إسرائيل تنتقل لسياسة الاغتيالات في لبنان: رسائل سياسية إلى حزب الله

10 يناير 2024
خلال تشييع القيادي في حزب الله وسام الطويل يوم أمس (رويترز)
+ الخط -

قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليوم الأربعاء، إنّ إسرائيل ضاعفت وتيرة الهجمات في لبنان على نحو كبير وانتقلت عمليًا إلى سياسة الاغتيالات العينية، وهو ما يحمل عدة رسائل إلى حزب الله بأنّ قياداته مستهدفة ومعرّضة للاغتيال تماماً كقادة حركة حماس.

وأشارت الصحيفة إلى أن "الخط الذي ينتهجه الجيش الإسرائيلي بدعم من المستوى السياسي دقيق جداً، وينصب في إطار الجهود الكبيرة من أجل إبعاد قوات الرضوان عن الخط الحدودي، دون تجاوز حدود المعارك إلى حرب واسعة، وبما يتيح للجيش الحفاظ على غزة كجبهة رئيسية للحرب".

وبحسب الصحيفة، فإنّ هذا يشكّل تحدياً تبدو كلمة "معقّد" صغيرة لوصفه، لعدة أسباب؛ من بينها أنّ الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، أكد أن ما يحدث في الشمال لن ينتهي دون انتهاء الحرب في غزة. وأضافت: "عملياً هذا الوضع لا تحتمله إسرائيل، وتسبب بإقامة منطقة أمنية عازلة داخل أراضيها، ودفع أكثر من 100 ألف من سكان المناطق القريبة من الحدود إلى ترك بيوتهم".

ولفتت "يديعوت أحرونوت" إلى أن وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، كرر أكثر من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، أن إسرائيل تفضّل التوصل إلى اتفاق على خوض حرب واسعة، إلا أنه أكد كذلك "أن الحوار الوحيد حالياً بين الأطراف يتم بالنار تحت نفس القواعد، ذلك أن حزب الله يدرك أيضاً أن مواطني لبنان لا يريدون أن تبدو بيروت مثل غزة".

في غضون ذلك، تتحدث قيادة المنطقة الشمالية في جيش الاحتلال الإسرائيلي عن عدة إنجازات، وفقاً للصحيفة، من خلال القصف الذي ينفذه الجيش، من بينها "إبعاد قوات الرضوان عن السياج الحدودي، حتى لو لم يكن ذلك إلى ما بعد نهر الليطاني، بالإضافة إلى تحقيق أضرار كبيرة وصعبة في البنى التحتية والمقرات العسكرية لحزب الله، وتوجيه ضربات كبيرة لوسائل القتال التي يعتمد عليها وكذلك استعادة حرية الحركة الجوية (الإسرائيلية) في جنوب لبنان".

وأشارت الصحيفة أيضاً إلى اغتيال القيادي في الحزب وسام الطويل، مضيفة أن "إسرائيل لم تعلن مسؤوليتها عن ذلك بشكل رسمي ولكن وزير الخارجية الجديد يسرائيل كاتس، قام بذلك عبر لقاء تلفزيوني"، مؤكدة أنّ خطوته لم تكن منسقة مع المستوى الأمني.

ولفتت إلى أنّ الحديث هو تصريح صادر عن وزير الخارجية وعضو في المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) وليس نائباً مبتدئاً في الكنيست، في إشارة إلى أن إسرائيل هي التي قامت بعملية الاغتيال.

دعوة لعدم الاستهانة بحزب الله

في المقابل، ترى الصحيفة أنّ رد حزب الله، هو أمر يجب عدم الاستهانة به، وأن الطائرة المسيّرة التي تمكّنت من التسلل إلى إسرائيل وهاجمت مقر القيادة الشمالية في جيش الاحتلال، أمس الثلاثاء، "كان يمكن أن تؤدي أيضاً إلى استهداف قائد المنطقة الجنرال أوري جوردين، وعليه من الصعب توقّع ما قد يقود إليه استهداف ضابط كبير".

