العراق: مطالبات بفرض سلطة الدولة على مناطق الحشد الشعبي

العراق: مطالبات بفرض سلطة الدولة على مناطق الحشد الشعبي

02 نوفمبر 2017
بيجي من المناطق الخاضعة لسيطرة الحشد الشعبي (إدريس أكودوسو/الأناضول)
+ الخط -
أدى نجاح الحكومة العراقية في فرض سيطرتها على أكثر من 12 ألف كيلومتر كانت قوات البشمركة تسيطر عليها، ضمن ما يُعرف بالمناطق المتنازع عليها، إلى رفع عدد من أعضاء البرلمان والمسؤولين السياسيين في البلاد طلبات للحكومة بعملية مماثلة لبسط سيطرتها على عدد من مناطق شمال وجنوب بغداد تسيطر عليها مليشيات الحشد الشعبي وتمنع السكان من العودة إليها على الرغم من مرور سنوات على تحريرها من سيطرة تنظيم داعش. ومن أبرز هذه المناطق جرف الصخر شمال بابل، وبيجي شمال بغداد، والعويسات جنوب الفلوجة، ويثرب في محافظة صلاح الدين، ويضاف إليها بلدات شرق وشمال شرق بعقوبة العاصمة المحلية لمحافظة ديالى شرق العراق.

وكانت الحكومة العراقية قد نفذت عملية أطلقت عليها اسم "استعادة القانون" في السادس عشر من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بمشاركة ثلاث فرق عسكرية من الجيش العراقي تمكنت خلالها من السيطرة على كركوك وطوز خورماتو و26 بلدة وناحية وقصبة بمحافظات ديالى وكركوك ونينوى وصلاح الدين كانت تحت سيطرة البشمركة، في خطوة لاقت تأييداً واسعاً دولياً وإقليمياً، خاصة من إيران وتركيا.

ووضع رئيس الوزراء حيدر العبادي السيطرة على المناطق المتنازع عليها في سياق رغبة الحكومة المركزية في بسط القانون والنظام على كل مناطق العراق ضمن الدستور وعدم ترك إدارة المدن للقوات غير الاتحادية، في إشارة إلى قوات البشمركة الكردية.

وفي السياق، قال مسؤول حكومي عراقي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "عدداً من أعضاء البرلمان وقادة الأحزاب ألزموا العبادي الحجة ويطالبونه اليوم بإخراج المليشيات من ست مدن يسيطرون عليها ويمنعون أهلها من العودة إليها من خلال التفاوض مع تلك المليشيات أو عبر طرق أخرى"، وفقاً لقوله. ولفت إلى أن "العبادي بدأ فعلاً بالتحرك نحو قيادات وزعامات في الحشد الشعبي لإقناعهم بإخلاء مراكز تلك البلدات وتركها وعدم اعتراض أهلها بالعودة إليها". 

ويبلغ مجموع سكان تلك البلدات نحو ربع مليون نسمة يوجدون في مخيمات كبيرة شمال وجنوب وغرب بغداد، بينهم من أمضى ثلاث سنوات فيها، من دون أن يسمح لهم بالعودة.

مطلع مايو/ أيار الماضي، كشف نائب رئيس الجمهورية، إياد علاوي، عن توجه قائدين في الحشد الشعبي إلى إيران لمناقشة موضوع نازحي مدينة جرف الصخر، شمال بابل، معرباً عن استغرابه من علاقة إيران بالموضوع العراقي وسبب رفض إعادتهم.

وقال علاوي، في مؤتمر صحافي، "تكلّمت مع قيادات الحشد الشعبي، هادي العامري، وأبو مهدي المهندس، وقلت لهم فلنعتبر جرف الصخر نموذجاً وتجربة ميدانية نحقق بها مصالحة وطنية من خلال إعادة أهلها". وتابع علاوي "تبين أنهم لا يستطيعون أن يفعلوا شيئاً، وقال لي أحد القادة الاثنين إن الموضوع عند إيران وذهبنا إليها، الأخيرة حولتهم إلى شخص يعيش في لبنان"، متسائلاً "ما علاقة إيران ولبنان؟ نحن نريد وحدة الصف العراقي وخلو العراق من المحاصصة والتهميش".

وتفرض مليشيات الحشد الشعبي سيطرتها على مناطق بيجي وجرف الصخر ويثرب والعويسات وسلمان باك وقصبات وقرى شمال وشرق ديالى منذ سنوات وتتخذها مقرات لها وتمنع السكان من العودة إليها تحت حجج وذرائع مختلفة.

