حبس أنفاس في بغداد: الهجمات لم تنتهِ بعد

حبس أنفاس في بغداد: الهجمات لم تنتهِ بعد

09 يناير 2020
يخشى العراق تحوله لساحة مواجهة (فرانس برس)
+ الخط -
يواصل العراق حبس أنفاسه منذ مقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، ونائب قائد فصائل الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، غرب مطار بغداد، بغارة أميركية فجر الجمعة الماضي. وسجّل يوم أمس الأربعاء، ذروة القلق في هذا البلد، من أن يكرس ساحةً للمواجهة الإيرانية الأميركية، بعد استهداف طهران فجراً بصواريخ بالستية لقاعدتي "حرير" في أربيل و"عين الأسد" في الأنبار، وهو قلقٌ لم يُخمد بعد، مع استمرار نداءات "الثأر" التي تطلقها فصائل عراقية مسلحة محسوبة على الجمهورية الإيرانية.
وأبقت قيادة العمليات العراقية المشتركة، أمس، حالة الإنذار الذي أعلنته فجراً بصفوف قوات الجيش العراقي، مع بدء الهجوم الصاروخي الإيراني على قاعدتي "حرير" و"عين الأسد"، فيما عادت المقاتلات والطائرات المسيرة الأميركية إلى سماء البلاد، في مشهدٍ يذكر بالمعارك ضد تنظيم "داعش"، وهو ما اعتبر أول استثمار أميركي للهجوم الإيراني.
حالة الإنذار، جاءت بعد عجز حكومة تصريف الأعمال برئاسة عادل عبد المهدي، عن السيطرة على عددٍ من الفصائل العراقية التي أعلنت عزمها تنفيذ عملية عسكرية صاروخية ضد أهداف أميركية في العراق، قد تكون من بينها السفارة الأميركية في بغداد، بحسب مسؤول عراقي رفيع تحدث لـ"العربي الجديد". وقال المسؤول إن الحكومة "فقدت السيطرة على عدد من الفصائل المسلحة، التي تصر على أن الرد سيكون ثأراً لمقتل المهندس، ولا تزال تضغط في ملف خروج القوات الأميركية من البلاد، باعتبارها احتلالاً".
وأكد المصدر أن طائرات القوات الأميركية "عادت لتنشط داخل الأجواء العراقية تحت غطاء الهجوم الإيراني، مع معلومات أن المستشارين الأميركيين من العسكريين المتعاقدين، غادروا العراق، وحلّ مكانهم مقاتلون من الجيش الأميركي". ولأن الرد الأميركي لن يكون بطبيعة الحال داخل العراق (في إشارة إلى احتمال استهداف إيران)، فإن بغداد "ترصد الرد الإيراني ورد الفصائل الموالية لطهران"، بحسب المصدر.
من جهته، أوضح مسؤول عسكري في قيادة العمليات العراقية المشتركة، في اتصال أجرته معه "العربي الجديد"، أن القوات الأميركية "متواجدة في مواقع يصعب استهدافها بالكاتيوشا، كونها في حالة استنفار تام، وتمت تهيئة ملاجئ ومقرات آمنة لها"، مبيناً أنه "في حال حصول رد من الفصائل، فقد يكون مشابهاً للرد الإيراني، أي أنه لن يؤدي إلى وقوع خسائر بشرية، وإلا فإن واشنطن سترد"، ناقلاً تسريبات عن قرب وصول مسؤول عسكري في الجيش الأميركي إلى العراق، لتقييم ومعاينة الهجمات على قاعدتي حرير وعين الأسد".
من جهتها، أكدت مصادر مقربة من "كتائب حزب الله"، أن شخصيات سنية عراقية تشارك في الاجتماعات التي تجري منذ مساء أول من أمس الثلاثاء في إيران لقيادات وممثلين في فصائل عراقية مسلحة عدة، وذلك لـ"منح اسم المقاومة بعداً وطنياً وغير طائفي".
