الإسرائيليون يتابعون "حرباً معقّمة" في إعلامهم

الإسرائيليون يتابعون "حرباً معقّمة" في إعلامهم

15 ديسمبر 2023
خيمة في مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح (مجدي فتحي/ Getty)
+ الخط -

هناك حربان تجريان في غزة الآن، الحرب التي يشاهدها الجمهور الإسرائيلي، والحرب التي تشاهدها بقية العالم، بحسب تحليل لشبكة إيه بي سي الأسترالية.

تقول الشبكة إنه، كل مساء، يجلس الإسرائيليون لمشاهدة برامجهم الإخبارية التلفزيونية في أوقات الذروة، ليروا ما حدث في ذلك اليوم حول العدوان الذي يشنه جيشهم على قطاع غزة. وفي كل مساء، يتكرّر النمط نفسه تقريباً: صور لجنود جيش الاحتلال الإسرائيلي يسيرون، ودباباتهم تمر عبر الحقول في غزة، ومقابلات مع عائلات الرهائن، مع معلومات عن التقدم العسكري يقدّمها الأدميرال الإسرائيلي، دانيال هاغاري. ونادراً ما تكون هناك صورة لفلسطيني. وإن وجدت، فمن المرجح أن تكون صورةً لأحد قادة حماس. الفلسطينيون يُصوَّرون كإرهابيين وليسوا ضحايا مدنيين، ولا تظهر ضحية فلسطينية أبداً.

يؤكد تحليل الشبكة أن وسائل الإعلام الإسرائيلية بأكملها هي نفسها تقريباً، سواء تعلق الأمر بالتلفزيون أو الصحافة المكتوبة، باستثناء صحيفة هآرتس. على سبيل المثال، كانت طبعة الخميس الماضي من صحيفة يديعوت أحرونوت، المنتمية إلى "يمين الوسط"، تحتوي على صفحة تلو الأخرى عن الحرب. وبينما نشرت الصفحات 50 صورة لإسرائيليين مرتبطة بالحرب، بما في ذلك سبع صور في الصفحة الأولى، كانت هناك صورة واحدة فقط لفلسطيني، وهو قائد حركة حماس يحيى السنوار.

وتقول الشبكة إن متلقي الأخبار في إسرائيل "نادراً ما يرون طفلاً محاصراً تحت الأنقاض، أو أماً تحمل طفلها الميت. إنهم لا يرون الأطفال الذين يصرخون، أو الأطفال الصغار الذين لا يستطيعون فتح أعينهم".

وتصف الشبكة الوضع بأن "الإسرائيليين يتابعون حرباً معقمة، على الرغم من أنه نادراً ما قتلت أي دولة هذا العدد من النساء والأطفال بالسرعة التي يفعلها بها جيشهم اليوم".

إعلام وحريات
التحديثات الحية

وإذا أراد الجمهور الإسرائيلي الاطلاع على الأخبار من غير هذا "التعقيم" الذي يمارسه إعلامهم، يتوجّه إلى وسائل التواصل الاجتماعي. يذكر أن مواقع التواصل تحجب صور ومقاطع الجرائم الإسرائيلية، وتمارس رقابة قاسية على المنشورات الفلسطينية.

كل هذا يعني أن معظم الإسرائيليين لا يرون صور النساء والأطفال الفلسطينيين المصابين، أو التدمير الذي ألحقه جيشهم بغزة كيلومتراً بعد كيلومتر، وحوّلها إلى مقبرة من الأنقاض والجثث.

يرفض الجمهور الإسرائيلي جميع التعليقات الخارجية حول الحرب؛ لأنها بحسبهم تشبه الأمم المتحدة، التي يعتبرونها متحيزة ضد إسرائيل، وستقول كل ما في وسعها لإيذاء دولتهم. ولدى الإسرائيليين تعبير عن العقلية التي يميلون إلى تبنيها في حالة الحرب تقول: "شيكيت، يوريم"، وهو تعبير عبري يُترجم إلى "اهدأ، نحن نطلق النار". ما يقصدونه بهذا، أنهم خلال الحرب يريدون التركيز، وعدم تشتيت انتباههم بالضوضاء والاعتبارات الخارجية.

هناك مقولة أخرى يحب إسرائيليون عدة استخدامها في ما يتعلق بقطاع غزة، وهي أنهم يعتبرون الحروب التي يشنونها على القطاع نوعاً من "جز العشب". ويصف الإسرائيليون غزة بأنها تشبه الفناء الخلفي لمنزلهم، ويحتاجون بين الحين والآخر إلى الاعتناء بفنائهم، لإبقاء الأعشاب الضارة تحت السيطرة. وما يصفونه هنا بالأعشاب الضارة ليس سوى كل هؤلاء الشهداء والجرحى الذين سقطوا على أيدي جيشهم.

تسعى دولة الاحتلال للحشد إعلامياً للتأثير في الرأي العام العالمي، لكنّ هذا الأخير، بحسب كثير من الإحصائيات، ينحاز بنسبة معقولة إلى الفلسطينيين، ويطالب بإنهاء العدوان.

المساهمون