أهالي ضحايا انفجار بيروت يطالبون بتحقيق دولي.. ماذا تنتظر فرنسا؟

أهالي ضحايا انفجار بيروت يطالبون بتحقيق دولي.. ماذا تنتظر فرنسا؟

04 اغسطس 2022
الأهالي يتشبتون بمحاسبة المسؤولين عن انفجار مرفأ بيروت (حسين بيضون)
+ الخط -

شهدت العاصمة اللبنانية، اليوم الخميس، مسيرات شعبية بمناسبة الذكرى الثانية لانفجار مرفأ بيروت رُفِعَت خلالها لافتات تطالب بإسقاط الحصانات، ومحاسبة المسؤولين عن الفاجعة، وجلاء الحقيقة، وتحرير القضاء من قبضة المنظومة الحاكمة. كما دعت الشعارات لإجراء تحقيق دولي في ظلّ العرقلة المستمرّة للتحقيقات المحلية المتوقفة منذ شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وتمرّد المدعى عليهم على القرارات القضائية و"تلطيهم" خلف الحصانات والعباءات الحزبية الطائفية.

وبالتزامن مع مسيرة لأهالي الضحايا التي شارك فيها بعض نواب كتلة التغييريين سقطت أجزاء جديدة من صوامع القمح في مرفأ بيروت بالجهة الشمالية الآيلة كلها للسقوط، والتي يعتبرها الأهالي الشاهد الصامت على التفجير.

وطاولت الكلمات التي أطلقت اليوم في المسيرات ضمنها صادرة عن منظمة "هيومن رايتس ووتش" فرنسا باتهامها بعدم الإيفاء بوعودها تجاه الشعب اللبناني بإجراء تحقيق دولي شفاف.

وخلال فعالية أمام السفارة الفرنسية في بيروت، وجَّهت باحثة لبنان والبحرين في منظمة "هيومن رايتس ووتش" آية مجذوب طلباً لفرنسا بتقديم قرار بإنشاء بعثة دولية لتقصي الحقائق في الجلسة المنتظرة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول المقبل، خصوصاً في وقتٍ أن التحقيق المحلي متوقف، ولم يعد هناك من أعذار بعد مرور سنتَيْن من المماطلة.

واتهمت مجذوب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بـ"عدم الإيفاء بوعوده تجاه الشعب اللبناني بإجراء تحقيق دولي شفاف"، قائلة: "وقفت فرنسا بوجه أهالي الضحايا الذين كانوا متأملين أن تقفَ إلى جانبهم".

وقالت الباحثة في "هيومن رايتس ووتش" إن "والدة الضحية إلياس خوري، ميراي، وخلال وقفة أمام السفارة الفرنسية قبل أشهرٍ، كتبت رسالة للسفيرة آن غريو تناشدها دعم بلادها التحقيق الدولي. وكشفت مجذوب أن السفيرة الفرنسية لم تستقبلها أو تجب على رسالتها"، معتبرةً أن "فرنسا أمام فرصة اليوم لتقف مع الأهالي وضدّ المسؤولين عن تمييع وتعطيل العدالة في لبنان".

وقالت مجذوب: "في كل محادثاتنا مع المجتمع الدولي للمطالبة بتحقيق دولي كنا نعود إلى نقطة واحدة وهي الحاجة للضوء الأخضر من فرنسا، فالدول الأخرى لا تريد أن تسير بتحقيق دولي من دون دعم فرنسا، نسبةً إلى العلاقة الخاصة التي تجمعها مع لبنان أي تاريخها الاستعماري رغم أن هذا النهج يبرز إشكالية عميقة لأنه يرسخ هياكل القوة غير المتكافئة والاستعمارية، ومن المؤسف أن ترفض فرنسا تقديم قرار بمجلس حقوق الإنسان لتشكيل تحقيق دولي".

من ناحية ثانية، قالت مجذوب إن "المنظمة قدّمت الكثير من الأدلة للتصدي للأعذار الخارجية بعدم فتح تحقيق دولي، منها وثائق تظهر أن الانفجار لم يكن حادثا مؤسفا، بل تشير بقوّة إلى أن كبار المسؤولين العسكريين والأمنيين والحكوميين بما فيهم رئيس الجمهورية (ميشال عون) ورئيس الوزراء الأسبق (حسان دياب) يعلمون بأن مخزون النيترات في المرفأ يشكل خطراً كبيراً على الحياة وقبلوا ضمنياً بالخطر، وهذا بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان يعد انتهاكاً للحق بالحياة".

