بيغديمونت في كوبنهاغن متحدياً تهديدات مدريد بالاعتقال

بيغديمونت في كوبنهاغن متحدياً تهديدات مدريد بالاعتقال

22 يناير 2018
تحاط خطوات بيغديمونت بكثير من السرية (جاسبر جوينن/Getty)
+ الخط -
حسم قاضي المحكمة الإسبانية العليا، اليوم الإثنين، الجدل بشأن زيارة رئيس كتالونيا المقال وزعيم الانفصاليين بالإقليم، كارليس بيغديمونت، لكوبنهاغن، بعدما رفض طلب المدعي العام الإسباني بتفعيل مذكرة التوقيف الأوروبية بحقه، وذلك بعد ساعات من الترقب.

وبقرار قاضي المحكمة الإسبانية العليا سيكون بإمكان الزعيم الانفصالي الكتالوني المضي في لقاءاته السياسية غدا، والتي تظهر أن رغبة كبيرة في إنشاء ممثلية لكتالونيا في دول الشمال كانت المحفز الكبير لإصراره على الزيارة والالتقاء بـ"أصدقاء من اليسار" وبعض ممثلي الأقليات البرلمانيين للضغط بهذا الاتجاه.

وفي أعقاب ذلك، قال وزير الخارجية الإسباني، ألفونسو داستيس، اليوم الإثنين، إن زعيم كتالونيا المقال "لديه حرية التنقل في أوروبا، عدا إسبانيا، في الوقت الراهن".

ونقلت وكالة" أسوشييتد برس" عن داستيس قوله إن "هناك أمر استدعاء بحق السيد بيغديمونت في إسبانيا. أما في خارجها، فهو في الوقت الراهن حر في تنقلاته ضمن الاتحاد الأوروبي".

وعاشت كوبنهاغن على الصعيد القضائي والسياسي حالة من الترقب عقب مطالبة الادعاء العام الإسباني بإعادة تنشيط مذكرة التوقيف الأوروبية بحق كارليس بيغديمونت فور وصوله إليها قادما من بروكسل للمشاركة في ندوة سياسية، في خطوة مثلت تحديا منه لطلب الاعتقال والتسليم.

ودفعت مغادرة زعيم الانفصاليين الكتالونيين لمنفاه في بروكسل نحو كوبنهاغن، وتجاهل التحذيرات، مدريد لاتخاذ قرار بطلب تنشيط مذكرة الاعتقال عبر المدعي العام، قبل أن يتم رفض الطلب.

وتوقع بعض خبراء القانون، أمس، أن تفعّل المحكمة العليا في إسبانيا مذكرة الاعتقال بعد دقائق من وضع بيغديمونت رجليه في كوبنهاغن، فيما حبس مراقبون وصحافيون إسبان أنفاسهم بشأن مدى تجاوب كوبنهاغن، وبينهم من توقع الوصول إلى حلول وسط، تتمثل في عدم إجراء الزعيم الكتالوني لقاءات سياسية واقتصار الأمر على الندوة المقرر إجراؤها بجامعة كوبنهاغن.

وفي السيناريو الآخر، توقع مراقبون أن يحجز بيغديمونت تذكرة على "الراين إير" التي سافر على متنها للعودة إلى بروكسل قبل استلام كوبنهاغن للمذكرة، بحسب ما قال أحد السياسيين من يمين الوسط لـ"العربي الجديد" في كوبنهاغن.

وكان من شأن قبول المحكمة العليا لطلب المدعي العام الإسباني أن يوقع حكومة الدنمارك في "حرج" مع مدريد، في ما يخصّ طريقة التصرف مع الزعيم الانفصالي بعد وصوله إلى أراضيها لتنفيذ ما تطلبه دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، وما سيشكله ذلك من سابقة، وربما من انعكاسات سياسية وقانونية.

وفور وصوله إلى كوبنهاغن، اكتفى بيغديمونت، في حديث للتلفزيون الدنماركي، بجملة واحدة: "من الجيد أن أصل إلى الدنمارك".
وينتظر أن يشارك زعيم الانفصاليين الكتالونيين في العاصمة الدنماركية في نقاش سياسي حول "الوضع في كتالونيا وتحديات الحكومة الإسبانية"، بعد أن توجه الإقليم الإسباني، بزعامته، نحو الدعوة أكثر إلى الاستقلال، إثر الاستفتاء الذي أجري مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي. 

ووفقا لما تذكره صحيفة "إل باييس" الإسبانية، فإنه "جرى التقاط صورة لبيغديمونت في مطار بروكسل خلال توجهه إلى كوبنهاغن، بالرغم من أن مكتب المدعي العام حذر من أنه يمكن أن يجري اعتقاله وطلب تسليمه".

وهذه هي المرة الأولى، منذ أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، التي يغادر فيها "عدو إسبانيا الأول"، حسب وصف الإعلام الدنماركي، منفاه الاختياري في بروكسل.

وأحيطت خطوات زعيم الانفصاليين الكتالونيين بكثير من السرية، وخصوصا في ما يتعلق بطريقة استقباله، وكذا لقاءاته بعد الندوة التي تجري بمشاركة أكاديميين وباحثين متخصصين بالشأن الأوروبي، في ظل تأزم وضع الإقليم عقب تنامي دعوات الانفصال، وتهديد مدريد بتنفيذ سياسة حكم الإقليم مركزيا.

ومن المفترض أن يلتقي بيغديمونت في كوبنهاغن مع عدد من البرلمانيين اليساريين، ومن جزر الفارو التابعة للدنمارك، ما أثار أيضا حفيظة يمين الوسط، الذي اعتبر هذه اللقاءات السياسية "مؤشرا خطيرا"، إن لجهة الانتقادات اللاذعة الموجهة من اليسار لمدريد، أو لجهة التقاء ساسة برلمانيين من جزر تخضع، كما كتالونيا، لسيادة الدنمارك، وفيها نزعات استقلالية. 

يشار إلى أن الحكومة المركزية في مدريد حلّت الحكومة المحلية في برشلونة، ودعت إلى انتخابات مبكرة، بعد أن أيّد البرلمان السابق دعوة الاستقلال عن إسبانيا. 

وقاد بيغديمونت حملته الانتخابية في ديسمبر/كانون الأول الماضي من بروكسل، ودعا، بعد أن حقق الانفصاليون تقدماً في برلمان كتالونيا، إلى المطالبة بحكم الإقليم من المنفى. 

من ناحيته، هدد رئيس الوزراء الإسباني، ماريانو راخوي، بأن "مثل هذه الخطوة (قيادة الإقليم بحكومة منفى) ستدفع مدريد إلى الإبقاء على حكمها بشكل مباشر ومركزي". 

وكانت مدريد قد أكدت بحزم، قبل أيام، أن "بيغديمونت لن يكون زعيماً مرة أخرى".