17 عاماً على تسريبات "ويكيليكس"... أين وصلت قضية أسانج؟

04 أكتوبر 2023
+ الخط -

يصادف الرابع من أكتوبر/ تشرين الأول ذكرى مرور 17 عاماً على إطلاق الصحافي والناشط الأسترالي، جوليان أسانج، موقع ويكيليكس، الذي هزّت تسريباته العالم وأدخل مؤسِّسه في دوامة قانونية وسياسية.

وبسبب تسريبات "ويكيليكس"، يواجه أسانج حكماً بالسجن لمدة 175 عاماً إذا ما سُلّم إلى الولايات المتحدة. وأسانج محتجز في سجن بيلمارش في لندن منذ طرده من سفارة الإكوادور عام 2019، حيث لجأ لمدة سبع سنوات لتجنب تسليمه إلى السويد بتهمة ارتكاب جرائم جنسية.

وتضغط الولايات المتحدة لتسليمها أسانج، حيث ستحاكمه بـ 17 تهمة تجسس وتهمة اختراق أجهزة الكمبيوتر إثر نشر وثائق عسكرية سرية في 2010.

فإلى أين وصلت قضية جوليان أسانج بعد 17 سنة من تأسيس "ويكيليكس"؟ 

تذكير بأبرز محطات قضية جوليان أسانج و"ويكيليكس"

  • 2006: جوليان أسانج يؤسس موقع ويكيليكس
  • 2010: "ويكيليكس" يثير غضب الولايات المتحدة بعد نشر كميات كبيرة من الوثائق السرية. في السنة نفسها أُلقي القبض على أسانج في المملكة المتحدة بتهمة الاغتصاب في السويد، وهي مزاعم ينفيها
  • 2011: أمرت المحكمة بتسليمه إلى السويد، فيما باءت محاولات الاستئناف بالفشل.
  • 2012: لجأ أسانج إلى سفارة الإكوادور في لندن.
  • إبريل/نيسان 2019: ألغت الإكوادور لجوءه وطردته بسبب ما وصفته بسلوكه "الشقي المدلل". إثر ذلك أُلقي القبض عليه في السفارة.
  • يونيو/حزيران 2019: الولايات المتحدة تطلب تسليمه لمواجهة تهم التجسس.
  • 2021: قاضٍ في لندن يقرّر عدم تسليم أسانج بسبب مخاوف تتعلق بصحته النفسية.
  • 2022: ألغت محكمة عليا هذا القرار وأمرت بتسليمه إلى الولايات المتحدة.
  • 2023: المحكمة العليا في المملكة المتحدة ترفض استئنافه، لتعلن زوجته أنه سيستأنف مرة أخرى.

أستراليا... بلد أسانج يناضل من أجل حريته

اجتمع الشهر الماضي تحالف من البرلمانيين الأستراليين، البلد الأم لأسانج، في واشنطن للضغط على صُنّاع القرار الأميركيين لإسقاط الملاحقة القانونية لجوليان أسانج ومنحه حريته بحلول عيد الميلاد.

وزار الوفد حينها واشنطن للقاء أعضاء من الكونغرس الجمهوريين والديموقراطيين وممثلين عن وزارة العدل الأميركية. 

وفي وقت سابق من هذا العام قال رئيس الوزراء الأسترالي، أنتوني ألبانيز، لشبكة إيه بي سي الأسترالية إنه يشعر بالإحباط لعدم التوصل إلى حل دبلوماسي حتى الآن. كما صرّحت وزيرة الخارجية الأسترالية، بيني وونغ، خلال اجتماع أممي في نيويورك، بأن أستراليا أثارت قضية أسانج مع الولايات المتحدة مرات عدة، وقالت: "نعتقد أن هذا استمر لفترة طويلة جداً".

جوليان أسانج... تضامن سياسي داخلي وخارجي

كان ممثلون من الكونغرس الأميركي، سواء من الديمقراطيين أو الجمهوريين، قد دعوا الولايات المتحدة إلى إسقاط القضية.

