "أسلحة موجودة لدى جميع العصابات في جنوب سورية، وهي ليست أسلحة حديثة، ومداها محدود".

وأشار إلى أن اشتباكات العصابات المسلحة مع الجيش الأردني تهدف إلى "إشغال قوات حرس الحدود، من أجل تهريب المخدرات وتجاوز الحدود من مناطق أخرى"، مضيفاً أنه "أسلوب يتبعه المهربون في مختلف أنحاء العالم".

تهريب المخدرات والأسلحة

وعلى عكس ذلك رأى الباحث الاستراتيجي الأردني عامر السبايلة، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الأمور تتجاوز فكرة تهريب المخدرات إلى "استهداف مباشر للحدود الأردنية والدولة الأردنية". وتابع: "نحن لا نتحدث عن مخدرات، بل محاولات لتهريب أسلحة نوعية".

يأتي ذلك وفق السبايلة، متزامناً مع " استمرار حرب غزة وتوسعها حتى البحر الأحمر، من قبل الحوثيين والمليشيات الموجودة في المنطقة"، مضيفاً أنه "يمكن أن يكون الأردن محطة استهداف للكثيرين، لخلق نقاط ساخنة وجديدة تخفف الضغط في مكان آخر، أو تورّط الأميركيين مع حليفهم الأردن".

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وبرأي السبايلة، المطلوب من الأردن "رسائل حاسمة، لمنع استهداف الحدود الأردنية، والعمل وفق استراتيجية وقائية لتجفيف منابع هذه المليشيات، في الداخل السوري، بحيث ترفع الكلفة بشكل كبيرة على من يهاجم الحدود الأردنية أو يسعى للإضرار بالداخل الأردني".

وأوضح أن "هذا النمط من الأعمال العدائية على الحدود الأردنية ليس نمط داعش أو القاعدة، رغم عودتهما بقوة في الجنوب السوري، بل هو نمط مختلف يرتبط بعصابات التهريب المخدرات والسلاح، وهي مليشيات لتهريب السلاح أكثر منها مخدرات، وارتباطها واضح ومعروف".

الحدود الأردنية السورية خط أحمر

بدوره، قال الرئيس السابق للجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأردني، نضال الطعاني، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الوضع على الحدود الشمالية للأردن مقلق وهناك تحد كبير يواجهه الأردن من ناحية تهريب المخدرات والأسلحة".

وأوضح أنه "منذ 2011 وحتى اليوم، هناك تهريب متواصل للمخدرات عبر الحدود السورية، وهي الخاصرة الرخوة بالنسبة للدولة الأردنية".

الطعاني: غدت المواجهات على الحدود الأردنية مع سورية أكثر تعقيداً


وأضاف أن "غياب دولة سورية قادرة على حماية حدودها بشكل كامل، يجعل المهمة كبيرة وصعبة أمام الجيش الأردني لحماية الحدود من الجانبين السوري والأردني".

وتابع: "أصبح تجار المخدرات يهرّبون بطرق مبتكرة وأكثر تعقيداً وليس بالطرق البدائية القديمة"، لافتاً إلى أنه "سابقاً لم يكن هناك مواجهات عسكرية مع الجيش الأردني، فيما اليوم غدت المواجهات أكثر تعقيداً".

وشدّد الطعاني على ضرورة أن "تكون الحدود الأردنية خطاً أحمر أمام الجميع سواء من المهربين أو حتى اللاجئين، ومنع أي دولة من الوصول للحدود الأردنية"، مشيراً إلى "وجود توافق رسمي وشعبي على أهمية منعة الحدود أمام جميع المخاطر".

وبرأيه فإنه "على السوريين العمل مع الحكومة الأردنية لمواجهة هذه الآفة"، موضحاً أن "هناك كميات كبيرة من المخدرات تحاول العصابات إدخالها إلى الأردن، يرافقها اشتباكات مع حرس الحدود الذين يقومون بدور كبير لحماية الأردن والأردنيين".

المساهمون