متحف بحري مصغّر في مهرجان كتارا للمحامل التقليدية

متحف بحري مصغّر في مهرجان كتارا للمحامل التقليدية

18 ديسمبر 2021
نشاهد في المعرض حرفيين يُنجزون أعمالاً يدوية (العربي الجديد)
+ الخط -

ضمن فعاليات الدورة الحادية عشرة لمهرجان "كتارا للمحامل التقليدية"، خصّصت وزارة الثقافة القطرية جناحاً باسم "إدارة التراث". يمثّل هذا الجناح متحفاً مصغّراً، يُعرّف الزائرين بمختلف جوانب التراث البحري القطري، ويأخذهم في رحلة إلى عالم الغوص والبحث عن اللؤلؤ.

يعرض الجناح أدوات "الطواشة"، وأنواعاً من اللؤلؤ، إلى جانب صور لأهم أنواع السفن التقليدية المصنوعة من الخشب، مثل "السنبوك" و"حصاية" و"البقارة" و"البتيل" و"البوم" و"البانوش".

يقول المشرف على الجناح، الباحث في التراث الخليجي صالح غريب، في حديث مع "العربي الجديد"، إن الجناح يقدم شكلين للتراث: الأول يعرض الأدوات التقليدية التي استخدمها الأقدمون في رحلات الغوص للبحث عن اللؤلؤ، وكذلك في صيد الأسماك. والشكل الثاني هو الحرفيون الذين يمارسون المهن ذات العلاقة بالبحر، مثل "القلاف" (صانع السفن)، إلى جانب صانع شباك الصيد المعروفة بـ "القراقير"، وصانع الجبس لأغراض الرحلات البحرية وغيرها، موضحاً أن الأدوات المعروضة تتناول علاقة أهل قطر بالبحر، سواء عبر مجسم لرسو السفن، والأدوات التي يستخدمها "القلاف" لصناعة السفن، و"البشتخته"، أي صندوق يصنع من الخشب يستخدمه "النوخذة" (قائد السفينة)، ليضع داخلها اللؤلؤ، و"البروة"، وهي وثائق تثبت الديون إن وجدت، والأوراق المهمة لرحلة الغوص.

كذلك يتعرف الزائر إلى الألعاب الشعبية القطرية التي كان الطفل يمارسها في زمن الغوص، مثل "التيلة"، وهي عبارة عن كرات زجاجية صغيرة، إذ يحفر الأطفال حفراً صغيرة في الأرض، ويحاول كل لاعب رمي الكرة في الحفرة، أو ضرب كرة أخرى قريبة من الحفرة وإسقاطها فيها. كذلك، نتعرف إلى "القيس"، إذ يرسم الأطفال مربعات على الأرض بالحصى، ويضعون رقماً على كل مربع. ومن ثم يرمي أحد اللاعبين حصاة لتصل إلى مربع، وبعدها، يقفز برجل واحدة للوصول إلى هذا المربع، مع الحفاظ على التوازن في أثناء القفز. وهناك أيضاً لعبة "الصبة"، إذ يُرسم على الأرض الرملية مربع مقسَّم إلى أربع مربعات، ويجمع كل طفل ثلاث حبات حصى توضع في أماكن مختلفة في المربع المرسوم، وتبدأ اللعبة. يحاول كل طفل تكوين خط مستقيم على الرسم، ويفوز من يفعل ذلك أولاً. نتعرف أيضاً إلى لعبة "الكشاطي" التي تكسب المعارف المرتبطة بصناعة السفن، ولعبة "الكلينة والماطوع"، وهي عبارة عن قطعة خشبية صغيرة تسمى "الكلينة"، ومضرب طويل يعرف بـ"الماطوع".

ومن الأدوات المعروضة في الجناح الحجر الذي ينزله الغواص إلى البحر، وهو بأحجام مختلفة. إلى جانب صور لأدوات الصيد والسفن، وصورة فلق المحار، وهي أقدم صورة لمرحلة الغوص قبل أن يتوقف بعد اختراع اليابان زراعة اللؤلؤ وتسويقه بأسعار رخيصة عام 1920، وبدء التنقيب عن النفط في قطر مطلع أربعينيات القرن الماضي.

ويعرض الجناح كتباً صادرة عن إدارة التراث والهوية، مثل مجلة المأثورات الشعبية، وكتاب الألعاب الشعبية في قطر، وكتاب فن الفجري، وموسوعة قطر البحرية، وغيرها. وتوزع في الجناح كتيبات تعريفية باللغتين، العربية والإنكليزية، تتناول العمارة التقليدية والألعاب الشعبية وفنون صياغة الذهب والأزياء الشعبية النسائية في قطر، وذلك حتى يتعرف الزائر إلى هذه الجوانب من التراث القطري.

ويضيف غريب لـ"العربي الجديد" أن الجناح يعرض أيضاً أقدم كتاب يتناول اللؤلؤ. عمل أمر بطبعه سعيد المدفع من إمارة الشارقة، وهذا كتاب يشرح أوزان اللآلئ وأحجامها وأسماءها، ويحدد سعر كل لؤلؤة ووزنها، وكان "النوخذة" و"الطواش" يعتبرونه مرجعاً خلال تعاملهم.

ويؤكد غريب أن أغلب الآباء والأمهات الذين رافقوا أبناءهم خلال زيارة الجناح، لديهم ذاكرة شعبية قوية في العديد من الجوانب التراثية، ويعرفون أدوات الصيد والغوص، وحتى الألعاب الشعبية القديمة التي هجرها الجيل الحالي جراء التقدم التكنولوجي وتطور وسائل الاتصال، بل ويحرص بعضهم على تعليم الأبناء هذه الألعاب اليوم، في عودة للتراث، لافتاً إلى أن مهرجان المحامل التقليدية خلق ثقافة عند المواطن القطري بضرورة الاهتمام بتراثه وهويته الوطنية، وتزامن المهرجان مع احتفالات البلاد في اليوم الوطني (18 ديسمبر) تحت شعار "مرابع الأجداد أمانة"، ما يؤكد التوجه نحو الاهتمام بالهوية والتراث الوطني.

المساهمون