اتصالات العبادي مع القادة العرب... الدلالة والتوقيت

اتصالات العبادي مع القادة العرب... الدلالة والتوقيت

22 ابريل 2016
يعيد العبادي فتح العلاقات مع الدول العربية (Getty)
+ الخط -
أثارت البيانات الرسمية التي أصدرها رئيس الوزراء العراقي عن اتصاله بعدد من قادة الدول العربية، أخيراً، جدلاً سياسياً وشعبياً، خصوصاً أن هذه الاتصالات جرت في ظلّ أزمة سياسية كبيرة شلّت العاصمة بغداد ومعظم مؤسسات الدولة، وسط تلويح ومطالبات لكتل سياسية بسحب الثقة من العبادي، وترشيح بديل عنه لمنصب رئاسة الحكومة. وتزامنت اتصالات العبادي بقادة الدول العربية، مع قمّتَين أميركية ـ خليجية، وأخرى خليجية ـ مغربية في العاصمة السعودية الرياض، فضلاً عن تواجد عدد من القيادات العسكرية الأميركية في بغداد وأربيل، بحسب مصادر عراقية مطلعة في وزارة الدفاع، استعداداً لتحرير الموصل (شمال البلاد) من سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).

وحرص العبادي، طيلة الأيام الأربعة الماضية، على عدم الظهور إعلامياً، أو حتى إصدار بيان يوضح موقفه من إقالة رئيس البرلمان سليم الجبوري، أو الشلل الذي أصاب المؤسسة التشريعية، وعملية إخلاء الوزارات والمؤسسات الحكومية إثر محاصرتها المستمرة من قبل المئات من أتباع زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر. ووفقاً لبيانات متتالية، صدرت أمس الأول الأربعاء، فإن العبادي اتصل بقادة دول السعودية، وقطر، والأردن، والإمارات، ومصر. وجاءت عبارة "تعزيز التعاون المشترك بين البلدَين" بمثابة الصيغة المشتركة في كل البيانات التي أصدرها مكتب العبادي على موقعه الرسمي، والتي عرضها التلفزيون الحكومي عقب إجراء المكالمات الهاتفية.

في هذا السياق، تفيد معلومات حصلت عليها "العربي الجديد" من ثلاثة مصادر، أحدهم من وزير في حكومة العبادي، بأنّه "لا وجود لضغوط أميركية على العبادي لإعادة توطيد وتمتين العلاقة مع محيط العراق العربي كما زعمت بعض الأوساط السياسية في العراق. إلّا أن وضع البلاد حالياً يحتاج إلى دعم عربي، خصوصاً بعد اشتداد الأزمة المالية، والاقتصادية، ورفض العراق شرطاً إيرانياً بفرض فوائد مالية عالية على قروض ضمن جهود سد العجز بالموازنة المالية للعام 2016". وبحسب المصادر نفسها "يُضاف إلى ذلك، مطالب تتعلق بمليشيات الحشد الشعبي وملف الجيش العراقي".

ويؤكد الوزير العراقي لـ"العربي الجديد"، أن "الحكومة بدأت تسحب من احتياطي البنك المركزي لتسديد رواتب الموظفين، وقوات الجيش، والشرطة، والحشد الشعبي، والمتقاعدين، وشبكة الرعاية الاجتماعية والبالغ عددهم نحو 7.9 ملايين شخص يتقاضون معدل مليون دينار (820 دولاراً تقريباً)". ويتوقّع الوزير نفسه أنّه "مع حلول أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، قد تواجه الحكومة عجزاً عن دفع مرتبات موظفيها، باعتبار أنّ معظم الدعم الغربي للعراق، حالياً، مقدّم للجهد العسكري". ووفقاً للوزير، تتحفظ كثير من الدول الغربية بمن فيها الولايات المتحدة، على مساعدة العراق مالياً في مجالات غير عسكرية، بسبب مؤشرات وتقارير الفساد المرتفعة، وسوء إدارة الأموال التي يحصل عليها العراق سوءا كمساعدات (منح) أو قروض".

من جهته، يؤكد برلماني قيادي في التحالف الوطني لـ"العربي الجديد"، أنّ اتصالات العبادي المفاجئة والمتتالية مع قادة الدول العربية تأتي ضمن توجّه جديد للعراق". ويضيف البرلماني أنّ "العبادي تلقّى عبارات ترحيب وحفاوة كبيرة من قادة الدول العربية الذين أعلنوا استعدادهم لمساعدة العراقيين لاستعادة الأمن من دون مقابل، وهو ما نفتقده بعلاقتنا مع إيران"، على حدّ تعبيره.

من جانبه، يؤكد النائب رعد الدهلكي، لـ"العربي الجديد"، أنّ "دلالات تلك الاتصالات تؤكد أنّ رئيس الوزراء العراقي، ومنذ اللحظة الأولى، يعمل على فتح علاقات ومد جسور مع المحيط العربي، لكن افتقار ذلك لبرنامج وخطة عمل أدّى إلى فتور وضعف بالتواصل، أخيراً". ويضيف الدهلكي أنّ "العبادي يعي تماماً أنّ العراق جزء لا يتجزأ من الأمة العربية وهو يعمل الآن على إعادة الأمور لطبيعتها"، وفقاً للدهلكي. وحول تحفظات الجناح الموالي لطهران والممثّل بنائب رئيس الجمهورية العراقي، نوري المالكي، ومليشيات "الحشد الشعبي" على اتصالات العبادي، يقول الدهلكي إنّ "إيران نظام، لكن العرب وطن، ونطالب الدول العربية أن تمدّ يدها للعراق في هذه الفترة بالذات، لحاجته لكل الدعم"، واصفاً أي تحفظ بـ"غير المجدي".

ويعتبر المحلل السياسي العراقي صباح عبيد العاني، لـ"العربي الجديد"، أنّ "الساسة العراقيين يدركون، أخيراً، أنّ إيران تريد العراق تابعاً وليس جاراً أو شريكاً، في الوقت الذي لا يزال المحيط العربي إيجابياً في عودة العراق كقوة إقليمية فاعلة ويريدون مساعدته"، لافتاً إلى أن "العبادي أكثر تعقّلاً وأقل تبعية لإيران من المالكي"، على حدّ تعبيره.

المساهمون