فابيوس: "الرجل المغضوب عليه إيرانياً" في طهران اليوم

فابيوس: "الرجل المغضوب عليه إيرانياً" في طهران اليوم

29 يوليو 2015
اتهم معلقون ايرانيون عدة فابيوس بالتصلّب بالمفاوضات (فرانس برس)
+ الخط -
حتى قبل أن يصل إلى إيران، اليوم الأربعاء، تعرّض وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، لسيلٍ من الانتقادات العنيفة طيلة الأسبوع الماضي، من طرف المعلّقين السياسيين المقرّبين من الدوائر المحافظة في طهران. وعكست هذه الانتقادات السمعة السيئة، التي يحظى بها الرجل لدى الإيرانيين، الذين لم يهضموا تشدده وتصلبه بعد خلال مفاوضات النووي الإيراني بين ايران ومجموعة 5+1، والتي أفضت إلى التوقيع أخيراً على اتفاقٍ تاريخي، يحدّ من النشاط النووي الإيراني، في مقابل الرفع التدريجي للعقوبات الدولية المفروضة على ايران.

واتهم عدد من المعلقين الايرانيين فابيوس بـ"تعطيل المفاوضات حول النووي الإيراني"، وحمّلوه مسؤولية نسفها، تحديداً في نوفمبر/تشرين الثاني 2013، عندما تشبّث بموقفٍ معادٍ لطهران. كما ذهب أحد المعلقين في موقع "شرق نيوز"، إلى حدّ اتهامه بـ"تمثيل العدو الصهيوني والسعودية في المفاوضات حول النووي الايراني".

كذلك بادر بعض المعلقين الايرانيين إلى التذكير بـ"الدعم الفرنسي الكبير للعراق، وللرئيس العراقي السابق صدام حسين، أثناء الحرب العراقية الايرانية (1980 ـ 1988) التي سقط فيها الآلاف من الايرانيين بالسلاح الفرنسي".

وفي بادرة تعكس حجم "الود" الايراني تجاه فابيوس، بادر عدد من المعلقين إلى فتح ملف قديم كاد الجميع أن ينساه في فرنسا، ويتعلق بفضيحة "الدم الملوّث بفيروس الايدز". الفضيحة التي اشتعلت في أواسط الثمانينيات، في الفترة التي كان فيها فابيوس رئيساً للوزراء. واندلعت الأزمة بعد قيام "المركز الوطني الفرنسي للدم" بتوزيع دمّ ملوّث بفيروس الايدز، على المئات من المرضى المصابين بـ"الهيموفيليا" (مرض في الدم)، مما أدى إلى وفاة المئات منهم في فرنسا.

اقرأ أيضاً: شركات التأمين تتوخى الحذر في دخول إيران

وعلى الرغم من حظر توزيع واستخدام هذا "الدم الفاسد"، واصلت السلطات الفرنسية تصديره إلى الخارج، وإلى ايران، مما أدى أيضاً إلى اصابة مئات الأشخاص ووفاة العشرات. ومع أن القضاء الفرنسي برّأ فابيوس من تهمة "القتل غير العمد" عام 1999، فقد اعتبر المعلقون الايرانيون بأن "فابيوس لا يزال يتحمّل مسؤولية وفاة المرضى الإيرانيين".

وأمام تصاعد الانتقادات ضد فابيوس، بادرت الحكومة الايرانية الى الدفاع عنه، واعتبر وزير الصحة الايراني سيد حسن هاشمي، أن "فابيوس شخصية دولية، وليس من مصلحة ايران اثارة قضية الدم الملوث". وأكد أن "قضية الدم الفرنسي الملوث لا تزال محط سجال قانوني بين البلدين".

وأمام تصاعد حدة الانتقادات ضده، التزم فابيوس الصمت، ولم يدل بأي تعليق قبل توجهه إلى طهران اليوم. وأكدت مصادر مطلعة في وزارة الخارجية الفرنسية لـ"العربي الجديد"، أن "فابيوس لا يريد الدخول في جدلٍ قد لا يخدم أهداف زيارته لطهران، التي تُعدّ أساسية لفتح الطريق أمام استعادة علاقة طبيعية بين البلدين". وأنه مدرك بأن "الانتقادات الموجّهة له، تعكس التجاذب السياسي في ايران بين المحافظين والمعتدلين".

ونشر فابيوس يوم الثلاثاء، مقالاً في صحيفة "ايران" الحكومية، كان مبرمجاً منذ الأسبوع الماضي كتب فيه "إن الطريق مفتوحة من أجل اعادة الحوار الثنائي بين بلدينا. وفرنسا احتفظت على الدوام بعلاقات احترام وصراحة مع ايران، حتى في عز الاختلافات بين البلدين".

غير أن صمت فابيوس حيال الانتقادات الإيرانية، عوّضه بقوة الرئيس فرانسوا هولاند شخصياً، الذي استفاض يوم الاثنين، في الدفاع عن وزيره خلال حفل عشاء جمعه بصحافيي قصر الاليزيه. واعتبر هولاند أن "فابيوس يمثل فرنسا، وسنُقيّم سلوك ايران انطلاقاً من الطريقة التي سيتم استقباله فيها". في اشارة إلى الانتقادات التي وجّهها الايرانيون لفابيوس.

وقال هولاند "نحن ننتظر من الرئيس الايراني حسن روحاني، أن يبرهن بأن ايران تستطيع المساهمة في حل عدد من الأزمات الخطيرة في الشرق الأوسط، تحديداً في سورية". وأضاف أنه "يجب على ايران أن تساهم في ايجاد حلول لعدد من الأزمات في لبنان وسورية واليمن والبحرين".

وسيلتقي فابيوس خلال زيارته الرئيس الإيراني، ووزير الخارجية محمد جواد ظريف. وكان وزير الخارجية الفرنسية، قد لفت الانتباه الأسبوع الماضي، إلى أن "زيارته الايرانية ستكون سياسية بالأساس، وتتناول اعادة العلاقات بين باريس وطهران إلى وضعها الطبيعي، والبحث في التداعيات الاستراتيجية لعودة ايران إلى الساحة الدولية، ومناقشة الأزمات الإقليمية التي تؤدي فيها أدواراً هامة، مثل اليمن وسورية والعراق ولبنان".

كما أكد فابيوس، بأنه "لن يصطحب معه أي وفد من رجال الأعمال ومدراء الشركات الفرنسية". غير أنه أوضح في المقابل، بأن "وفداً اقتصادياً فرنسياً يضمّ رؤساء الشركات الفرنسية الكبرى، وممثلين عن منظمة أرباب العمل سيزور طهران في شهر سبتمبر/أيلول المقبل".

وتأتي زيارة فابيوس إلى طهران في اطار تسابق غربي نحو ايران، بعد التوقيع على الاتفاق النووي، للبحث عن عقود استثمارية في السوق الايرانية التي ستشهد انتعاشاً قوياً مع الرفع التدريجي للعقوبات الدولية. وقد دشّن وزير الاقتصاد والطاقة الألماني سيغمار غابريال، هذا التسابق الأسبوع الماضي.

اقرأ أيضاً: عقود إيران مع سورية مهددة بعد سقوط الأسد