وحصلت "العربي الجديد" على معلومات تؤكد أن رجل الدين السُنّي مهدي الصميدعي، الذي يملك منذ العام 2015 فصيلاً مسلحاً مكوناً من بضع مئات مقاتلين، قد يكون من بين القوى المحسوبة على العراقيين السنة الذين يراد ضمّهم إلى محور "المقاومة الوطنية" التي ستتولى الضغط لإخراج القوات الأميركية، كما أن ممثلاً عن مليشيا "بابليون" المسيحية بزعامة ريان الكلداني المدرج على لائحة الإرهاب الأميركية، هو من بين هذا المحور الذي كان دعا إليه في وقت سابق زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر خلال بيان إعادة إحياء مليشيا "جيش المهدي"، والذي أطلق عليه اسم "أفواج المقاومة"، واستجابت له فصائل مسلحة عدة، أبرزها مليشيا "النجباء".
وأقر المتحدث باسم مليشيا "حركة أنصار الله الأوفياء"، أحد الفصائل المرتبطة بإيران، عادل الكرعاوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، بوجود "اجتماعات ولقاءات في إيران بين قادة وممثلي فصائل المقاومة الإسلامية لتشكيل أفواج المقاومة التي ستوحد العمل ضد الأميركيين"، مبيناً أن التشكيل الجديد سيكون منسقاً لعمله مع تشكيلات أخرى خارج العراق، مؤكدا أن الاجتماعات ستقرر أيضاً موعد الرد على الأميركيين، الذي سيكون بالتأكيد قوياً، والذي قد يحصل ربما خلال ساعات"، على حد قوله. وتعليقاً على ذلك، اعتبر الخبير الأمني العراقي، أحمد الحمداني، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن قراءة الرد الذي تهدد به الفصائل لن تكون بعيدة عن كونه رداً إيرانياً، ما يعني أن تهديد قادة هذه الفصائل متوقف تنفيذه على ضوء أخضر من إيران". بدوره، شدد القيادي في "كتائب حزب الله" العراقية، أبو أحمد العسكري، في اتصال مع "العربي الجديد"، على أن "الضربة الايرانية هي بداية وليس إنهاء للتصعيد"، مؤكداً "إبلاغ الجيش العراقي بالابتعاد عن الأميركيين"، ومعتبراً أن "العراق لم يف بعد بوعده بأخذ ثأر نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، أو ضحايا غارة القائم".
من جهته، رأى عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، النائب عن تحالف "الفتح"، كريم عليوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الهجوم الإيراني لن ينهي الأزمة، بل سيجعلها مفتوحة، وذات بعد ثأري"، متوقعاً هجمات أخرى إيرانية في العراق، وربما في دول أخرى، كما أن الرد الأميركي وارد جداً". وبين أن "تصويت مجلس النواب العراقي على إنهاء التواجد الأجنبي، يعطي حجة قانونية لذلك"، بحسب رأيه.
إلى ذلك، سجلت خلافات حادة وتباين واضح في المواقف داخل القوى السياسية والرئاسات العراقية الثلاث، حيال الهجوم الصاروخي الإيراني فيما قررت بغداد استدعاء السفير الإيراني إيرج مسجدي احتجاجاً على خرق سيادتها بعد الهجمات. إذ دان رئيسا البرلمان والجمهورية، محمد الحلبوسي وبرهم صالح، الهجوم، فيما أحجم رئيس الوزراء عادل عبد المهدي عن ذلك، متحدثاً عن علمه المسبق بالهجوم على الأهداف الأميركية. وكانت لافتة أيضاً إدانة ائتلاف "النصر" بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، ما وصفه بـ"الانتهاك الإيراني للسيادة العراقية"، مؤكداً رفض الائتلاف لـ"أي صراعات أو تصفية حسابات إقليمية دولية على حساب الدم والأرض والسيادة العراقية".


المساهمون