كيف يستخدم الاحتلال الذكاء الاصطناعي لصالحه؟

كيف يستخدم الاحتلال الذكاء الاصطناعي لصالحه؟

19 يناير 2024
يواصل الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على غزة منذ السابع من أكتوبر (Getty)
+ الخط -

 

بينما يواصل الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة للشهر الرابع، ترتفع أكثر فأكثر الأصوات المطالبة بمحاسبة الجيش الإسرائيلي على جرائمه. وأمام هذا التراجع في تأييد العدوان حول العالم، عمدت إسرائيل بهدوء إلى شراء أدوات ذكاء اصطناعي للتأثير على الرأي العام في الفضاء الافتراضي وفرض سرديتها، ومحاربة الصوت الفلسطيني وذاك المؤيد لفلسطين، مع مخاوف من إساءة استخدام هذه الأدوات سياسياً في المستقبل.

ونقلت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن "مصادر مطلعة عدة" قولها إن إسرائيل ردت على "خسارتها الواضحة" في ساحة المعركة الرقمية من خلال قيامها بأول عملية شراء على الإطلاق لجهاز تكنولوجي. وهو نظام قادر على إجراء حملات تأثير جماعية عبر الإنترنت. ووفقاً للصحيفة: "تمت عملية شراء هذه التكنولوجيا كجزء من محاولة أوسع من قبل الهيئات الإسرائيلية، المدنية والعسكرية على حد سواء، لمعالجة ما وصفته المصادر بفشل الدبلوماسية العامة الإسرائيلية"، في أعقاب طوفان الأقصى والعدوان الإسرائيلي على غزة.

آلة الحرب النفسية

أدرك الجيش والاستخبارات في إسرائيل، بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/ تشرين الأول، أن دولة الاحتلال تخسر المعركة على الإنترنت أمام ما تسميه "آلة الحرب النفسية والمعلوماتية المجهزة جيداً" التابعة لحركة حماس. ذكر التقرير أن "الساعة الأولى من الحرب كشفت عن مدى عدم استعداد مؤسسة الدفاع الإسرائيلية للتعامل مع منصات التواصل الاجتماعي، مثل إنستغرام وتيك توك، وحتى تطبيقات المراسلة مثل تليغرام".

ويهدف النظام إلى مواجهة المحتوى المناهض لإسرائيل على الإنترنت، بما في ذلك "المنشورات المناهضة لإسرائيل التي تعبر عن الدعم السياسي للفلسطينيين وتعارض سلوك إسرائيل". وأضاف التقرير أن بعض الإسرائيليين حاولوا عرض قضية إسرائيل على الإنترنت، بالإضافة إلى الإبلاغ عن المنشورات التي قالوا إنها تنتهك قواعد مختلف المنصات على مواقع التواصل.

جاء ذلك ضمن خطة أكبر، تنضوي كلها تحت لواء "منتدى الهسبراه" الذي يضم وكالات ومكاتب ووزارات حكومية، بالإضافة إلى هيئات عسكرية ودفاعية واستخباراتية، بما في ذلك جيش الاحتلال الإسرائيلي وأجهزة الأمن والشاباك ومجلس الأمن القومي، إلى جانب شركات التكنولوجيا والمبادرات التطوعية المدنية وحتى المنظمات اليهودية، التي تجتمع أسبوعياً.

ما هي الهسبراه؟

تُترجم الكلمة العبرية (الهسبراه) تقريباً إلى "شرح" باللغة العربية، وقد انتشرت في أوائل القرن العشرين على يد الناشط والصحافي الصهيوني البولندي ناحوم سوكولو. وتقوم بشكل أساسي على ركائز هي نفسها التي تقوم عليها أشكال الدعاية الحديثة، أي أنها تأخذ شكل مقاطع فيديو، ورسوم بيانية، ومنشورات، ووسوم على وسائل التواصل الاجتماعي، التي تنشرها كلها وتروّج لها السلطات الإسرائيلية.

وفي ظل الهجمات العسكرية الإسرائيلية السابقة والحالية على غزة ونتائجها الوحشية على القطاع وعلى سكّانه المدنيين، تعمل "الهسبراه" بشكل أساسي على تبرير ذلك. كما أنها تعمل بشكل منظّم على لوم المقاومة على عمليات القتل الكبيرة للمدنيين الفلسطينيين، سواء من خلال ادعاء إطلاق صواريخ من مناطق سكنية أو تحصّن المقاومين داخل مستشفيات أو مدارس... وهو ما تكرّر كثيراً خلال العدوان الحالي المتواصل، فقصف الاحتلال مسشفيات ودمّرها واقتحم مجمّع الشفاء الطبي، وقصف مدارس.

رسم خرائط الجماهير عبر الإنترنت

وفقاً للصحيفة الإسرائيلية، اشترت إسرائيل "عدداً من الأدوات والبرامج المدنية التي جرى تطويرها للحملات التجارية والسياسية". وتضمنت هذه الأدوات "نظاماً لرسم خرائط للجماهير عبر الإنترنت، قادراً على إنشاء مواقع الويب تلقائياً، من بين أمور أخرى، بالإضافة إلى محتوى مخصص لجماهير محددة، ونظاماً لمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات المراسلة وغيرها". وبحسب صحيفة هآرتس، فإن "الحملة الأولى التي أنشأها النظام باتت تعمل بالفعل عبر الإنترنت".

إسرائيل تفقد المصداقية

أثارت حملة الإبادة الجماعية في غزة غضباً عارماً في جميع أنحاء العالم. وتسّببت في تآكل ثقة الاحتلال داخلياً وخارجياً. وداخلياً يفقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مصداقيته بين الإسرائيليين، وفقاً لما تؤكده استطلاعات الرأي العام المختلفة، بل وتفقد المؤسسة السياسية الإسرائيلية بأكملها ثقة المواطنين الإسرائيليين العاديين.

وكتب محررا "بالستاين كرونيكل"، رمزي بارود ورومانا روبيو، في مقال نشره الموقع: "في الواقع، تفقد إسرائيل كل يوم مصداقيتها لدرجة أن الأكاذيب الإسرائيلية الأولية عما حدث في 7 أكتوبر/ تشرين الأول، أثبتت في النهاية أنها كارثية على صورة إسرائيل ومصداقيتها بشكل عام على المسرح الدولي".

المساهمون