صبحية القيم... تتحدّى مشاكلها بالتطريز

صبحية القيم... تتحدّى مشاكلها بالتطريز

23 يناير 2017
تهوى التطريز (العربي الجديد)
+ الخط -
ما زالت معظم النساء الفلسطينيات يحاولن التحايل على الوضع الاقتصادي الصعب في لبنان. وتسعى كثيرات إلى البحث عن فرص عمل لمساعدة أسرهن. صبحية القيم (57 عاماً)، التي تقطن في مخيّم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا (جنوب لبنان)، هي إحدى هؤلاء النساء التي سعت إلى تعلّم مهنة ومساعدة زوجها وعائلتها. تقول لـ "العربي الجديد": "تزوجت في الرابعة عشرة من عمري، وأنجبت تسعة أولاد، وقد تزوجوا جميعاً. صرت جدّة ولدي ثمانية عشر حفيداً. حالياً، أعيش في مخيم عين الحلوة في بيت متواضع مع زوجي".

تضيف القيم: "في السادسة عشرة من عمري، كنت أمّاً لطفلين، وكانت أوضاعي المادية سيّئة للغاية. لطالما أردت العمل حتى أتمكن من المساهمة في تأمين احتياجات المنزل. في الوقت نفسه، لم أكن قادرة على الخروج من البيت. في بعض الأحيان، كنت أدعو الجارات إلى بيتي للتسلية. وخلال هذه الجلسات، تعلمت منهن التطريز، وأردت العمل معهن. في الفترة الأولى، كنّ يحضرن لوازم التطريز إلى بيتي للعمل. في ذلك الوقت، كان التطريز يدر عليّ دخلاً جيّداً، الأمر الذي ساعدني أنا وأسرتي على الاستمرار في الحياة، في ظل الظروف المادية الصعبة".

حبّها للتراث ساعدها في التفنّن في التطريز على الأقمشة. ومع الوقت، صارت تبتكر رسومات خاصة. تقول إنها حين بلغت الواحدة والعشرين من عمرها، صارت أكثر إبداعاً في التطريز. في ذلك الوقت، عرض عليها عمل في أحد المراكز. لكنها رفضت بسبب ظروفها، واكتفت بالعمل في البيت. تلفت إلى أنها لم تكتف بالتطريز التقليدي على العباءات فقط، إذ إن ثمنها مرتفع، وليس في استطاعة الجميع شراءها. لذلك، بدأت التطريز على الشالات والمحافظ وغيرها، والتي عادة ما يشتريها الناس كونها جميلة وأسعارها مناسبة، كما أنها من التراث الفلسطيني.

بعدما كبر أولادها، بدأت العمل مع عدد من المؤسسات. كانت تجربتها الأولى في مشروع في مخيم عين الحلوة، ثم صارت تتعاون مع جمعيات عدة تعنى بالتراث، وعملت على تسويق ما تطرزه من خلال تنظيم المعارض. تشير إلى أنها اختارت العمل مع مجموعة من النساء في المخيم، وهن خمس. هؤلاء كن يطرزن في بيوتهن لأنهن لا يستطعن الخروج من المخيم. في الوقت نفسه، كن يحتجن إلى العمل في ظل ظروفهن الاقتصادية الصعبة.

تلفت القيم إلى أن بعض النساء لا يستطعن دفع بدل المواصلات للانتقال من المخيم إلى مدينة صيدا. من جهة أخرى، فإن أخريات لا يستطعن الخروج من بيوتهن لأسباب اجتماعية. تقول: "أعرف هذا الأمر جيداً، فقد عشت تجربة مماثلة. في الوقت نفسه، أقدر وضعهن وحاجتهن للعمل والمال". تضيف: "اليوم، صرت أعمل على تدريب الفتيات على التطريز من خلال دورات تنظم في المؤسسات والجمعيات، على غرار جمعية هنا"، مشيرة إلى أنها تساعد في تدريب الفتيات ثلاث مرات في الأسبوع.

تضيف أنها في الوقت الحالي، تهتم بتطريز "القطب" الفلسطينية التي تختلف من منطقة إلى أخرى. وتقول إنه في فلسطين، كان الناس يعرفون المنطقة التي تنتمي إليها الفتاة من خلال الزي الذي ترتديه. تتابع أن جميع أولادها التحقوا بالمدارس، إلّا أنهم لم يتمكنوا جميعاً من التخرج من الجامعات. وتشير إلى أنها في الماضي، كانت عاجزة عن الخروج من البيت بسبب زوجها. لكن بعد وفاة إبنها في حادث سيارة قبل أربع سنوات، انكسر الحاجز الذي كان يمنعها من الخروج من المنزل.

تقول القيم: "أشعر اليوم أنّني إنسانة فاعلة في المجتمع، وقد استطعت تحقيق ذاتي وما كنت أحلم به. ولأنّني أحب التراث الفلسطيني، أحرص على الحفاظ عليه، وتعليم الفتيات التطريز". ولأنّ العديد من النساء لم يتمكنّ من متابعة تعليمهن لأسباب عدة، لجأن إلى تعلّم هذه المهنة، وهي تراث فلسطيني أساساً. وهذه المهنة تدرّ عليهنّ بعض المال، الذي يحتجن إليه. وتأمل أن تنجح في تعليم هذه المهنة إلى أكبر عدد ممكن من الفتيات.