إنفاذ مخالفات البناء بيد بن غفير: لتصعيد اضطهاد المجتمع العربي

إنفاذ مخالفات البناء بيد بن غفير: لتصعيد اضطهاد المجتمع العربي

09 ابريل 2024
بن غفير يشرف على توزيع سلاح بعسقلان (مناحيم كاهانا/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الحكومة الإسرائيلية تنقل صلاحيات "سلطة إنفاذ مخالفات البناء غير المرخص" إلى وزارة الأمن القومي بقيادة إيتمار بن غفير، مما يثير قلق الفلسطينيين في الداخل المحتل عام 1948 وينذر بزيادة هدم المنازل وفرض غرامات.
- حنا سويد يتوقع زيادة المواجهات بين الفلسطينيين وقوات الشرطة والمليشيات المسلحة بسبب استغلال بن غفير للصلاحيات الجديدة ضد البناء غير المرخص في البلدات العربية.
- مضر يونس يحذر من خطورة نقل الصلاحيات بسبب الأجندة السياسية لبن غفير، مما يتطلب تجنيد أغلبية في الكنيست لرفض القرار وينذر بزيادة التوتر والمواجهات في الداخل الفلسطيني.

يخشى أبناء الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، من تصعيد جديد يستهدفهم بعد مصادقة الحكومة الإسرائيلية، أول من أمس الأحد، على نقل صلاحيات ما يسمى بـ"سلطة إنفاذ مخالفات البناء غير المرخص" من وزارة المالية إلى وزارة الأمن القومي التي يرأسها المتطرف إيتمار بن غفير، مع ما يعنيه ذلك من توجه لزيادة هدم المنازل وفرض الغرامات على المجتمع العربي في الداخل الفلسطيني. وتأتي تلك المصادقة من قبل الحكومة الإسرائيلية، استناداً إلى اتفاقيات الائتلاف الحكومة الحالية بين حزب الليكود وحزب عوتمسا يهوديت (القوة اليهودية) بزعامة بن غفير.

الداخل الفلسطيني أمام تحدٍ جديد

يشرح رئيس المركز العربي للتخطيط البديل، حنا سويد، لـ"العربي الجديد"، تداعيات هذا القرار وانعكاساته على الداخل الفلسطيني، بالقول إن نقل الصلاحيات لوزارة الأمن القومي وبن غفير، معناها فتح جبهة جديدة للاحتكاك والمواجهة التي يفتش عنها كلّ يوم الوزير الإسرائيلي المتطرف مع المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل المحتل. ويضيف: "عملياً الوزير (بن غفير) وجد هذا المجال الذي ربما يدّعي من خلاله بأن هناك مخالفات قانونية واسعة في البلدات العربية، وأنه يجب معالجة هذه المخالفات، والمهم أن في حوزته الوسائل المختلفة من أجل استغلالها في تنفيذ مخططاته، وهي المليشيات المسلحة التي أقامها".

ويلفت سويد إلى أن "الشرطة كانت في الماضي لا تستطيع توفير الحماية لسلطات التنظيم والبناء لتنفيذ عمليات الهدم، ولذلك كانت أعمال الهدم تتأخر أحياناً، أما الآن فلا يمكن ادعاء ذلك، لأن بن غفير سيقول إن لديه المزيد من القوة والشرطة المدججة بالسلاح، والمليشيات التي أنشأها من أجل حماية عمليات الهدم".

يقدّر سويد عدد البيوت التي وصل فيها الوضع إلى قرار ناجز ونهائي بالهدم، بألفي بيت

وعن تأثير ذلك على المجتمع العربي بالداخل الفلسطيني، يقول سويد: "طبعاً هذا سيؤثر على المجتمع العربي إذ سيزيد من إمكانية المواجهة، لأنه كما نعرف، فإن المجتمع العربي ينتقد ويمقت ويعارض ويواجه مخططات وعمليات الهدم، فإذا أصبحنا كل يوم أمام حملة يجرّها بن غفير لهدم بيت في هذه البلدة أو تلك، فإن هذا سيَلقَى مواجهة ومعارضة ستتطور بين أصحاب البيوت وبين قوة الشرطة ولجان التنظيم".

وعن المناطق التي تشملها الصلاحيات وزارة الأمن القومي الإسرائيلية، يلفت سويد إلى أنها تضم "كل المناطق التي تخضع للتنظيم وقانون التنظيم والبناء والتي حُرّرت فيها مخالفات، والتي صدرت بحق المنازل فيها أوامر هدم، فالقصد هو تنفيذ أوامر الهدم وتشديد اليد في إنزال العقوبات وفرض الغرامات على أبسط المخالفات". ويتابع سويد: "نعرف أن هذه الوحدة (سلطة إنفاذ القانون)، حتى عندما كانت ضمن صلاحيات وزارة المالية، لم تكن تتعامل بأيد مخملية مع المجتمع العربي، إنما بقساوة وفظاظة، ويراد لها اليوم أن تكون أسوأ". ويلفت في هذا الصدد، إلى أن الاعتراضات "كانت تشمل مجرد نصب عريشة في أراضٍ زراعية حيث تتم مطاردة أصحاب الأراضي والمباني بالإنذارات وغرامات بمئات آلاف الشواكل".

