أوسع هجوم على الوجود العسكري الإيراني في دير الزور

أوسع هجوم على الوجود العسكري الإيراني في دير الزور

27 مارس 2024
سوري يحمل العلم الإيراني في دير الزور، 2017 (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- طائرات حربية مجهولة شنت هجمات على مواقع المليشيات الإيرانية في دير الزور، سوريا، مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى، وتعد هذه الهجمات الأعنف ضد الوجود الإيراني في المنطقة.
- الضربات استهدفت مواقع مهمة بما في ذلك فيلا تستخدم كمقر اتصالات للحرس الثوري الإيراني، مما أدى إلى مقتل وإصابة نحو 30 شخصاً، بينهم عناصر من الحرس الثوري.
- ترجح التحليلات أن إسرائيل أو الولايات المتحدة قد تكون وراء الهجمات، في إطار جهود لتقليص النفوذ الإيراني في المنطقة، وسط توترات وتعاون دولي لمواجهة توسع المليشيات الإيرانية.

ضربت منتصف ليل الإثنين - الثلاثاء طائرات حربية مجهولة العديد من المواقع التابعة للمليشيات الإيرانية في محافظة دير الزور في أقصى الشرق السوري، هي الأعنف على الوجود العسكري الإيراني والمليشيات المدعومة من إيران في سورية، بواسطة سلاح جوي تنحصر احتمالات تبعيته بين إسرائيل والولايات المتحدة.

وبحسب شبكات إخبارية محلية، منها "نهر ميديا"، استهدف "طيران حربي مجهول" بعد منتصف ليل الإثنين - الثلاثاء، مواقع عدة للمليشيات الإيرانية في مدن دير الزور والميادين والبوكمال، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى من عناصر هذه المليشيات.

قتلى مدنيون وعسكريون في دير الزور

أشارت الشبكة إلى أن استهدافاً آخر طاول منزلاً تتخذه المليشيات الإيرانية مقراً لها في منطقة الفيلات بالقرب من رئاسة جامعة الفرات في حيّ القصور بمدينة دير الزور، ما أدى إلى مقتل 5 أشخاص كانوا في المقر، موضحة أن الغارات أدت إلى مقتل طفلين وشخص وإصابة آخر لقرب منزلهما من الموقع المستهدف.

علاوي: الضربات هي الأوسع لأنها استهدفت قلب مدينة دير الزور مركز المحافظة

وفي السياق، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن نحو 30 شخصاً قتلوا أو أصيبوا في الضربات، من بينهم 8 من الحرس الثوري الإيراني، مشيراً إلى أن عدد القتلى مرشح للارتفاع لوجود أكثر من 30 جريحاً، بعضهم في حالات خطرة، 10 منهم من المدنيين أصيبوا بمحيط الموقع المستهدف في مدينة دير الزور.

ورجّح المرصد مقتل وإصابة عدد من عناصر المليشيات الإيرانية جراء غارات طائرات حربية مجهولة على فيلا يتخذها الحرس الثوري الإيراني كمقر اتصالات له في حي الفيلات بمدينة دير الزور. ولفت المرصد إلى أن "الضربات الجوية جرت بعد ساعات قليلة من وصول طائرة نقل إيرانية من دمشق إلى مطار دير الزور، وعلى متنها مواد لوجستية وتقنية متطورة وعناصر وشخصيات من الحرس الثوري الإيراني".

من جهته، وحتى عصر أمس، أقرّ الحرس الثوري الإيراني بمقتل عنصر واحد من "فيلق القدس"، في ضربات دير الزور. وأضاف الحرس في بيان نشرته وكالات أنباء إيرانية أن العسكري الإيراني القتيل هو الضابط بهروز واحدي من سكان مدينة كرج في محافظة ألبرز غربي طهران.

وترجّح التحليلات أن الجانب الإسرائيلي يقف وراء هذه الضربات واسعة النطاق، لأن المليشيات الإيرانية أوقفت استهداف قواعد "التحالف الدولي" بقيادة أميركية في شرق وشمال شرقي سورية منذ فبراير/ شباط الماضي، في هدنة غير معلنة كما يبدو بين واشنطن وطهران.

إلا أن مدير مركز "الشرق نيوز" وابن مدينة دير الزور، فراس علاوي، رأى في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الضربات الجوية التي طاولت دير الزور "غالباً هي أميركية"، مضيفاً أن "الأميركيين وحدهم يضربون بهذه الطريقة".

