عليّة التونسيّة.. من ينسى "ع اللّي جرى"؟

04 نوفمبر 2015
أم كلثوم أول من دعاها لمصر (يوتيوب)
+ الخط -

من يعود لذاكرة الموسيقى العربية، لا بد أن يتوقف مطوّلاً مع صوت الراحلة عليّة التونسية، حتى وإن كان الجيل الشاب لا يعرف المطربة التي وافاها الأجل قبل خمسة وعشرين عاماً، لكنه بالتأكيد ترنّم على صوت أشهر أغانيها كـ"ع اللي جرى" و"جاري يا حمودة" و"ظلموني حبابي" و"أروح له بكرة"، سواء بصوتها أو بصوت مجموعة من نجوم الغناء العربي، كصابر الرباعي وفضل شاكر وأصالة نصري وسواهم.

والمطربة المولودة في مثل هذا اليوم من العام 1936، كان حظ انتشارها العربي بشكل أكبر، أثناء مرورها في مصر التي مكثت فيها اثني عشر عاماً. بدأت مشوارها في الغناء منذ الرابعة عشرة من عمرها، واستمرت به أربعين عاماً حتى وفاتها بداية العام 1990، وكانت تُعرف بدياة باسم "فتاة المنار" كاسم مستعار والذي غنت به أول أغنياتها "ظلموني أحبابي" من ألحان المايسترو وعازف الكمان الشهير رضا القيعي، الذي قيل إنه اختار لها هذا الاسم عوضاً عن اسمها الحقيقي "بيّه الرحّال".

زاوجها في سن مبكرة وإنجابها لثلاثة أطفال ثم طلاقها، لم يؤخر مشوارها الفني، وأطلق عليها الموسيقار التونسي صالح المهدي لقب "عليّة" اقتداءً بأخت الخليفة "هارون الرشيد"، وظلت في بداياتها الأولى تجول عواصم المغرب العربي ومشرقه، ممثلة اسم تونس، فزارت لبنان والمغرب، واستقر بها المقام نهاية السبعينيات في مصر، حيث تزوجت بالملحن حلمي بكر في منتصف العام 1981، حيث شهدت مصر ولادة رائعتها "ع اللي جرى" التي لحّنها لها بكر قبل زواجها منه بست سنوات، وانتشرت بكافة أنحاء الوطن العربي بصوتها.

التحوّل اللافت في مسيرة علية، كان على هامش زيارة كوكب الشرق أم كلثوم لتونس في العام 1968، لجمع التبرعات للمجهود الحربي، حيث قدمت زوجة الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة عليّة لأم كلثوم، فغنت أمامها كوبليه "يا حبيبي كل شيء بقضاء"، من قصيدة إبراهيم ناجي "الأطلال"، ودعتها للقدوم إلى مصر، حيث كانت البداية، عندما شاركت في حفلات الأسبوع الثقافى التونسي التي أقيمت في القاهرة والإسكندرية. وشاركت علية حينها فريق الكورال الغنائي التونسي تقديم ملحمة التحية التونسية لشعب مصر، والتي يقول مطلعها (يا مصر إليك من الخضراء سلام الألفة والحب)، لتعود علية بعد عام واحد، لتشارك في مهرجان الغناء العربي، حيث شاركت فرقة الموسيقى العربية بقيادة عبد الحليم نويرة غناء واحدة من روائع أم كلثوم.

وكانت بداية تعارف علية مع حلمي بكر عندما لحّن لصوتها أغنية حققت علية نجاحاً كبيراً وهي "يا حبايب مصر" من كلمات مصطفى الضمراني، التي سجلتها قبل حرب رمضان (أكتوبر/ تشرين الأول 1973)، فإذا بها تصبح حديث الأسماع عندما ترددت عبر الإذاعات المختلفة مع انتصار حرب السادس من أكتوبر عام 1973.

المطربة الناجحة والمنتشرة في مصر والوطن العربي، في سبعينيات القرن الفائت، جربت حظها بأن تمثل، حيث لعبت دور "أزميرالدا" في مسرحية "نوتردام دو باري" إلى جانب والدها بشير الرحال والفنان الكوميدي محمد الهدي، وفي السينما قدمت فيلم "أون باج دو نوتر إيستوار" لعمار خليفي، ثم "أم عباس" للكاتب محمد مرزوقي وكاتب السيناريو علي عبد الوهاب إلى جانب "الزهرة فايزة" و"الحطاب الذيب"، ومثلت كذلك إلى جانب المغني محمد نوح والفنانة صفاء أبو السعود في فيلم "المزيكا في خطر" من إخراج محمود فريد سنة 1976، لكنها لم تقدم أدواراً جماهيرية تبقيها خالدة في ذاكرة السينما المصرية.

العامان الأخيران في حياة علية، عادت فيهما إلى تونس، لتبقى بجوار عائلتها، حيث انقطعت عن الساحة الفنية لأسباب غير معلنة، قد يكون منها طلاقها من الملحن المصري حلمي بكر، حيث بقيت بجانب عائلتها حتى وفاتها في التاسع عشر من مارس/ آذار 1990.



اقرأ أيضاً: حلمي بكر... هل بدأت الحرب مع أحلام؟

المساهمون