إعادة أهالي سيناء إلى مناطقهم وسيلة لإحباط تهجير الغزّيين

إعادة أهالي سيناء إلى مناطقهم وسيلة لإحباط تهجير الغزّيين

26 يناير 2024
السور بين مصر وقطاع غزة أول من أمس (فرانس برس)
+ الخط -

تتزايد المطالبات في محافظة شمال سيناء، شرقي مصر، بضرورة إعادة مهجري سيناء من قرى مدينتَي رفح والشيخ زويد إلى منازلهم، بعد غياب قسري دام أكثر من 10 سنوات نتيجة العمليات العسكرية للجيش المصري في المدينتين، وذلك بهدف القضاء على تنظيم "داعش".

يأتي ذلك وسط رفض الجيش بعد القضاء على التنظيم، عودة المهجرين، بعكس الوعود والتصريحات الرسمية، وتحديدها مواعيد قاطعة لإعادتهم.

هذه المطالب تتزامن مع متابعة سكان شمال سيناء للتطورات في قطاع غزة، لا سيما في المناطق الجنوبية، والتوغل البري الإسرائيلي في مدينة خانيونس، واقتراب النازحين من الحدود المصرية الفلسطينية، إلى جانب الحديث الإسرائيلي عن تهجير سكان القطاع باتجاه سيناء.

لا استجابة لمطالب إعادة مهجري سيناء

وقالت مصادر قبلية مطلعة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن قوات الجيش لم ترد على الطلبات التي وجهها في شهر يناير/كانون الثاني الحالي، عدد من الوجهاء ومسؤولي قبائل في سيناء بضرورة السماح للمواطنين المهجرين بالوصول إلى مدينة رفح والإقامة فيها، بما يحول دون تنفيذ أي مخطط إسرائيلي يهدف إلى تهجير سكان غزة نحو مصر خلال المرحلة المقبلة.

وأفادت المصادر أن من ضمن المطالبات أيضاً، الإفراج عن المعتقلين لدى الأمن المصري بتهمة الاحتجاج والتظاهر من أجل إعادة مهجري سيناء إلى مدينتَي رفح والشيخ زويد، ومن ضمنهم عدد من المشايخ والوجوه المعروفة في محافظة شمال سيناء، وهو طلب لم تستجب له الجهات الأمنية والعسكرية في المحافظة.

مخططات مصرية للمهجرين من سيناء

من جهته قال مصدر مسؤول في مجلس مدينة رفح، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن كل الطلبات التي أرسلت من المشايخ وزعماء القبائل، قوبلت بالرفض، إذ إن الجيش المصري لن يسمح لأي شخص أو مواطن مصري مهجّر من رفح بالعودة إليها مطلقاً، "لأنها تُعتبر حالياً منطقة عازلة، ومنطقة عسكرية مغلقة يحظر على المدنيين الوجود فيها".

مصدر: الجيش المصري يسعى لإنشاء مساكن  وتجمعات سكانية لاستقرار المهجرين 

وأشار إلى أن "الجيش المصري يسعى في الوقت الحالي للبدء في إنشاء مساكن ومناطق وتجمعات سكانية لاستقرار المهجرين المصريين من رفح والشيخ زويد فيها، وإنهاء مشكلتهم، من دون العودة إلى المناطق التي كانوا فيها قبل بدء العمليات العسكرية للجيش".

الجيش المصري يسعى كذلك، وفق المصدر، لـ"إنشاء شبكة طرق وتطوير المنطقة الواقعة من بين الشيخ زويد ورفح، وجنوباً حتى منطقة وسط سيناء"، وذلك بهدف "تنفيذ عدة مشاريع يعمل فيها المهجرون، وفتح مصادر رزق جديدة لهم بعيداً عن الأماكن التي كانوا يعملون فيها، من زراعة وصناعة في مدينتي رفح والشيخ زويد على مدار العقود الماضية".