وأضافت: "لحسن الحظ لم تقع أضرار كبيرة والجيش الإسرائيلي رد سريعاً وبشكل دقيق، واغتال قائد منطقة الجنوب في الوحدة الجوية لحزب الله (الأمر الذي نفاه الحزب). وقبل ذلك استهدف خلية تابعة للمنظمة كانت في طريقها لإطلاق مسيّرة متفجّرة"، مشيرة إلى الاستخدام المتزايد من قبل الطرفين لمثل هذه المسيّرات لاستعمالها في أهداف هجومية وأخرى استخباراتية.

ويوقع حزب الله أضراراً كبيرة في البلدات والمستوطنات الإسرائيلية القريبة من الحدود، من خلال الصواريخ المضادة للدروع، كما "لديه وسائل لتوجيه ضربات موجعة للجبهة الإسرائيلية"، وفق الصحيفة العبرية.

وقالت "يديعوت أحرونوت" إنه "لدى النظر إلى القتال في غزة ضد عدو أدنى منه (أي حماس التي قدراتها محدودة أكثر من حزب الله) بدرجة كبيرة، فيجب وضع الحديث عن تطهير المنطقة في جنوب لبنان في إطار حجمه الصحيح. مثل هذه المهمّة سيكون لها ثمن وستتطلب وقتاً يجعل من الـ 95 يوماً من القتال في غزة أشبه بمخيم صيفي. ومن المناسب أن يوضح ذلك من يقترح باستخفاف، إدخال عدة فرق إلى الحرب وإدخال مئات الآلاف إلى الملاجئ".

رسائل إسرائيلية إلى حزب الله

من جانبه، كتب المحاضر والباحث عيدان زولكوفيتش، في صحيفة "معاريف" اليوم الأربعاء، أن "الاغتيالات التي ينفّذها الجيش الإسرائيلي في الأيام الأخيرة في لبنان وسورية، تحمل رسائل واضحة من الجيش الإسرائيلي إلى حزب الله، بأنّ استمرار التصعيد بالنار في الشمال من شأنه المس بمتخذي القرار في المنظمة".

وتابع الكاتب أن "اغتيال الطويل في جنوب لبنان، وقرب بيته، تم بطريقة مختلفة عن الاغتيالات الموضعية من الجو، التي استخدمتها إسرائيل حتى الآن"، لافتاً إلى أنّ "عملية التنفيذ الدقيقة من خلال وضع عبوة ناسفة قرب بيته، جاءت لتحديد الرسالة، بأنه ليست قيادة حماس في بيروت فقط مكشوفة من قبل الاستخبارات الإسرائيلية ومعرّضة للاستهداف، ولكن أيضاً القيادة الميدانية في حزب الله في جنوب لبنان".

واعتبر الكاتب أنّ الهجوم المكثف والدقيق على قاعدة "ميرون" التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي في الشمال، والذي أدى إلى أضرار في البنية التحتية للقاعدة، "تسبب بتوسيع الرد الإسرائيلي في المنطقة الشمالية، وتجاوز استهداف البنى التحتية في لبنان إلى استهداف القيادات الميدانية الكبيرة التي تقود هجمات حزب الله"، ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي، على غرار "اغتيال علي برجي قائد الوحدة الجوية لحزب الله في جنوب لبنان والذي كان من ضمن مسؤولياته إطلاق طائرات مسيّرة باتجاه المناطق الإسرائيلية".

وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد أعلن، الليلة الماضية، بشكل رسمي، اغتيال علي برجي، قائد المنطقة الجنوبية في الوحدة الجوية الخاصة بحزب الله من خلال مسيّرة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي، زاعماً أنّ برجي قاد عشرات العمليات ضد إسرائيل من خلال طائرات مسيّرة متفجرة وأخرى لجمع المعلومات بما فيها استهداف مقر القيادة الشمالية.

وقبل ذلك نفى حزب الله ادعاء الاحتلال الإسرائيلي باستهداف مسؤول وحدة المسيرات أو القوة الجوية في الحزب، ووصفه بـ"الكاذب". 

وأكدت العلاقات الإعلامية في الحزب أن من سماه الاحتلال بـ"مسؤول وحدة المسيرات"، و"مسؤول القوة الجوية تارة أخرى"، لم يتعرض بتاتاً لأي محاولة اغتيال "كما ادعى العدو".

المساهمون