عذرا غزة

05 يوليو 2017
+ الخط -
عذراً غزة، فإن المعتصم اليوم لم يعد كما عرفه التاريخ، قد شُلّت يده جرّاء توقيعه صفقات السلاح في بلاد الفرنجة، وقد باع في صفقته سيف ذي الفقار الذي كان للإمام علي، وقلنسوة خالد بن الوليد التى شهد بها زهاء مائة معركة، باع الخيول العربية الأصيلة ورمحاً كان يزيّن ديوانه، وسهامه أكل عليها الدهر وشرب، وأهداهم خيمته البدوية لأنّها لم تعد تناسبه، وهو اليوم موعود وحاشيته بحضور سباق لخيوله في أكبر تظاهرة عالمية ينظمها الغرب، وهو في شغفٍ لمعرفة هل ستفوز داحس أمْ الغبراء؟
عذراً.. فأُمك هي الأخرى تركها بنو عمومتها، وهي تكابد الأمَرَين في موسم حصاد الزيتون ولم يحرّك فيهم ساكناً توّسلها وترجيها لهم، وقد غدر بها بنو صهيون فلم تجد من يستجيب لعويلها وويلاتها فاستجارت بالغرباء الذين وعدوها وعود السراب فأضحت كالفريسة بين الذئاب. وهي ترعى أغنامها وتزوّدها عن حياض القوم، فإنها لا ولن تسقي حتى يصدر الرعاء وأبوها شيخ كبير، فهل سيأتيها (موساها) القوي الأمين ويسقي لها من غير أجر يرجوه ولا مَحْمدة يطلبها؟
عذراً غزة.. فإخوانك اليوم تآمروا على أخيهم (يوسف)، فكادوا له كيداً، فقد شغلهم كيف يدبرون لقتل أخيهم أو طرحه أرضاً حتى يخلو لهم وجه أبيهم (ترامب) ويكونوا من بعده قوماً جبارين. فذهبوا يستبقون ويلعبون وجاؤوا على قميص أخيهم بدمٍ كاذب وسولت لهم أنفسهم أمراً.
عذرا غزة.. فعزيز مصر اليوم مهموم بالبقرات العجاف اللائي أكلن البقرات السمان، فهو يبحث عن حفنة قمح أو أرز تسدّ رمقه و(يوسفه) هو الآخر سجين قد طال عليه الأمد وقُد قميصه من دبر واتهم أنه أراد بأهله سوءا، فكان جزاؤه أن يُسجن ولبث في السجن بضع سنين.
عذرا غزة.. فحاتم الطائي اليوم قد أعدّ القدور الراسيات مملوءة ثريداً ولحماً، لكنه أعدها لعلية القوم ووجهاء القبائل والعشائر ورواد الملاهي الليلية، قد أنساه كل هذا جياع القوم وصيحات الثكالى ونواح البواكي.
عذراً.. لم تعد الليلة كالبارحة، فإن سفينتنا تنكأ بها الأمواج وتهزها الأعاصير، وهي تسير بنا في موجٍ كالجبال، فليس فيها حكيم ذو بصيرة كالخضر، ولا صبور يصحبه كموسى عليه السلام، فمن سيقول: أخرقتها لتُغرق أهلها؟ ومن سيتنبّأ بأن من ورائهم أميركا تأخذ كل سفينة غصباً!؟
6397A895-D6E7-4F34-AF1B-0ED59CC60F53
6397A895-D6E7-4F34-AF1B-0ED59CC60F53
مصعب محجوب الماجدي (السودان)
مصعب محجوب الماجدي (السودان)