سيناء... كأنها عرسال

25 أكتوبر 2014
الجيش اللبناني في عرسال (العربي الجديد ـ حسين بيضون)
+ الخط -
ننتظر أن يرفع أحد المصريين شعار "ادعس"، ننتظر من أحدهم أن يدعو إلى رمي قنبلة نووية على سيناء "للقضاء على الإرهاب". وننتظر حفلات تحريض ضدّ أهالي سيناء لأنهم "يحتضنون الإرهابيين". وفعلاً لا يخيب أملنا، نحن اللبنانيين تحديداً. فنحن نعرف جيداً مطولات عشق الجيش ظالماً أم مظلوما، نعرف الإغراء الذي تحمله كلمات الضباط الكبار "عن بلدنا القوي، والذي سيقضي على الإرهاب"، ونعرف جيداً طريقة استغلال "الكبار" لدماء جنود فقراء قتلوا في حروب تركوا في جحيمها من دون سلاح متطور أو تدريب لائق.
سيناء كأنها عرسال اللبنانية. الدعوة إلى تدميرها وحرقها بمن فيها، تماماً كدعوة "الوطنيين اللبنانيين" إلى إحراق عرسال بمن فيها من لبنانيين ونازحين سوريين. المهم أن ينتصر الجيش، أن ينتصر الوطن. أما باقي المواضيع من حقوق الإنسان وغيره، ترف لا وقت له حالياً.
سيناء كأنها عرسال. أُهملت لسنوات. لم تعرف الدولة الطريق إليها، لتكتشف فجأة أنها "ملجأ للإرهابيين". ترك أهلها لعقود، تركوا في فقرهم، ثم استفاقت الدولة، وقرّرت صرف النظر عن كل ما يجري في البلاد بمعركة لا يعرف أحد كيف نشأت ظروفها.
سيناء كأنها عرسال. أو الأصح كأنها طرابلس اليوم. المدينة التي ترعى الدولة من خلال سياسييها المسلحين فيها ليسرحوا ويمرحوا، ثمّ في لحظة واحدة، تدق ساعة "مكافحة الإرهاب" لتدفع المدينة ثمن الهيبة الضائعة.
سيناء المصرية، عرسال وطرابلس اللبنانيتان هم الأولاد الشرعيون للأنظمة التي تحكمنا... أما الإرهاب فتفصيل صغير في قصة أكبر من "البذلة"، و"الهيبة"، و"الدعس".
"أقمعوا التظاهرات" "أقتلوا المعارضين" "اسجنوا المحتجين"، "اقتحموا مكتب الجزيرة"... إنها القصة نفسها هنا وهناك. سيناء وعرسال أقرب بكثير مما يبدو.

المساهمون