"غوغل"... تكنولوجيا في خدمة الأبارتهايد الإسرائيلي

"غوغل"... تكنولوجيا في خدمة الأبارتهايد الإسرائيلي

09 مارس 2024
خلال احتجاج لموظفي "غوغل" على تعاونها مع إسرائيل في ديسمبر (طيفون كاسكون/ الأناضول)
+ الخط -

خلال خطاب للمدير الإداري في الفرع الإسرائيلي لشركة غوغل الاثنين الماضي، في مدينة نيويورك الأميركية، احتج زميل له قائلاً: "أرفض إنتاج تكنولوجيا من شأنها تمكين الإبادة الجماعية والفصل العنصري".

وأعلنت "غوغل"، أمس الجمعة، طرد المهندس المحتج، مشيرة في بيان إلى أنه "بغض النظر عن المشكلة، فإن هذا السلوك غير مقبول وأُنهيت خدمة الموظف لانتهاكه سياساتنا".

وقع الحادث خلال فعاليات "مايند ذا تِك" Mind the Tech، وهو مؤتمر إسرائيلي سنوي للتكنولوجيا في نيويورك، خلال عرض قدمه المدير الإداري لشركة غوغل في إسرائيل باراك ريغيف.

وكان المهندس يحتج على مشروع "نيمبس"، وهو عقد حكومي إسرائيلي قيمته 1.2 مليار دولار للوصول إلى الخدمات السحابية من "غوغل" و"أمازون". وقال: "مشروع نيمبس يعرض أفراد المجتمع الفلسطيني للخطر... لا للفصل العنصري السحابي"، قبل إخراجه من المكان بعد مدة وجيزة.

في الأسابيع الأخيرة، وقع أكثر من 600 موظف في شركة غوغل على رسالة موجهة إلى المسؤولين فيها، يطالبونها بالتخلي عن رعايتها مؤتمر "مايند ذا تِك" السنوي الذي يروج لصناعة التكنولوجيا الإسرائيلية.

"لا تكنولوجيا للأبارتهايد"

أصدرت حملة "لا تكنولوجيا للأبارتهايد" بياناً مساء أمس الجمعة، تعليقاً على "الانتقام" من الموظف المحتج، جاء فيه: "لقد انخرطت شركة غوغل في عمل انتقامي واضح ضد الموظفين لديها بسبب تحدثهم علناً عن شروط وأحكام عملهم. هذه أول عملية طرد فوري لموظف بعد تصرف علني وشجاع... وهذا هو الموظف الثاني المرتبط بالحملة الذي تنتقم منه غوغل، والأخير في سلسلة من الحالات التي انتقمت فيها غوغل من الموظفين بسبب تحدثهم عن سوء الممارسة الأخلاقية للشركة".

وأضافت: "تحاول الشركة إسكات الموظفين للتغطية على فشلها أخلاقياً. تعمل غوغل على تمكين أول إبادة جماعية في العالم مدعومة بالذكاء الاصطناعي من خلال مشروع نيمبس. من خلال هذا العقد، تساعد غوغل وأمازون وتحرضان دولة الفصل العنصري الإسرائيلية على حملة الإبادة الجماعية في غزة ضد الفلسطينيين. فبدلاً من تنظيف نفسها، وإسقاط عقدها مع نظام إبادة جماعية، تقمع موظفيها".

وأشارت الحملة، في بيانها، إلى أن الموظف سئل من قسم الموارد البشرية عن شعوره إزاء القرار الذي اتخذته "غوغل" بحقه، فأجاب: "فخور بفصلي من العمل لرفضي التواطؤ في الإبادة الجماعية".

لكن طرد هذا الموظف الذي احتج على تمكين الإبادة الجماعية والفصل العنصري، وتجاهل مخاوف المئات غيره، ليسا فقط ما أقدمت عليها شركة التكنولوجيا الأميركية دعماً للاحتلال الإسرائيلي. كيف تدعم "غوغل" الاحتلال الإسرائيلي منذ ما قبل حرب الإبادة التي يشنها على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي؟

مشروع "نيمبس"

مشروع "نيمبس" هو عقد وقع عام 2021، قيمته 1.2 مليار دولار، لتوفير خدمات سحابية إلكترونية للجيش والحكومة الإسرائيليين. وتسمح هذه التكنولوجيا بمزيد من المراقبة وجمع البيانات بشكل غير قانوني عن الفلسطينيين، وتسهل توسيع المستوطنات اليهودية غير القانونية على الأراضي الفلسطينية.

وُقّع هذا العقد في نفس الأسبوع الذي هاجمت فيه قوات الاحتلال الإسرائيلي فلسطينيين في قطاع غزة، ما أسفر عن استشهاد ما يقرب من 250 شخصاً، من بينهم أكثر من 60 طفلاً.

ذلك العام، نشر موظفون في "غوغل" و"أمازون" رسالة في صحيفة ذا غارديان البريطانية، عنوانها: "نحن موظفون في غوغل وأمازون. نحن ندين مشروع نيمبس".