وبالرغم من مشاكل الموقع مع الديمقراطيين، بسبب تسريب رسائل البريد الإلكتروني للحملة الديمقراطية المخترقة خلال السباق الانتخابي لعام 2016، كتبت مجموعة من الحزب إلى وزارة العدل في إبريل/ نيسان، رسالة تقول إن الملاحقة القضائية لأسانج قوّضت مصداقية الولايات المتحدة كمدافع عن حرية التعبير وحرية الصحافة.

ويواصل أسانج أيضاً تلقي التضامن من زعماء العالم، بما في ذلك الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، الذي ذكر القضية في كلمته الأخيرة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وقال دا سيلفا في كلمته: "لا يمكن معاقبة صحافي، مثل جوليان أسانج، لأنه يقدم معلومات للمجتمع بطريقة شفافة ومشروعة".

وبالإضافة إلى التضامن من الحقوقيين والناشطين حول العالم، تنظّم مجموعة صغيرة من المؤيدين احتجاجات منتظمة خارج مبنى وزارة العدل الأميركية في واشنطن.

الاتحاد الدولي للصحافيين يعبّر عن قلقه

في بيان نشره في إبريل الماضي، عبّر الاتحاد الدولي للصحافيين عن قلقه البالغ إزاء تأثير احتجاز أسانج المستمر على حرية الإعلام وحقوق جميع الصحافيين على مستوى العالم. ووصف الاتحاد ملاحقة الولايات المتحدة لأسانج بأنها "تتعارض مع حق عامة الناس في المعرفة، وتشكّل تهديداً خطيراً للمبادئ الأساسية للديمقراطية، التي أصبحت هشّة على نحو متزايد في جميع أنحاء العالم".

وأكّد على أن تسليمه سيكون له تأثير مروع، إذ "تشكل هذه القضية سابقة خطيرة حيث يمكن الآن استهداف العاملين في وسائل الإعلام، في أي بلد، من قبل الحكومات، في أي مكان في العالم، للمساءلة عن نشر معلومات للصالح العام"، يقول الاتحاد.  

وجرى تخفيف الحكم الصادر بحق تشيلسي مانينغ، التي تعاونت مع أسانج لنشر المواد المثيرة للجدل، من قبل الرئيس باراك أوباما. ولم يُلاحق أيٌّ من شركاء "ويكيليكس" الإعلاميين في أي إجراء قانوني للحكومة الأميركية بسبب تعاونهم مع أسانج. لذا يرى الاتحاد أنه لا يوجد معيار قانوني لتسليم أسانج وتوجيه التهم إليه. 

ودعا الاتحاد الدولي للصحافيين حكومة الولايات المتحدة إلى إسقاط جميع التهم الموجهة ضد جوليان أسانج والسماح له بالعودة إلى منزله ليكون مع زوجته وأطفاله. كما دعا الاتحاد جميع النقابات الإعلامية ومنظمات حرية الصحافة والصحافيين إلى حث الحكومات على العمل بنشاط لضمان إطلاق سراح أسانج. 

الولايات المتحدة مصرّة على معاقبة أسانج

لم تتأثر حكومة الولايات المتحدة بشكاوى ودعوات أستراليا. في يوليو/تموز قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إن أستراليا بحاجة إلى فهم "الحساسيات" الأميركية بشأن هذه القضية. وقال بلينكن حينها "إن الأفعال التي يُزعم أنه ارتكبها تهدد بإلحاق ضرر جسيم بأمننا القومي، ولصالح خصومنا، وتعرّض المصادر البشرية المذكورة لخطر جسيم".

لكن ناشطين ودولاً ومؤسسات حول العالم تخالف الولايات المتحدة الرأي. حصل "ويكيليكس" على جائزة ووكلي للمساهمة الأكثر تميزاً في الصحافة عام 2011، وهي جائزة سنوية لمكافأة التميز في الصحافة الأسترالية، تقديراً لتأثير "ويكيليكس" على صحافة المصلحة العامة، من خلال مساعدة المبلغين عن المخالفات، على رواية قصصهم.

وبعد "ويكيليكس"، استُخدم المبلغون عن المخالفات من قبل وسائل الإعلام الأخرى لفضح مخططات وقصص عدة. وتتواصل المحاولات والنداءات من حول العالم من أجل جعل الولايات المتحدة تعدل عن قرارها وتحرّر أسانج، فيما قدّم هذا الأخير طعوناً عدة، بما في ذلك أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

المساهمون