وبخصوص المنازل التي قد تتأثر بالقرار، يوضح أنها بالأساس "البيوت والمباني التي صدرت بحقها أوامر هدم قضائي نهائي ناجز، بمعنى أنه يمكن تنفيذه، لأنه في بعض الحالات هناك أوامر هدم يجري التعامل معها بشكل قانوني مع ما يشمله ذلك من اعتراضات واستئنافات وغيرها". وبلغ عدد البيوت التي وصل فيها الوضع إلى قرار ناجز ونهائي، بحسب تقدير سويد، ألفي بيت. ويعرب رئيس المركز العربي للتخطيط البديل عن اعتقاده بأن "هذه البيوت هي المرشحة الأولى لأن تتأثر سلباً بأحلام ومخططات بن غفير"، بحسب تعبيره.

أجندة سياسية لبن غفير

وبرأيه، فإن أهداف وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف بحصول وزارته على هذه الصلاحية، هي سياسية بالدرجة الأولى، إذ إن بن غفير "لا يحلم لا بالتنظيم ولا بالبناء، بل هو يفتش كل يوم عن المواجهة مع المجتمع العربي وتأجيج الأوضاع معه، وفتح مواجهات نحن لسنا بحاجة إليها ولا أي طرف بحاجة لها". ويتهم سويد بن غفير بأنه "يفكر في فرض القوة والعربدة على المجتمع العربي مستغلاً القوة والصلاحيات التي راكمها". ويلفت سويد إلى أن أمر نقل الصلاحيات ليس نهائياً بمعنى أن قرار الحكومة لا يمكن تنفيذه قبل إنجاز خطوتين إضافيتين، الأولى وجوب إعلام رئيس الكنيست (أمير أوحانا) بنية الحكومة نقل هذه الصلاحيات من وزارة الى وزارة، من دون أن تكون هناك حاجة إلى تصويت في الكنيست حول القرار. أما الخطوة الأخرى، فهي نقل الصلاحيات فعلياً حتى يتمكن الوزير من مزاولتها، وهو ما يحتاج إلى تصويت في الكنيست.

ويعرب سويد عن اعتقاده بأنه لا تزال هناك فرصة لمواجهة هذا الوضع المستجد ومحاولة تجنيد أغلبية في الكنيست، رافضة للقرار، وأن تصوت لإفشال نقل الصلاحيات. وبرأيه، فإن هذا الأمر يشكل تحدياً أمام السلطات المحلية العربية وأمام أعضاء الكنيست لكي يتفقوا.

وفي ما يتعلق بالجانب القضائي، يعرب سويد عن اعتقاده بأن المستشارة القضائية للحكومة غالي بهراف ميارا، والجهات القضائية عامة (في دولة الاحتلال) لا تحبذ، وربما تعارض هذه العملية، لأنها ترى أن صلاحية الهدم يجب أن ترتبط بصلاحية التخطيط المنوطة بها وزارتا المالية والداخلية. كما ينوه إلى أن وزير الداخلية الإسرائيلي موشيه إربيل، لم يقل رأيه حتى الآن في عملية نقل الصلاحيات، وهي من المجالات التي يمكن لرؤساء السلطات المحلية والأحزاب السياسية ممارسة الضغط فيها والتواصل معه حوله على اعتبار أنه المسؤول الأعلى لقضايا التخطيط والبناء.

من جهته، يحذّر رئيس اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية، مضر يونس، في حديث لـ"العربي الجديد"، من خطورة نقل سلطة إنفاذ مخالفات البناء لبن غفير، معتبراً أن مكمن الخطورة "يتمثل في شخص بن غفير وأجندته السياسية". ويوضح أن "سلطة إنفاذ مخالفات البناء هي سلطة صعبة، ومع وجود قانون كمينتس (الذي صدر في عام 2017، ويشدد العقوبات على البناء غير المرخص ويقوض صلاحيات المحاكم في ما يتعلق بتجميد أوامر الهدم)، زادت الصعوبة، واليوم مع وجود هذه السلطة في يدي بن غفير، كشخص عنصري ونعرف وجهته، فمن الطبيعي أن يزداد التشدّد بتطبيقها إجراءات هذه السلطة".

ويوضح يونس أن سلطة إنفاذ مخالفات البناء لا تتضمن فقط هدم البيوت إنما أيضاً الغرامات العالية، وفي ظل تأخر وتباطؤ القرارات في قضايا التخطيط وإصدار تصاريح البناء، يبرز الدور المتشدد من قبل سلطة إنفاذ مخالفات البناء وما يمكن أن تسببه إلى مجتمعنا العربي".

وعن التوقعات بشأن زيادة التوتر مع دخول هذه السلطة حقبة بن غفير، يشرح يونس أنه "وفق القانون، تستعين سلطة إنفاذ مخالفات البناء بالشرطة، وعندما تكون الشرطة تحت إمرته وكذلك سلطة إنفاذ مخالفات البناء، وأخذاً بعين الاعتبار أجندته السياسية وإيلاءه هذا الأمر أولوية، فمن الواضح أننا سنشهد تصعيداً". وبحسب يونس، فإن الفترة الأخيرة كانت شهدت تحركاً أكبر لسلطة إنفاذ مخالفات البناء، موضحاً أنه "في السابق كنا نستطيع التفاهم معها والوصول إلى تأجيل وتأخير تنفيذ لقرار عبر المحكمة، لكن اليوم نلمس تصعيداً حتى في المسار القضائي، حيث ازداد صعوبة الحصول على مهلة أو تأجيل (الهدم أو أي إجراءات أخرى) على أساس أن هناك تخطيط، وكأن التخطيط سيكون قريباً وسيتم الحصول على رخصة بناء، وهذا غير صحيح". ويخلص إلى أن "المخاوف كبيرة من أن الوضع سيكون أسوأ، ليس فقط في ما يتعلق بقضايا الهدم، بل أيضاً لناحية فرض الغرامات المالية".

 


 

المساهمون