وأشار إلى أن "المهجرين ليس أمامهم إلا قبول هذه المخططات الجديدة، والتي تعمل عليها الوزارات والهيئات الهندسية التابعة للقوات المسلحة المصرية، على أن تنتهي خلال العامين المقبلين".

وعود إعادة مهجري سيناء لم تُنفذ

إعادة مهجري سيناء قضية تسودها حالة من الامتعاض جراء ذهاب وعود قدمها رئيس اتحاد قبائل سيناء، رجل الأعمال السيناوي إبراهيم العرجاني، إلى مشايخ القبائل قبل عدة شهور، أدراج الرياح. وعود قال فيها إنه سيُسمح للمواطنين في عدة مسافات داخل مدينة رفح بالعودة إلى قراهم وأراضيهم، فيما لم يُسمح لأي شخص بالعودة إلى هذه المناطق.

وكتب عدد من الشبان من أبناء المهجرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ملقين اللوم على العرجاني، بسبب عدم تنفيذ وعوده بشأن إعادة مهجري سيناء إلى منازلهم، خصوصاً أنهم شاركوا قوات الأمن المصرية في القضاء على تنظيم "داعش"، بعد عدم قدرة الجيش على القضاء على التنظيم طوال 10 سنوات من القتال، في معارك تسببت بخسائر كبيرة في قوات الجيش والشرطة.

قلق مهجري سيناء من أداء الدولة

وفي السياق قال الكاتب والباحث المختص في شؤون سيناء مهند صبري، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن مصدر قلق مهجري سيناء، "هو أداء الدولة". وأوضح أن "عدم الثقة بالدولة يأتي في ظل عدم اتخاذ تدابير تسمح بعودة المهجرين فوراً وبكل سرعة، مثل إتاحة الموارد لإعادتهم وتسكينهم وإعمارهم لهذه الأرض".

صبري: النظام المصري مطالب بخطوات عملية وفعلية لمواجهة  المخطط الإسرائيلي

ورأى أن هذا الأمر يضع علامات استفهام كبرى أمام الدولة والجيش، إذ إن السؤال "ما هو المخطط الذي لا تعلن عنه الأجهزة المسؤولة حتى اليوم لهذه المنطقة؟ ولأي مدى يصل هذا المخطط في ظل الحرب ونوايا إسرائيل المعلنة لتهجير الفلسطينيين؟".

أما عن تهجير الغزّيين، فقد أوضح صبري أن "مسار النزوح الفلسطيني واضح، وهو ليس نزوحاً طوعياً"، وهو نزوح "قسري عبر القتل والإبادة"، مضيفاً أنه "لا يوجد أي حالة من القبول لهذا النزوح".

وقال إن هذا المسار "بدأ بالقصف الجوي من ثم التوغل البري بدءا من شمالي قطاع غزة وصولاً إلى الجنوب، كما تم تدمير شمال غزة ومنع أي شكل من أشكال الحياة، فيما يستكمل هذا النسق لتطبيقه على الجنوب".

النظام المصري مطالب بإغاثة قطاع غزة

وأضاف صبري أن "النظام المصري مطالب بالاعتراف بأن هذا الاتجاه الواضح هو تهجير قسري للفلسطينيين إلى سيناء، وبناء عليه يجب أن يتخذ خطوات عملية وفعلية لمواجهة هذا المخطط الإسرائيلي".

أولى خطوات مواجهة المخطط، وفق صبري، هي "فتح خطوط الإمداد بمواد الإغاثة الإنسانية، بكل أشكالها لإغراق غزة بالمساعدات، والتي تمكن الفلسطينيين من إيجاد ما يمكنهم من الاستمرار في أماكنهم".

واعتبر أنه "لا يوجد ما يمنع إسرائيل من قصف الجدار الحدودي وإجبار الفلسطينيين، بالقصف من كل الاتجاهات، على ما يدفعهم للتهجير نحو سيناء في أية لحظة".