خرجت معظم دول أميركا الوسطى وأميركا الجنوبية من ماضيها الدموي، إلا نيكاراغوا، التي شهدت حكماً ديكتاتورياً لآل سوموزا طيلة 43 عاماً، ثم ثورة ساندينية يسارية في عام 1979، استمرت حتى عام 1990 بقيادة دانيال أورتيغا، "المنقذ" من آل سوموزا، وقد تحول إلى شخص مطلوب رحيله فوراً، بعد سقوط نحو 180 قتيلاً في الأسابيع الأخيرة من الاحتجاجات وأعمال العنف والفوضى. وأورتيغا حكم نيكاراغوا من 1979 إلى 1990 بعد إزاحته أناستازيو سوموزا، ثم عاد إلى السلطة في 2007. ويواجه أورتيغا موجة غضب منذ 18 إبريل/ نيسان الماضي فجّرها مشروع لإصلاح نظام التقاعد تمّ التخلي عنه. لكن التظاهرات تحولت بسرعة إلى حركة احتجاج شاملة ضد الرئيس المتهم بمصادرة الحكم وتقييد الحريات. وفي حال استمرار التوتر في نيكاراغوا، يمكن أن يؤدي لزعزعة استقرار دول مجاورة، ككوستاريكا وهندوراس، وخصوصاً أن خط التجارة البرية تمّ قطعه من جانب المتظاهرين. ومع أنهم أعادوا فتحه، إلا أنه يبقى معرّضاً للإقفال في أي لحظة. وسعت الكنيسة الكاثوليكية، القوية عموماً في أميركا الوسطى، إلى سحب فتيل الأزمة عبر دعوة أورتيغا لتقريب موعد الانتخابات الرئاسية، إلا أنه رفض ذلك.
واتهم مايكل هيلي، رئيس اتحاد المنتجين الزراعيين، الحكومة وهيئات إنفاذ القانون بقتل الضحايا، موضحاً في ختام محادثاته مع الحكومة التي تتوسط فيها الكنيسة الكاثوليكية: "كنا ننام في سلام وهدوء، ولكن المحزن هو أن نستيقظ على وفاة هذه الأسرة"، مضيفاً "تريدنا الحكومة أن نترك هذه الطاولة ولن نسمح بحدوث ذلك... هذا هو السبيل الوحيد لوضع نهاية لذلك".
وذكرت وسائل إعلام محلية أن الشرطة ومسلحين مؤيدين لأورتيغا أطلقوا النار على المتظاهرين، فيما لم ترد الحكومة على طلب للتعليق على ذلك. وتوصلت الحكومة والمعارضة، يوم الجمعة، إلى اتفاق يسمح لمراقبين في مجال حقوق الإنسان بالتوجه إلى نيكاراغوا للتحقيق في أعمال العنف. وكان أورتيغا قد رفض فتح تحقيق من قبل هيئات دولية في أعمال العنف. وستحصل نيكاراغوا على مساعدة من لجنة الدول الأميركية لحقوق الإنسان والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، على أن تكون الكنيسة الكاثوليكية وسيطاً وشاهداً على ذلك. ووافق ممثلو المعارضة من جهتهم على طلب أساسي لأورتيغا وهو خطة لإنهاء إغلاق الطرق، كما أعلن المؤتمر الأسقفي الوسيط في الأزمة.
(العربي الجديد، قنا، فرانس برس)