ووصف علاوي الضربات بـ"الأوسع التي طاولت الحضور الإيراني في محافظة دير الزور، لأنها استهدفت قلب مدينة دير الزور مركز المحافظة في منطقة الفيلات، وشمال غربها حيث مستودعات عياش والتي تعتبر مقراً للمليشيات الإيرانية". وأشار إلى أن الضربات طاولت أيضاً حي التمو، وسط مدينة الميادين التابعة لدير الزور، ومدينة البوكمال على الحدود السورية العراقية". ولفت إلى وجود أنباء "عن استهداف اجتماع أمني لقيادات المليشيات الإيرانية في البوكمال.

إحدى الضربات استهدفت فيلا يتخذها الحرس الثوري مقر اتصالات له في حي الفيلات بدير الزور

ورأى علاوي أن "الاستهداف طاول الوجود الإيراني بدءاً من دير الزور غرباً ومروراً بالميادين وصولاً إلى البوكمال شرقاً"، وهو ما يرجح بالنسبة إليه "أن تكون الضربات أميركية وليست إسرائيلية". وأضاف: "ما جرى كان الضربة الكبرى التي يتلقّاها الإيرانيون في محافظة دير الزور، وهناك أنباء مؤكدة عن مقتل قياديين بارزين في الميلشيات"، بحسب قوله.

الوجود العسكري الإيراني بمرمى الاستهداف

من جهته، رأى المحلل العسكري رشيد حوراني، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "هوية الضربات ضد المليشيات الإيرانية المنتشرة في محافظة دير الزور، سواء كانت إسرائيلية أو أميركية، لم يعد مهماً". وتابع: "هنالك تعاون إسرائيلي مع القوى المتدخلة في سورية (روسيا والولايات المتحدة) من خلال الاتفاقيات والاجتماعات المتعلقة بذلك، وعلى رأسها الاجتماع الأمني بين إسرائيل وأميركا وروسيا في القدس المحتلة في عام 2019". وأضاف: "بشكل عام، إسرائيل في أغلب الأوقات لا تعلن عن ضرباتها ضد مليشيات إيران في سورية".

وبرأي حوراني، فإن احتمال مقتل القيادي الإيراني المعروف بـ"الحاج عسكر" (متداول أنه قائد الحرس الثوري في منطقة البوكمال) نتيجة الضربات التي جرت منتصف ليل الإثنين - الثلاثاء "وارد جداً"، مضيفاً أن "هذه رسالة من إسرائيل للإيرانيين بأن وجودهم العسكري في الأراضي السورية تحت عين الرقيب الإسرائيلي، سواء القياديين من الصف الأول كرضي موسوي (قُتل في 25 ديسمبر /كانون الأول 2023 في غارة جوية إسرائيلية استهدفت منزله في حي السيدة زينب جنوب دمشق)، أو من الصف الثاني كعسكر.

وأعرب حوراني عن اعتقاده بأن "إسرائيل ماضية في ضرب مصالح إيران المادية (المستودعات والأسلحة) وضرب الخبرات القيادية، في حال لم تستجب طهران للضغط عليها لتحجيم دورها العسكري المتعاظم في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري.

وكانت المليشيات الإيرانية المتعددة قد حلّت محل تنظيم "داعش" عام 2017 في محافظة دير الزور جنوب نهر الفرات، إذ انقسمت المحافظة منذ ذلك الحين إلى قسمين، فـ"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) المدعومة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة تسيطر على ريف المحافظة شمال النهر.

وتعد المنطقة التي تسيطر عليها "قسد" غنية بالنفط، وتضم أكبر آبار النفط السوري، منها حقل العمر الذي بات قاعدة للتحالف الدولي وهي مركز عمليات التحالف وقيادته. بينما يعتبر ريف دير الزور جنوب النهر منطقة نفوذ إيرانية بلا منازع، حيث تنشط طهران على مختلف الصعد في المنطقة، وخصوصاً عسكرياً ودينياً، لا سيما في مدينتي البوكمال والميادين.

وتنتشر العديد من المليشيات الإيرانية في ريف دير الزور الشرقي، بين مدينتي البوكمال والميادين، منها "لواء فاطميون" و"لواء زينبيون" و"لواء الباقر" و"لواء 47" و"لواء ذو الفقار" و"فيلق أسود عشائر سورية" و"كتائب الإمام علي" و"كتائب عصائب أهل الحق" وحركة "النجباء"، بالإضافة إلى "حزب الله" اللبناني.

وتعرضت مواقع هذه المليشيات لضربات متلاحقة، وخصوصاً من التحالف الدولي، على مدى السنوات الماضية، لا سيما في منطقتي الميادين والبوكمال. بيد أن الجانب الإيراني لم يتراجع عن تعزيز وترسيخ وجوده في الشرق السوري، فمحافظة دير الزور تشكل أهمية كبيرة للإيرانيين، كونها حلقة وصل مهمة في الطريق البرّي بين إيران مروراً بالعراق وسورية وصولاً إلى سواحل البحر الأبيض المتوسط.