الاحتلال يصعد من إجراءاته في القدس بعد عيد الفطر

12 يوليو 2016
اعتقال نحو 70 فتى وشاباً (محمود العين/ Getty)
+ الخط -


لم يكد سكان القدس المحتلة، يودعون شهر رمضان المبارك وأيام عيد الفطر السعيد، حتى عادت معاناتهم اليومية من إجراءات الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية، وحتى حقهم في ممارسة عباداتهم وأداء صلواتهم باتت تتصدر العناوين، وتحتل أولوية في الممارسة اليومية لأذرع الاحتلال المختلفة.

وعلى صعيد الانتهاكات اليومية للمسجد الأقصى، عاد المستوطنون بقوة ليجددوا اقتحاماتهم منذ صبيحة أمس الأحد، فقد سجل اقتحام أكثر من مائة متطرف يهودي باحات المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال، وسط دعوات أطلقتها جماعات التطرف اليهودية، وعائلة مستوطنة قتلت قبل أكثر من أسبوع قرب مستوطنة كريات أربع المقامة على أراضي الخليل، من أجل إقامة طقوس خاصة لإحياء ذكرى مقتلها.

ولم تنتظر عائلة القتيلة، موافقة نتنياهو على طلبها إقامة تلك الطقوس، بل شرعت بتوزيع نحو 250 دعوة على غلاة المستوطنين لمشاركتها غدا الثلاثاء، في إقامة تلك الطقوس بباحات المسجد الأقصى، تخليدا لذكرى القتيلة التي اشتهرت بمشاركتها في اقتحامات يومية للأقصى قبل أن تلقى مصرعها في هجوم مسلح نفذه فلسطيني ما زال طليقا.

في المقابل، يتهيأ المقدسيون لمواجهة تصعيد محتمل غدا الثلاثاء، في ما لو وافق نتنياهو على السماح بإقامة طقوس خاصة لتخليد ذكرى القتيلة، حيث وجهت حراكات شبابية مقدسية، وكذلك شخصيات دينية ووطنية، إضافة إلى حركة فتح دعوات للمقدسيين للرباط ومواجهة أي اقتحام يقوم به المستوطنون عنوة للمسجد الأقصى غدا.

وفي هذا الوقت، واصلت شرطة الاحتلال حملات الاعتقال في صفوف الناشطين المقدسيين، حيث سجل منذ مطلع يوليو/تموز الحالي وحتى اليوم، اعتقال نحو 70 فتى وشابا على خلفية نشاطاتهم بمقاومة المستوطنين المقتحمين.

وتوالت قرارات الإبعاد عن القدس والمسجد الأقصى بحق مرابطين ومرابطات ونشطاء ميدانيين، كان آخرها، ما صدر اليوم من قرار بإبعاد الناشطة الفلسطينية مدلين عيسى، من الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، عن القدس القديمة والمسجد الأقصى المبارك لمدة أسبوع.

ووفقا للناشطة عيسى، فقد تلقت عصر أمس، دعوة للمثول للتحقيق في مركز شرطة كفر قاسم، وبعد ثلاث ساعات من الانتظار خضعت لتحقيق استخدم المحققون خلاله أسلوب التهديد.

وقالت إن "الشرطة الإسرائيلية عرضت أمامها خلال التحقيق منشورات على صفحتها في فيسبوك دعت فيها مدلين إلى شد الرحال للمسجد الأقصى، معتبرة إياها تحريضا ودعوة لإثارة الشغب في القدس والأقصى ومنعوها من كتابة مثل هذه المنشورات".

وكانت الناشطة عيسى كتبت على صفحتها في فيسبوك مؤخرا: "من يستطيع التواجد والرباط في المسجد الأقصى في ساعات الصباح فلا يتردد وخاصة يوم الثلاثاء.. من للأقصى إن لم نكن نحن؟"

وفي سياق متصل، استدعت المخابرات الإسرائيلية، اليوم، المعلمة في المسجد الأقصى المبارك خديجة خويص، للتحقيق معها، ومدّدت السلطات الإسرائيلية الحبس المنزلي بحق المواطنة المقدسية سحر النتشة، حتى السادس والعشرين من سبتمبر/أيلول المقبل.

في حين استدعت سلطات الاحتلال اليوم رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد "همة"، ناصر عيسى هدمي، وأبلغته بقرارها منعه من السفر خارج البلاد حتى نهاية العام الحالي.

وعلى صعيد آخر، بدأت دوائر إسرائيلية عقب انتهاء عيد الفطر مباشرة بالضغط اقتصادياً على التجار المقدسيين، بعد أن انتعشت حركة التجارة لديهم خلال شهر رمضان، حيث نفذت على مدى اليومين الماضيين حملات دهم واسعة لأسواق البلدة القديمة من القدس ومحالها التجارية.

وامتدت حملة المداهمات هذه إلى خارج أسوار البلدة القديمة حيث سوق المصرارة والأسواق التجارية في شوارع صلاح الدين والسلطان سليمان والزهراء، وتولت فرق من ضريبة الداخل والأرنونا مساءلة المواطنين والتجار عن ديون ضريبية.

وبلغت ذروة هذه الإجراءات أمس الأحد باقتحام طواقم من سلطة الآثار الإسرائيلية محال لبيع الآثار القديمة، كما حدث في شارع الواد وهو أحد الأسواق المركزية بالبلدة القديمة وصادرت آلاف القطع الأثرية التي تربو قيمتها عن 600 ألف دولار بدعوى أنها آثار يحظر الاتجار بها، بالرغم من أنها معروضة منذ عقود، ويمارس صاحبها مهنته منذ مطلع السبعينيات من القرن الماضي.

ويقول تجار في المدينة المقدسة، إن "مثل هذه الحملات عادة ما تتكثف بعد كل مناسبة من مثل شهر رمضان والأعياد الدينية الإسلامية والمسيحية، لكنها هذا العام تتميز بضراوتها، من حيث طبيعة المداهمات وما يتخللها من عنف يمارسه المحتلون خلال مصادرة البضائع، وفرض المخالفات والغرامات دون مبرر لذلك".

وهو ما يؤكده أيضا زياد الحموري مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، حيث يتابع مركزه هذه الانتهاكات ضد القطاع التجاري المقدسي.

وكانت هذه الإجراءات قد تسببت بإغلاق أكثر من 300 محل تجاري، حيث حذر الحموري في حديث لـ"العربي الجديد"، من تدهور آخر في الأوضاع الاقتصادية مع استمرار الاحتلال في سياسات التهويد والأسرلة لجميع القطاعات في القدس المحتلة.