هل تنجو انتخابات العام المقبل من التضليل؟

هل تنجو انتخابات العام المقبل من التضليل؟

17 سبتمبر 2023
شركات التكنولوجيا مطالبة بتعزيز الإشراف بلغات غير الإنكليزية (توم ويليامز/Getty)
+ الخط -

حذّر خبراء من أن الشركات المالكة منصات التواصل الاجتماعي غير مستعدة للتصدّي للأخبار الزائفة خلال الانتخابات المرتقبة حول العالم العام المقبل، وذلك بسبب ما وصفوه بالحواجز اللغوية.

ودعا التحالف العالمي من أجل العدالة التقنية (Global Coalition for Tech Justice)، وهو حركة لقادة المجتمع المدني والناجين من أضرار التكنولوجيا، عمالقة القطاع، بما في ذلك "غوغل" و"تيك توك" و"ميتا" و"إكس" (تويتر سابقاً) إلى التأكد من جهوزية منصاتها لحماية الديمقراطية والسلامة أثناء عمليات الاقتراع عام 2024.

خلال العام المقبل، من المقرر أن يدلي مليارا شخص بأصواتهم في أكثر من 50 عملية انتخابية، بما في ذلك في الولايات المتحدة والهند والاتحاد الأوروبي.

في يوليو/ تموز الماضي، طلب هذا التحالف من شركات "غوغل" و"ميتا" و"إكس" و"تيك توك" وضع خطط محددة الموارد، على الصعيدين العالمي والوطني، لحماية الحريات والحقوق وسلامة المستخدمين خلال انتخابات 2024. ولم تستجب شركات التواصل الاجتماعي لطلب مشاركة خططها.

وسعى التحالف للحصول على تفاصيل حول عدد الموظفين والمتعاقدين المخصصين لتولي كل لغة ولهجة، لضمان وجود خبرة لازمة ضمن السياق الوطني والإقليمي للإشراف على المحتوى. وحذر الخبراء من أنه إذا لم يكن لدى المنصات خطط عمل انتخابية راسخة، فقد يؤدي ذلك إلى المخاطرة بنزاهة الانتخابات وسلامة المواطنين.

وقالت كاترشينا شيميالوفيتش، رئيسة مؤسسة بانوبتيكون (Panoptykon) البولندية غير الحكومية التي تعنى بتتبع تكنولوجيا المراقبة، إن شركات التكنولوجيا الكبرى يمكنها أن تفعل المزيد لضمان مراقبة المحتوى عبر اللغات المتعددة. وأضافت شيميالوفيتش: "على عمالقة التكنولوجيا أن تواجه تحدياً كبيراً، يتمثل في فرض إشراف فعّال على المحتوى، ضمن السياقات الثقافة المختلفة. كلما ابتعدنا عن اللغة الإنكليزية، كلما أصبح الوضع أكثر تعقيداً"، وفقاً لما نقلته صحيفة ذا غارديان البريطانية أول من أمس الجمعة.

وأشارت إلى أن "الإشراف على المحتوى المدعوم، أو المحتوى العضوي للقضاء على العنف السياسي، والمحتوى الكاره النساء، وأنواع مختلفة من الإساءات، ليست واضحة تماماً عند النظر فقط إلى اللغة... يجب على المنصات بذل جهد أكبر لمعالجة هذا الأمر، والاستثمار بشكل أكبر في البشر الذين يستطيعون الإشراف على المحتوى بشكل أكثر فعالية".

ورأت أن منصات التكنولوجيا الكبرى يجب أن تعمل على الحد من تضخيم المعلومات المضللة والكراهية، من خلال جعل أنظمتها آمنة التصميم بشكل تلقائي، وليس فقط خلال فترات الانتخابات. ويتضمن ذلك تدابير لقمع الوصول الخوارزمي، ورؤية المعلومات المضللة، والمحتوى والمجموعات والحسابات التي تنشر الكراهية.

شهدت جنوب أفريقيا أعمال عنف ناجمة عن كراهية الأجانب على وسائل التواصل الاجتماعي تستهدف المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء. وفي الهند التي شهدت موجة جديدة من العنف ضد المسلمين، ادعى التحالف أن شركة ميتا انتهكت قواعدها الخاصة بشأن خطاب الكراهية الذي يروج له حزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي الحاكم.

وقال راتيك أسوكان، عضو منظمة الشتات الهندية الدولية للمراقبة المدنية وعضو التحالف: "لم تقترب ميتا حتى من مراقبة منصاتها في الهند، بسبب نقص المشرفين على المحتوى، وبسبب علاقاتها مع حزب بهاراتيا جاناتا". وأضاف أسوكان: "ليس لدى حزب بهاراتيا جاناتا أي حافز للقضاء على خطاب الكراهية، لأنه جزء من سياساته، فهو يساهم في نجاحه في الانتخابات. الأشخاص الوحيدون الذين يمكننا أن نناشدهم يغضون الطرف عن ذلك. تتحدث ميتا لغة حقوق الإنسان، لكنها تعمل كحليف لليمين الهندوسي المتطرف".

تضيف حواجز اللغة طبقة من التعقيد إلى إدارة المحتوى، خاصة في البيئات الثقافية المتنوعة. ومن الجدير بالذكر أن شركات وسائل التواصل الاجتماعي فضلت منذ فترة طويلة المحتوى باللغة الإنكليزية في التصفية الآلية، وأهملت الإشراف على المحتوى في آلاف اللغات الأخرى. وربما لعب هذا الاختلال في التوازن دوراً في تفاقم حالات العنف الشديدة، بما في ذلك الإبادة الجماعية في ميانمار، وهجوم 6 يناير/ كانون الثاني في البرازيل.

وكانت تسريبات عام 2021 قد سلطت الضوء على القصور اللغوي، وتحديداً في "فيسبوك" المملوك لـ"ميتا". وأفادت "واشنطن بوست" و"رويترز" و"أسوشييتد برس" حينها بأن "فيسبوك" كافحت لضبط المحتوى الذي يغذي خطاب الكراهية والعنف في البلدان النامية، وبينها الهند. وجزء من المشكلة هو أن "فيسبوك" لم توظف عدداً كافياً من المشرفين على المحتوى الذين يمتلكون المهارات اللغوية المناسبة والسياق الثقافي.

وأشارت "أسوشييتد برس" إلى انتهاكات "فيسبوك" في الدول العربية، وتحديداً حذف حسابات عشرات الصحافيين والناشطين الفلسطينيين، واختفاء أرشيف الحرب السورية، علماً أن العربية هي ثالث اللغات الأكثر شيوعاً على "فيسبوك".

وكتب ساميد شاكرابارتي الذي كان مسؤولاً عن قسم النزاهة المدنية في "فيسبوك"، في مذكرة داخلية عام 2019 اطلعت عليها صحيفة واشنطن بوست": الحقيقة المؤلمة أننا ببساطة لا نستطيع تغطية العالم بأسره بمستوى الدعم نفسه".

المساهمون