حرب على الاتصالات في غزة: التعتيم أولاً

حرب على الاتصالات في غزة: التعتيم أولاً

03 نوفمبر 2023
غزيّون يشحنون هواتفهم في رفح (محمد عبد/ فرانس برس)
+ الخط -

الأربعاء الماضي، أبلغت شركة الاتصالات الفلسطينية بالتل عن "انقطاع كامل" آخر لخدمات التواصل والإنترنت، وذلك بعد أيام من قطع سلطات الاحتلال الإسرائيلي شبكة الإنترنت والاتصالات الهاتفية بالكامل لمدة 36 ساعة في غزة، ما أدّى إلى انقطاع خدمات الطوارئ عن السكان، فيما تابع الاحتلال القصف المتواصل في قطاع غزة طوال الليل، وفق ما جاء في بيان صادر عن منظمة سمكس التي تعمل على تعزيز الحقوق الرقمية في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا (مقرها بيروت).

إعلان "بالتل" لم يكن مفاجئاً، فبعد يومين من بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع، أي في 9 أكتوبر دمّر الطيران الحربي الإسرائيلي مقرّ الشركة و86 برجاً تابعاً لها في سلسلة غارات جويّة استهدفت حيّ الرمال وسط غزة. قيدّت هذه الغارات الوصول إلى شبكات الإنترنت والاتصالات، ما أدّى إلى توقّف بعض الخدمات بالكامل في بعض المناطق، وفقاً لـ"منصة كشف وتحليل انقطاع الإنترنت" (IODA). وأفاد وقتها أحد موظفي "بالتل" بأنّ الفِرق الفنية تواجه تحديات صعبة "بسبب القصف المتواصل والنقص في المعدات والمستلزمات". وأعلن مزوّدو خدمات الإنترنت اللاسلكي أنّهم "غير قادرين على الاستمرار في تقديم الخدمات بسبب قصف الخوادم".

البيان الذي نشرته "سمكس" فصّل واقع قطاع الاتصالات في القطاع، قبل وبعد العدوان. وشرحت المنظمة أنّ معظم خدمات الاتصالات في غزة التي لا تزال تعتمد على شبكات الجيل الثاني (2G)، تخضع إلى السيطرة المباشرة من قبل قوات الاحتلال.

وترتبط عمليات شركات الاتصالات والإنترنت في فلسطين بالبنية التحتية لشبكة الاتصالات المركزية في يافا وحيفا المحتلتَين عام 1948. ونظراً إلى عدم سيادة الفلسطينيين على شواطئ غزة، لا تملك الشركات الفلسطينية وصولاً مباشراً إلى الكابلات البحرية. يفسّر ذلك قدرة إسرائيل على حجب الإنترنت "بكبسة زرّ" عن "مليونَي شخص هم بحاجة ماسة إلى الاتصال بالإسعاف، والعثور على موارد غذائية، والفرار من المناطق الخطرة، وإعلام العالم بالفظائع التي ترتكبها إسرائيل" وفق ما تشرح "سمكس".

انقطاع الاتصالات عن القطاع لا يزال متواصلاً حتى الآن، إذ ينقطع الإنترنت والاتصال ويعود بشكل متواصل، هو جزء واضح من قطع غزة عن العالم، والتعتيم على جرائم الاحتلال، سواء من خلال قتل الصحافيين الفلسطينيين أو من خلال منع دخول الصحافيين الأجانب إلى القطاع.

فحتى فجر الجمعة، قتل الاحتلال الإسرائيلي 26 صحافياً غزياً، آخرهم الصحافي مجد فضل عرندس عضو نقابة الصحافيين إثر قصف قرب منزله في مخيم النصيرات، ومراسل تلفزيون فلسطين محمد أبو حطب وأفراد من عائلته بعد قصف استهدف منزل العائلة في خان يونس. كذلك استشهد 13 من العاملين في قطاع الإعلام من غير الصحافيين.

هذا التعتيم يقابله تأجيج إسرائيلي لخطاب الكراهية على مواقع التواصل الاجتماعي. فبعد عملية طوفان الأقصى والعدوان الإسرائيلي الوحشي على غزة، انتشر خطاب الكراهية، والمعلومات المضللة، والتحريض على العنف ضد الفلسطينيين على وسائل التواصل.

باستخدام مؤشَّر العنف الذي طوّره المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي (حملة)، وُثّقت أكثر من 590 ألف مشاركة باللغة العبرية تحتوي على خطاب كراهية و/أو تحريض حتّى الأوّل من نوفمبر/ تشرين الثاني. ونُشرَت معظم هذه المشاركات على منصة "إكس" (تويتر سابقاً) التي لم تنجح في الحد من هذا الخطاب.

ويعتمد النموذج اللغوي لمركز "حملة" على الذكاء الاصطناعي لتوثيق خطاب الكراهية والعنف المنشور باللغة العبرية على وسائل التواصل الذي يستهدف الفلسطينيين. ووثّق المركز أيضاً انتهاكات ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلّة والقدس الشرقية، بما في ذلك الاعتقالات والاستجوابات المتعلقة بنشاط الأشخاص على وسائل التواصل، والاعتداء، وجمع المعلومات من دون إذن أو تفويض، والتفتيش القسري للهواتف، والتحريض على العنف، والتضليل مِن قِبل المسؤولين الإسرائيليين.

وفي بيان مشترَك، شدّد المجتمع المدني على أنّ شركات وسائل التواصل مسؤولة عن ضمان احترام الرأي الفلسطيني وحمايته على المنصات. أمام هذا الواقع الذي يحاول مصادرة الصوت الفلسطيني، وإعطاء مختلف المنصات للإسرائيليين، دان تحالف الحقوق الرقمية بالمنطقة العربية (مجموعة من منظمات المجتمع المدني الدولية والإقليمية) استهداف الاحتلال لوسائل الاتصال والوصول إلى المعلومات في غزّة. ورأى التحالف أنه نتيجة لقطع البنية التحتية المدنية للاتصالات، والإنترنت، والكهرباء، ووسائل الإعلام الرئيسة، والصحافة، بات بإمكان قوات الاحتلال ارتكاب جرائم حرب في الخفاء.

المساهمون