ويعد نازحو مدينة جرف الصخر (30 كيلومتراً شمال محافظة بابل إلى الجنوب من بغداد)، وعددهم أكثر من 120 ألف مواطن نازح حالياً، من أكثر المتضررين بقرارات الجهات المسيطرة على مناطقهم، إذا استطاعت مليشيات الحشد، بمساعدة مجلس محافظة بابل، إصدار قرار بمقاضاة كل من يطالب بعودة النازحين إليها، بينما تسيطر مليشيات حزب الله العراقية على المنطقة بالكامل وسط مخاوف من تغيير ديموغرافي شامل بالمدينة.

ودعا النائب في البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية، رعد الدهلكي، رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى "حل هذه الأزمة الكبيرة، وأن تكون الخطوة المقبلة سريعة بعودة النازحين الى مناطقهم، لكي تكون رسالة اطمئنان للجميع بأن تعامل الحكومة مع جميع عراقيين سواء، وأنّ الحكومة تهتم لهذا الملف لتحقق مصالحة وطنية حقيقية". وأضاف أنّ "مناطق جرف الصخر وحزام بغداد، وعزيز بلد ويثرب بصلاح الدين، والمقدادية ومناطق العظيم في ديالى، لم يعد إليها أي نازح لها، ولا يزال أهلها يعيشون في الخيام، ومناطقهم محرّرة". وعدّ "الحديث عن الخلافات العشائرية في تلك المناطق مجرد شماعة يعلق عليها التقصير"، مشدداً على أنه "يجب علينا أن نخطي خطوة بفتح أحضان الحكومة لاحتواء مجتمعها، بعودتهم لمناطقهم".

من جهته، ناشد النائب عن ائتلاف الوطنية، عبد الكريم عبطان، رئيس الوزراء، بـ"الإسراع وفوراً بإعادة النازحين في مناطق جرف الصخر وحزام بغداد ومكيشيفة وكل مناطق العراق، لا سيما أنّ هذه المناطق تحررت قبل أكثر من ثلاث سنوات".

وقال عبطان، في حديثه مع "العربي الجديد"، إنّه "حتى هذه اللحظة أهل تلك المناطق يعانون الأمرين، فقسم منهم مهجرون في الخيام والقسم الآخر بين بغداد والحلة". وأضاف أنّ "بعضهم لا يستطيعون مواصلة الحياة بسبب غلاء المعيشة"، مشيراً إلى أنّ "الجميع يعتقدون أنّ عدم عودة النازحين لتلك المناطق يعود لأسباب سياسية، فضلاً عن التغيير الديمغرافي بتلك المناطق". ولفت إلى أنه "توجد مناطق أخرى قريبة في الضفة الأخرى من جرف الصخر تسمى منطقة العويسات والهريمات" لم يسمح لأهلها بالعودة، مبيناً أنّ "هذه المناطق كلها تحتاج لإعادة النازحين إلى بيوتهم".

وعلى الرغم من مرور أكثر من ثلاث سنوات على تحرير تلك المناطق، وعدم عودة النازحين، فإنّ جهات حكومية وحزبية لا تزال تتحدث عن إجراءات أمنية ضرورية يجب أن تتخذ بتلك المناطق، وقد حالت دون عودة الأهالي.

من جهته، علّل النائب عن دولة القانون، عباس البياتي، في حديث مع "العربي الجديد"، عدم إعادة السكان إلى مناطقهم في بعض المناطق بالقول إنّ "جرف الصخر فيها حساسية شديدة، لأنها تتعلق بأمن بابل وكربلاء وبغداد"، مؤكداً على "أهمية وجود آلية خاصة، وإجراء جرد على النازحين، فضلاً عن تعاون مع الوجهاء والعشائر ومع الجهات الماسكة في الأرض بحسم هذا الملف". واستدرك بالقول، لكن "يجب إعادتهم إلى مناطقهم بعد أن يتم جمع الجهات الأمنية مع الجهات المسيطرة على الأرض مع وجهاء المنطقة، وأن أهالي جرف الصخر الذين في بابل هم أولى بالعودة على الأقل. هؤلاء الذين في بابل هم أقرب إلى منطقتهم، ما يعني سلامة سجلهم الأمني، وتنبغي إعادتهم بعد التأكد من سلامة وضعهم".

يشار إلى أنّ الحكومة العراقية لم تف بوعودها للنازحين، والذين مرّت على محنة نزوحهم أكثر من ثلاث سنوات، بينما تزداد معاناتهم يوماً بعد آخر وهم بعيدون عن منازلهم.

المساهمون