مهرجان الفيلم الفلسطيني في لندن: أعمال تعرض الصمود والأمل بالتغيير

مهرجان الفيلم الفلسطيني في لندن: أعمال تعرض الصمود والأمل بالتغيير

19 نوفمبر 2022
يعرض المهرجان أفلاماً مرممة لجوسلين صعب (ربيع مغربي/فرانس برس)
+ الخط -
يستمرّ مهرجان الفيلم الفلسطيني في لندن، للأسبوع الثاني، بتقديم أفلام تروي بسلاسةٍ الأجواء اليومية التي يعيشها الشعب الفلسطيني سواء في أرضه أو في بلاد مجاورة لها، علماً أن الافتتاحية، السبت الماضي، نجحت في استقطاب 270 شخصاً.
وتقول منسقة مهرجان الفيلم الفلسطيني في لندن، أتيكا، لـ"العربي الجديد"، إن أفلام السبعينيات يقبل عليها الناس بحماس، مثل "المخدوعون" (توفيق صالح، 1972) الذي حقق حضوراً واسعاً، رغم أنّ نوعيته وجودته بعيدتان للغاية عمّا تعرضه سينما اليوم. وتضيف أن المهرجان يعرض أفلاما جديدة وقديمة، تصفها بـ"الجواهر"، أنتجها وأخرجها مبدعون.
تتمحور أفلام الأسبوع الثاني من المهرجان حول الأمل بالتغيير والثورة والصمود، ويخصّص يوم الثلاثاء لاستعادة أفلام المخرجة اللبنانية جوسلين صعب (1948 – 2019). تقول الباحثة ومديرة مشروع الترميم، ماتيلد روكسيل، لـ"العربي الجديد": "عثرت على أعمال جوسلين صعب في مجلات من السبعينيات، لكن لم يكن ممكناً الوصول إلى أفلامها". وتوضح أنّها التقت بالمخرجة اللبنانية خلال فترة دراستها الأفلام في بيروت، وبدأت العمل مساعدة لها لمدة 6 سنوات، أي حتى يوم رحيلها. وخلال الحديث، تعبّر روكسيل عن صدمتها عندما لاحظت أنّ معظم مَن تعاملت معهم في بيروت لا يعرفون أي شيء عن أعمال صعب، رغم أنّها أخرجت أكثر من 40 فيلماً.
وتضيف أنّ جوسلين صعب طلبت منها قبل رحيلها العمل على توزيع أفلامها، فأنشأت جمعية/ شراكة مع نجلها، لكن كان الأمر صعباً عليه، أولاً لأنه لم يكن يعمل في مجال الأفلام، وثانياً من الناحية العاطفية. لذلك، اهتمّت روكسيل بترميم أفلام صعب والمحافظة عليها حيّة. وتقول: "لم يكن الأمر سهلاً، لأن أحداً لم يرِد العمل معنا، رغم أن أفلامها عرضت على التلفزيون الفرنسي وموجودة في الأرشيف الفرنسي".
لم تستسلم روكسيل رغم صعوبة مهمتها، وأعادت ترميم أفلام صعب في لبنان ولو بطرق مختلفة. ويأتي تصميمها من منطلق أهمية أعمال صعب في نظرها، فهي ترى أنّها شهادة للتاريخ تنبغي كتابتها، وهي شهادة أيضاً على كيفية الانخراط في قضايا مختلفة حتى لو لم نحمل هويتها، مثل ضلوع صعب في القضية الفلسطينية والصحراء الغربية، فضلاً عن الحوار بين جهات ومسائل مختلفة.
ومن المقرّر عرض 3 أفلام لصعب في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني، وهي: "نساء فلسطينيات"، و"رسالة من بيروت"، و"سفينة المنفى" الذي يقدم مقابلة نادرة مع زعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، بعد خروجه من مخبئه في بيروت وتوجّهه إلى اليونان وتونس من أجل حياة جديدة في المنفى. وتتبع هذه الأفلام جلسة نقاش مع روكسيل.
ويُعرض مساء اليوم السبت الفيلم الوثائقي "بيروت في عين العاصفة" للمخرجة الفلسطينية مي المصري الذي يتناول دور المرأة في الإبداع والتغيير. وكعادتها، تقدّم المخرجة آراء النساء وصوتهنّ من خلال توثيق أربع فنّانات شابات في بيروت لانتفاضة عام 2019، ثمّ تبيّن كيف أخمدت جائحة كورونا وبعدها الانفجار الهائل الذي دمّر مرفأ بيروت حماسهن. ويبقى السؤال حول قدرتهن على الانتفاض من جديد والتشبث بحلمهن ببناء لبنان الجديد.
وفي اليوم التالي يقدّم المهرجان فيلم "أوروبوروس" للمخرجة بسمة الشريف الذي يروي قصّة دييغو ماركن، رجل منكسر القلب، يهيم في رحلة في صميم الحالة البشرية. وتبدأ الرحلة بزيارة الى أرض أميركا الأصلية، لتنتهي في أطلال قطاع غزة. هذا العمل التجريبي للسينما هو تكريم لقطاع غزة ودعوة إلى الأمل.
أمّا الإثنين، فيستعيد المشاهدون مأساة أطفال غزة الذين قضوا في العدوان الإسرائيلي الأخير مع فيلم "أحد عشر يوماً في مايو"، وهو إخراج مشترك للفلسطيني محمد الصواف والبريطاني مايكل وينتربوتوم. يوثّق الفيلم قصص هؤلاء الضحايا الأطفال من خلال الأرشيف والشهادة الشخصية. ويتبع هذا العرض حديث مباشر مع وينتربوتوم.
وفي اليومين الأخيرين للمهرجان نشاهد فيلم "صارورة" للمخرج الإيطالي نيكولا زامبيلّي الذي يوثّق تجربة النضال الشعبي التي انطلقت من كهوف "صارورة". ونشاهد على أبواب صحراء النقب مجموعة من الشبان الفلسطينيين الذين يقاتلون ضد الاحتلال الإسرائيلي. وهم يحاولون استرجاع أرض عائلاتهم وعموم الأراضي التي سُرقت بقرارات من سلطات الاحتلال، أو استولى عليها المستوطنون بحماية الجيش عنوة، بيد أنّهم يواجهون العنف باللاعنف، ويقاومون الدمار والموت بكاميرات الفيديو الخاصة بهم وبالأمل والحياة.
ويُختم المهرجان الخميس المقبل، مع فيلم "لماذا المقاومة؟" للمخرج اللبناني كريستيان غازي، وهو وثائقي أنتج باللغة الإنكليزية، ويدعو إلى الانفتاح والعدالة والحق في تقرير المصير، ونضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال والصهيونية والإمبريالية. يصوّر الفيلم لقاءات مع شخصيات عدّة تمثل الفصائل الفلسطينية الفاعلة على الساحة الفلسطينية في ستينيات ومطلع سبعينيات القرن الماضي، أبرزها غسان كنفاني وصادق جلال العظم ونبيل شعث وغيرهم. تصف هذه الشهادات العديد من الإضرابات والاحتجاجات الشعبية التي حدثت في فلسطين في ظل الاحتلال العثماني والاستعمار البريطاني ثمّ استيطان الدولة اليهودية عام 1948. وهي تعدّد أهداف النضال وتؤكد على ضرورة قيام دولة حرة وديمقراطية.

المساهمون