انقلاب مترو وقطار وانفجار... والإعلام المصري في غيبوبة

15 يوليو 2018
انقلاب القطار في البدرشين (Getty)
+ الخط -
على مدار ثلاثة أيام متتالية، شهدت مصر ثلاث كوارث في مرافق مهمة ومؤثرة وغاية في الحيوية، تعامل معها الإعلام المصري بساسية "انتظار التعليمات".
فيوم الأربعاء الماضي، خرجت عربة مترو الأنفاق بمحطة المرج القديمة شرقي القاهرة، عن السكة الحديدية، وسريعًا ما انتشرت صور العربة المقلوبة والأنباء المتتالية عن توقف حركة المترو وعدم وجود إصابات وخلافه.

وبعد فترة من انتشار خبر انقلاب عربة المترو، بالطبع كان الربط بين خبر انقلاب العربية والزيادة القاسية في أسعار تذاكر المترو التي أقرّتها الحكومة أخيرا، يفرض نفسه على أحاديث مواقع التواصل الاجتماعي، حيث لا مكان للحديث عن نبض الناس والشارع في وسائل الإعلام الرسمية الحكومية منها وحتى الخاصة.

وكان سعر تذكرة المترو جنيهًا واحدًا، إلى أن رفعته الحكومة السابقة إلى جنيهين في مارس/آذار 2017، بعد أيام قليلة من رفع حكومة شريف إسماعيل أسعار جميع المواد البترولية والكهرباء ورفع رسوم عدد من الخدمات.
ثم جاءت الصدمة الثانية في أسعار تذاكر المترو من وزارة النقل، عندما قررت في 11 مايو/ أيار الماضي، زيادة سعر تذكرة المترو بعد تقسيمها لثلاث شرائح.
كانت حجة الحكومة في المرتين هو "أن السعر المنخفض لتذكرة المترو لا يتناسب مع التكلفة الفعلية للمرفق وصيانته وتطويره وإنشاء خطوط جديدة".

كان الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، قد صرح في 23 ديسمبر/كانون الأول 2017، بأن التكلفة الباهظة لتكلفة حفر أنفاق المترو والتي قد تبلغ 30 مليار جنيه، فإنه لا يمكن استمرار العمل بمثل أسعار التذاكر المعمول بها حاليًا في المستقبل.
وعلى الرغم من حجم الكارثة التي حلّت بالمصريين جراء الزيادات المتالية والمبالغ فيها في سعر تذكرة المترو، التزم الإعلام المصري الدفاع عن الحكومة، ووصف متظاهري المترو الذين اعترضوا على الزيادات وأُلقي القبض عليهم بـ"المخربين والمحرضين ضد أجهزة الدولة"، ولم تتطرق وسيلة إعلامية لنبض الشارع ومنصات التواصل الاجتماعي، حتى حين انقلبت عربة مترو المرج، وانتشرت صور لجرار قطار من السكة الحديد داخل محطة المترو، لسحب عربات المترو المتعطل.

مضت أكثر من 48 ساعة على سخرية المصريين من انقلاب عربة المترو "أبو 7 جنيه" على حد تعبيرهم، والاستعانة بجرار قطار لسحب العربات "محدش بيشتغل بشهادته في مصر، حتى القطر اشتغل مترو".. بحسب أبرز جمل التهكم على الواقعة، حتى حدثت كارثة ثانية تعامل فيها الإعلام بنفس النهج المضلل المنتظر للتعليمات، بمجرد انتشار أنباء وصور عن انفجار ضخم بالقرب من مطار القاهرة الدولي.
وعبْر منصات التواصل الاجتماعي، انتشرت العديد من الروايات، البعض يؤكد أنها محطة بنزين انفجرت، وآخرون يشيعون سقوط طائرة ركاب، والبعض الآخر يتحدث عن انفجار خزانات وقود بالمطار. منهم من قال إن الانفجار في منطقة التجمع الخامس، ومنهم من قال إنه في مدينة نصر ومصر الجديدة، والبعض أكد أنه في الامتداد الصحراوي للقاهرة بين العبور والشروق.



تكهنات وروايات ومناشدات بتحرّي الدقة في نقل المعلومات عبر منصات التواصل الاجتماعي، ذلك فقط لأن الإعلام المصري فقدَ دوره في إيصال المعلومات، فلجأ المصريون لمنصات التواصل الاجتماعي بديلًا صادقًا ومصدرًا مؤكدًا للمعلومات، إضافة إلى متابعة بعض القنوات الإخبارية الأجنبية التي تابعت نقل تطورات الانفجار لحظة بلحظة مثل الجزيرة وسكاي نيوز والعربية.
والتزمت وسائل الإعلام المصرية الصمت التام، حتى خرج البيان الأول عبر صفحة المتحدث العسكري المصري على "فيسبوك"، لتعلن "نظراً لارتفاع درجة حرارة الجو حدث انفجار فى أحد مخازن البتروكيماويات التابعة لشركة هليوبلس للصناعات الكيماوية، وتم دفع عربات الحماية المدنية للسيطرة على الحريق ومحاصرته"، لتنقلها عنه وسائل الإعلام المصرية كافّة، ويظل رواد مواقع التواصل الاجتماعي في مساحاتهم المفتوحة يتداولون الأنباء ويتهكمون على انفجار وقع بفعل ارتفاع درجات الحرارة في العاشرة مساءً.

ثم وفي غضون ساعات عدة، وفي منتصف يوم الجمعة (أول من أمس)، حدثت كارثة جديدة، وهي انقلاب "قطار إسباني" مميز على السكة الحديدية في منطقة البدرشين ضواحي محافظة الجيزة.
ومجددًا بدأت الأنباء والصور الأولى تنتشر عبر منصات التواصل الاجتماعي، وتشير تقديرات المواطنين لوجود عدد كبير من المصابين، ويلتقط المحيطون مقاطع فيديو للقطار المنقلب، بينما تكتفي وسائل الإعلام المصرية، بإذاعة نبأ عاجل عن انقلاب القطار، مذيلا بعبارة "نوافيكم بالمستجدات" في انتظار خروج البيانات الرسمية من وزارتي النقل والصحة ومحافظة الجيزة.

المساهمون