وأضافت: "كذلك وثقنا عيوباً إجرائية وهيكلية بالتحقيق المحلي بما فيها التدخلات السياسية، وحصانة المسؤولين السياسيين، وعدم احترام معايير المحاكمة العادلة، إلى جانب تسجيل انتهاكات للإجراءات القانونية الواجبة".

ومن أمام المرفأ، طالب أهالي ضحايا فوج إطفاء بيروت بتشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة وأن تسلمها الحكومة اللبنانية والجهات المعنية المستندات المتعلقة بالتحقيق.

من جهتها، أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان تضامن فرنسا مع الشعب اللبناني، مشددة على ضرورة إنجاز التحقيق باستقلالية تامة وأنها ستقدم دعمها الكامل في هذا الصدد.

مسيرات الذكرى الثانية لانفجار مرفأ بيروت (حسين بيضون)

 

 

ومن أمام قصر العدل في بيروت، طالب أهالي ضحايا الانفجار برفع الحصانات التي وضعت أساسا لحماية النائب بأعماله التشريعية لا لحمايته من أفعال قد تكون جرمية. واستنكر الأهالي ما وصفوه بالتعطيل المستمرّ للتحقيقات وأساليب العرقلة التي تنتهجها السلطة التي تبذل ما بوسعها لإحالة الوزراء المدعى عليهم إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، بينما هو مجلس وهمي مؤلف بمعظم أعضائه من نوابٍ، ولم يحاكم أحدا، بل الهدف منه الأول والأخير، فتح تحقيق موازٍ لتحقيق المحقق العدلي القاضي طارق البيطار والتشويش عليه، بحسب ما يردّدون.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وتوقف الأهالي عند المحاولات المتكررة من السلطة والمدعى عليهم لكف يد البيطار بدعاوى تعسفية افترائية وعشوائية، وضعوها في إطار دعاوى جبن وخوف هدفها الوحيد تعطيل التحقيق، وآخرها الدعوى التي قدمت أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز عن قصدٍ مع علمهم اليقين أنها هيئة غير مكتملة، يقول الأهالي في كلمتهم أمام قصر العدل.

وقال الأهالي إنهم التقوا اليوم 61 سفيراً من الاتحاد الأوروبي عارضين عليهم مطالبهم بضرورة تشكيل لجنة تقصي حقائق دولية تدعم وتتزامن مع التحقيقات المحلية التي يجريها المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، لافتين إلى أنهم سيواصلون غداً لقاءاتهم في هذا الاطار للوصول إلى العدالة.

مسيرات الذكرى الثانية لانفجار مرفأ بيروت (حسين بيضون)

وغصّت مواقع التواصل الاجتماعي بصور المسؤولين اللبنانيين المطلوبين للتحقيق، بينهم رئيس الوزراء الأسبق حسان دياب، والوزيران السابقان النائبان في "حركة أمل" (بقيادة رئيس البرلمان نبيه بري) علي حسن خليل وغازي زعيتر، ووزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس (ينتمي إلى "تيار المردة" بزعامة سليمان فرنجية حليف "حزب الله")، ووزير الداخلية السابق والنائب السابق نهاد المشنوق، والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم (المحسوب على "حزب الله" و"حركة أمل")، وقائد الجيش السابق العماد جان قهوجي، والمدير العام لأمن الدولة انطوان صليبا (محسوب على الرئيس ميشال عون).

كما وضعت صور معطلي التحقيق، منهم وزير الداخلية الحالي بسام مولوي، الذي منع ملاحقة اللواء إبراهيم، ووزير الداخلية الأسبق محمد فهمي الذي منع أيضاً ملاحقة اللواء إبراهيم، ووزير المال يوسف الخليل (المحسوب على بري) الذي لم يوقع بعد تشكيلات الهيئة العامة لمحكمة التمييز، والقاضي حبيب مزهر من خلال سطوه سابقاً على ملف القاضي طارق البيطار.