انتخابات لبنان بنكهة نسبيّة

انتخابات لبنان بنكهة نسبيّة

05 مايو 2018
+ الخط -
جرت أول من أمس الخميس المرحلة الثالثة من الانتخابات  النيابية في لبنان باقتراع  الموظفين الذين سيشاركون في تنظيم يوم الاقتراع غدا الأحد (6/5)، وعدد قرابة 14700 موظف.
وكانت المرحلة الأولى جرت يوم الجمعة الواقع في 27 إبريل/ نيسان 2018 باقتراع المغتربين في الدول العربية، فيما اقترع المغتربون في الدول الأوروبية والأفريقية والأميركية يوم الأحد 29 إبريل/ نيسان 2018، وتفاوتت نسب المشاركة في هذه الدول، بالنظر إلى اشتراط التسجيل المسبق لدى السفارات اللبنانية، وبالنظر إلى أمور أخرى. وتستكمل المرحلة الرابعة والأخيرة، والتي يشارك فيها الناخبون اللبنانيون في لبنان ممن وردت أسماؤهم في السجلات المعدة لهذا الأمر. ويبلغ عددهم داخل لبنان وخارجه 3744245 ناخباً.
اللافت في هذه المرّة أن قانون الانتخاب يختلف كلياً عن القانون الذي كانت تجرى على أساسه الانتخابات النيابية في المرّات السابقة، منذ أول انتخابات عرفها لبنان، حتى قبل الاستقلال، حيث كانت الانتخابات تجرى على أساس القانون الأكثري.
اعتمدت هذه المرّة الحكومة اللبنانية، وبعد جدل كبير بين القوى السياسية والأحزاب والكتل النيابية، قانوناً اعتمد التمثيل النسبي، إذ أقرّ المجلس النيابي اللبناني بداية الصيف الماضي قانوناً هجيناً دمج بين اعتماد النسبية واعتماد ما يُعرف بالصوت الواحد (التفضيلي) بعد أن قسّم لبنان إلى خمس عشرة دائرة انتخابية، أغلبها قد قُسّم إلى دوائر صغرى مخصّصة للصوت التفضيلي.
كما اشترط القانون الجديد لخوض الانتخابات أن تشكل لوائح في هذه الدوائر، يكون فيها تمثيل بنسبة 40% من عدد مقاعد الدائرة، وأن يكون فيها تمثيل للدوائر الصغرى.
أما بالنسبة لعملية الاقتراع، فإن الناخب سيقترع للائحة أولاً، وكذلك سيقترع لمرشح واحد
سيختاره من اللائحة التي اقترع لها، وهو ما يُعرف هنا بالصوت التفضيلي أو الصوت الواحد. وهنا يظهر أن القانون مزج بين النسبية والصوت الواحد الأكثري، لذا، التمثيل لن يكون نسبياً مئة بالمئة. ومن هنا، جاء الحديث عن قانونٍ بنكهة نسبية، وليس قانوناً نسبياً بشكل كامل، كما هو معروف في بلدان كثيرة، وهذا ما سيؤثر على النتائج، وبالتالي فإنه سيفرغ التمثيل النسبي من مضمونه الأساسي؛ حيث سيكون هناك حصة لتمثيل الدوائر الصغرى (الأقضية)، وحصة أخرى لمثيل الطوائف والمذاهب، إذ من المعروف أن المجلس النيابي اللبناني الذي يتشكّل من 128 نائباً هو مناصفة بين المسلمين 64 نائباً، والمسيحيين 64 نائباً مع احتساب نسب كل مذهب داخل الطائفة الواحدة. وبالطبع، يؤثر ذلك كله على نتائج الانتخابات وعمليات الفرز والتمثيل، ويُفرغ النسبية من مضمونها أيضاً، حتى أن سياسيين لبنانيين كثيرين، ومنهم الدستوريون، انتقدوا هذا القانون، وقال بعضهم إنه قد فُرّغ من مضمونه النسبي. وبالتالي هناك مطالبات بإدخال إصلاحات عليه مع انتهاء الاستحقاق الانتخابي وانتخاب مجلس نواب جديد.
هناك قناعة عند أغلب اللبنانيين أن إجراء الانتخابات في ظل هذا القانون، أو في ظل غيره، أفضل بكثير من التمديد للمجلس النيابي الذي حصل ثلاث مرات في الدورة السابقة، ولكن أغلب اللبنانيين أيضاً لا يعلّقون أملاً كبيراً على نتائج هذه الإنتخابات، للخروج من نفق الأزمات المستحكمة في البلد، سياسياً وأمنياً واقتصادياً واجتماعياً وبيئياً، وما سوى ذلك، إلا أنهم يعتبرونها محطة قد تشكل بداية مشجعة نحو التغيير المنشود.