وأكد الموظفون الذين لم يكشفوا عن هويتهم، "خوفاً من الانتقام"، أنه "لا يمكنهم دعم قرار شركتيهما بتزويد الجيش الإسرائيلي والحكومة الإسرائيلية بتكنولوجيا تستخدم لإيذاء الفلسطينيين". وأوضحوا: "نكتب بصفتنا موظفين في غوغل وأمازون لديهم ضمير ومن خلفيات متنوعة، نحن نؤمن بأن التكنولوجيا التي نطورها يجب أن تسخر لخدمة الناس في كل مكان والارتقاء بهم".

ودعا الموظفون شركتي غوغل وأمازن للانسحاب من مشروع نيمبس الإسرائيلي، وقطع جميع العلاقات مع الجيش الإسرائيلي، مؤكدين التزامهم أخلاقياً بالتحدث علنا ضد انتهاكات قيم العمل. وكشفوا أن التكنولوجيا التي تعاقدت الشركات على توفيرها لصالح إسرائيل ستجعل التمييز المنهجي والتهجير الذي يقوم به الجيش الإسرائيلي أكثر قسوة وفتكاً بالفلسطينيين.

تحيز "جيميني"

قبل عقد "غوغل" قمة بمناسبة يوم المرأة العالمي في "سيليكون فالي"، مقر عمالقة التكنولوجيا، الخميس، تحت عنوان "قوتها، صوتها"، عجّت لوحة رسائل موظفي "غوغل" بتعليقات حول تأثير العقود العسكرية للشركة مع إسرائيل وبرنامج المحادثة الآلي "جيميني" على النساء الفلسطينيات. حصلت بعض التعليقات على مئات من "التصويتات الإيجابية" من الموظفين، وفقاً للمراسلات الداخلية التي اطلعت عليها شبكة "سي إن بي سي". وأغلقت "غوغل" هذا المنتدى الرقمي، بسبب ما نشر عليه من "محتوى مثير للانقسام ومدمر لمكان عملنا"، وفق ما نقلت شبكة "سي إن بي سي" عن متحدث باسم الشركة.

سأل أحد الموظفين عن تحيز برنامج المحادثة الآلي "جيميني" الذي يستند إلى الذكاء الاصطناعي. على وجه التحديد، كتب الموظف أنه عندما سأل "جيميني": "هل تستحق النساء في غزة الحصول على حقوق الإنسان؟" لم يكن لدى هذا البرنامج الذي طورته "غوغل" أي استجابة، وقام بتوجيه المستخدم لتجربة البحث عبر محرك البحث الخاص بالشركة نفسها. ولكن عندما سأل الموظف السؤال نفسه عن النساء في فرنسا، أجاب "جيميني": "بالتأكيد"، متبوعة بعدة نقاط تدعم هذا التأكيد. عند تكرار البحث، تظهر النتيجة نفسها.

في أواخر الشهر الماضي، أوقفت شركة غوغل مؤقتًا أداة توليد الصور "جيميني" الخاصة بها، بعد أن قالت إنها تقدم "معلومات غير دقيقة" في الصور التاريخية، رداً على وابل من شكاوى المستخدمين.

وتساءل تعليق آخر حصل على تقييم عالٍ في المنتدى عن كيفية تكريم الشركة لمي عبيد، وهي شابة ومهندسة برمجيات سابقة في "غوغل" استشهدت بغارة جوية إسرائيلية في غزة مع عائلتها في أواخر العام الماضي. كان بعض الموظفين ومجموعات المناصرة قد اجتمعوا لتكريم عبيد في نيويورك في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وكتب أحد الموظفين: "بالنظر إلى جرائم الحرب الدولية المستمرة ضد النساء الفلسطينيات، كيف يمكننا استخدام موضوع 'قوتها، صوتها' لتسليط الضوء على نضالاتهن اليومية"؟ حصل التعليق على أكثر من 100 صوت مؤيد.

وقال آخر: "من الضروري أن نتساءل كيف يمكننا أن ندعم حقًا فكرة 'قوتها، صوتها' بينما نتجاهل في الوقت نفسه استغاثة النساء الفلسطينيات اللاتي حُرمن بشكل منهجي من حقوقهن الإنسانية الأساسية".

ومع تزايد عدد التعليقات، أغلقت "غوغل" المنتدى. لم يتناول المتحدث باسم "غوغل" أياً من التعليقات الفردية على المنتدى، لكنه قدم البيان التالي إلى "سي إن بي سي": "لقد سعدنا باستضافة فعالية للاحتفال باليوم العالمي للمرأة. لسوء الحظ، قبل الحدث، نشرت سلسلة من الأسئلة والتعليقات الخارجة عن الموضوع والمثيرة للانقسام في المنتديات الداخلية. يقوم فريق إرشادات المجتمع الداخلي لدينا بشكل روتيني بإزالة المحتوى المثير للخلاف والذي يدمر مكان عملنا، وهذا ما فعله هذه المرة".

المساهمون