لبنان: حرب حلفاء "حزب الله" قد تطيح بالانتخابات النيابية

لبنان: حرب حلفاء "حزب الله" قد تطيح بالانتخابات النيابية

20 سبتمبر 2017
قدّم بري مشروع قانون لتقليص ولاية البرلمان (حسين بيضون)
+ الخط -
تتحضّر القوى السياسية في لبنان لخوض معركة سياسية حادة في ملف الانتخابات النيابية التي تم تأجيلها 3 مرات (جرت آخر مرة عام 2009)، مع تقديم رئيس مجلس النواب نبيه بري، مشروع قانون بهدف إلى تقليص ولاية المجلس الممدد لنفسه، وإجراء الانتخابات النيابية قبل نهاية العام الحالي. وكما معظم الخلافات التي يكون بري طرفاً فيها، عادة ما يكون "التيار الوطني الحر" في مواجهته.
وبعدما نجحت التسوية السياسية التي أفضت إلى انتخاب ميشال عون رئيساً، مقابل عودة سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة، في فرض هدنة سياسية مؤقتة لإقرار العناوين الاقتصادية للتسوية في ملفات النفط والاتصالات وإقرار الموازنة، فإن حجم الخلاف السياسي بين مختلف الأطراف (ومنها بري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل) يعرقل إنجاز الاستحقاق المؤجل في الحياة السياسية اللبنانية، وهو الانتخابات النيابية.

خلافات متصاعدة
توالى إقرار المراسيم اللازمة لإطلاق العهد النفطي في لبنان، وتم التوافق على الموازنة المعطلة منذ أكثر من عقد وبدأ تنفيذ خطة تطوير قطاع الاتصالات خلال الأشهر الأولى من التسوية التي جمعت معظم الأطراف السياسية المتخاصمة على طاولة مجلس الوزراء. والنتيجة كانت تحوّل مختلف الملفات التقنية (كخطة الكهرباء في وزارة الطاقة وخطة قطاع التعليم في وزارة التربية) إلى مشروع سجال بين وزراء الحكومة.
وإلى جانب هذه الخلافات التقنية الداخلية، برز التناقض الرسمي في ملف العلاقات اللبنانية-السورية وفي ملف الانتخابات، وهما أكبر ملفين خلافيين في لبنان حالياً. ويبرز في كلا الملفين موقف "حزب الله" بوصفه صاحب اليد العليا في لبنان.

يراهن الحزب كما غيره من القوى السياسية على مجريات الوضع في سورية، وإن كان الأكثر قدرة على تطويع الوضع الميداني في سورية لمصلحته في لبنان. وسبق للحزب أن عطّل مجلس النواب ومعه عملية انتخاب رئيس للجمهورية طوال عامين ونصف العام، شارك خلالها في دعم النظام السوري عسكرياً من دون وجود مرجعية سياسية لبنانية للاعتراض، مع تعطيل حليفه "التيار الوطني الحر" للحكومة برئاسة تمام سلام، تحت عنوان "الحفاظ على حقوق المسيحيين وموقع رئاسة الجمهورية".

لكن حسابات الحلفاء تتعارض اليوم في ملف الانتخابات النيابية، ويصطف رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى جانب "حزب الله" في مواجهة "التيار الوطني الحر". ينظر رئيس التيار جبران باسيل، إلى هذا الاستحقاق الانتخابي كبوابة إضافية لتحقيق طموحه في تولي رئاسة الجمهورية خلفاً لوالد زوجته ميشال عون. وقد خاض معارك عديدة لتحقيق ما يسميه "التمثيل الحقيقي للمسيحيين" بصفته رئيساً لأحد أكبر التيارات المسيحية في لبنان، وانتزاع حق الترشح للمغتربين والمتحدرين من أصل لبناني بصفته وزير الخارجية. ويرى باسيل وفريقه السياسي أن أي تعجيل في إجراء الانتخابات سيكون على حساب "الإصلاحات" التي نجح في ضمها إلى مشروع القانون الانتخابي المختلط الذي تم إقرار قبل أشهر قليلة.


هنا تختلف الحسابات بين الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل برئاسة نبيه بري) وحليفهما المسيحي، إذ يخشى قطبا الثنائية أن يتم فرض تمديد جديد تحت حجة "تطبيق البنود الإصلاحية في قانون الانتخابات الجديد". ويبرز في هذا المجال بند "البطاقة البيومترية" التي أقر مجلسا النواب والوزراء إجراء الانتخابات المقبلة عبرها، في عملية تقنية صعبة ومعقدة قد لا تكفي المدة المتبقية حتى موعد الانتخابات في مايو/أيار المقبل لإصدار بطاقات لجميع المقترعين اللبنانيين الذين يبلغ عددهم حوالى 3 ملايين و800 ألف مواطن.

وعوضاً عن فصل إجراء الانتخابات عن موضوع البطاقة البيومترية، توافقت كل القوى المشاركة على التسوية على هذا الدمج بين الإجراءين. علماً ان تجربة وزارة الداخلية في إدارة الانتخابات البلدية العام الماضي ليست مشجعة على أقل تقدير، ذلك أن الجمعيات المحلية المعنية بنزاهة الانتخابات سجّلت ملاحظات "أثّرت على مسار العملية الديمقراطية". ويعود اليوم للفريق الوزاري نفسه في الداخلية إدارة الانتخابات النيابية وفق قانون يُطبّق للمرة الأولى وباستخدام البطاقة البيومترية الجديدة كلياً في لبنان.

ينطلق موقف "حزب الله" الحريص على إجراء الاستحقاق الانتخابي ربطاً بالتطورات السورية، وبتحجيم تأثيره السياسي وحتى العسكري في سورية لصالح القوى الكبرى كروسيا التي دخلت بقوة على الخطين السياسي والعسكري فتقلّص دور الحزب في سورية. ومن شأن أي تسوية سياسية سورية أن تؤدي إلى مزيد من التراجع للأدوار الإقليمية (إيران، حزب الله، تركيا...) لصالح الولايات المتحدة وروسيا.

"المستقبل" لا يرفض التمديد

من خارج الخلاف بين "حزب الله" وحلفائه، تبرز مواقف القوى الأخرى في لبنان، كـ"تيار المستقبل" و"القوات اللبنانية" و"الحزب التقدمي الاشتراكي". ومن المتوقع أن تعارض "القوات اللبنانية" موقف "حزب الله" وتصطف إلى جانب "التيار الوطني الحر"، كما يجد تيار "المستقبل" نفسه أقرب إلى خيار التمديد أو أقله إجراء الانتخابات في موعدها، وهو صاحب لقب "الخاسر الأكبر" في الانتخابات نتيجة تراجع شعبيته وحصول الزعامات السنّية المحلية شرقي وشمالي لبنان على حظوظ تمثيلية أكبر في ظل القانون الجديد. إلى جانب تأثر قاعدته بالأزمات المالية التي ضربت رئيسه، سعد الحريري. أما رئيس "التقدمي الاشتراكي"، النائب وليد جنبلاط، فلا يفوّت فرصة للتعبير عن حالة عدم ارتياحه لأداء الحريري، ويمنحه التوافق السياسي على إبقاء توزيع المقاعد الدرزية من دون تعديل أريحية في قبول تعجيل الانتخابات أو حتى تمديد ولاية المجلس الحالي مجدداً.

المساهمون