استهداف إسرائيل لوكالة أسوشييتد برس يقلق الصحافيين الأجانب

22 مايو 2024
خلال وقفة تضامن مع الصحافيين الفلسطينيين في واشنطن، 27 إبريل 2024 (بروبال رشيد/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- السلطات الإسرائيلية قامت بوقف بث وكالة أسوشييتد برس ومصادرة كاميرا فيديو في غزة، مما أثار قلقًا عالميًا حول حرية الصحافة وتغطية الأحداث.
- الضغوط الدولية، بما في ذلك من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، أدت إلى إعادة الكاميرات، وبررت إسرائيل تصرفها بانتهاك الوكالة لقانون الإعلام الجديد.
- ردود الفعل متباينة داخل إسرائيل وعالميًا حول الإجراء، مع استمرار الجدل حول حرية الصحافة وأهمية التغطية الإخبارية المباشرة للأحداث العالمية.

أثار وقف السلطات الإسرائيلية بث وكالة أسوشييتد برس ومصادرة كاميرا فيديو تابعة لها كانت تبثّ لمحة حية عن غزة قلق العديد من الصحافيين الذين عبّروا عن مخاوفهم الثلاثاء بشأن التداعيات الأكبر على تغطية العدوان المتواصل على القطاع منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وبعد إدانة واسعة، تضمنت دعوة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لإسرائيل إلى التراجع عن قرارها، أعادت سلطات الاحتلال كاميرات "أسوشييتد برس" في وقت متأخر من الثلاثاء. وبررت إسرائيل تحركها بأنّ الوكالة انتهكت قانون الإعلام الجديد الذي يحظر قناة الجزيرة التي تُعد واحدة من آلاف العملاء الذين يتلقون خدمة بث فيديو مباشرة من "أسوشييتد برس". وبحلول وقت مبكر من أمس الأربعاء، بُثَّ الفيديو المباشر لغزة من "أسوشييتد برس" في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

الكاميرا التي صادرتها السلطات الإسرائيلية من سديروت ليست الكاميرا الوحيدة لبثّ "أسوشييتد برس" في الأراضي المحتلة أو غزة. كذلك فإن الوكالة ليست المؤسسة الوحيدة التي تقوم بذلك، فقد أكدت وكالة الأنباء الفرنسية أنها استخدمت مثل هذه الكاميرات بشكل متكرر في إسرائيل، وهي تبيع صورها لقناة الجزيرة.

وقال مدير الأخبار العالمية في وكالة الأنباء الفرنسية فيل شيتويند: "تحرك إسرائيل لتقييد عمل أسوشييتد برس أمر مثير للقلق للغاية، وهجوم واضح على حرية الصحافة". وعبّرت مؤسَّسات إخبارية أخرى عن مخاوفها من الغموض الذي يكتنف تطبيق القانون الإسرائيلي، متسائلة: ما الذي يمنع إسرائيل من إغلاق التغطيات الإخبارية في البلاد بشكل كامل؟ وأشارت رابطة الصحافة الأجنبية في إسرائيل، في بيان، إلى أن "هذا الغموض قد يسمح أيضاً لإسرائيل بمنع التغطية الإعلامية لأي حدث إخباري تقريباً لأسباب أمنية". تمنع إسرائيل أيضاً الصحافيين الأجانب من دخول غزة لتغطية الحرب.

وقال الرئيس السابق والمدير التنفيذي لإذاعة أوروبا الحرة (راديو ليبرتي) والمستشار الدولي لأخلاقيات الإعلام، توماس كينت، إن السلطات الإسرائيلية "يبدو أنها تتخذ أي خطوات تضرّ بقناة الجزيرة"، وأضاف أن خطوتها الأخيرة "تلحق الضرر بمؤسسة إخبارية ذات سمعة طيبة، في وقت يبدو فيه أن البلاد بحاجة الى تغطية إخبارية مستقلة". وأضاف كينت، الذي عمل أيضاً محرراً سابقاً ومراسلاً دولياً لـ"أسوشييتد برس": "عليكم النظر إلى الصورة الأوسع: إنهم يمنحون المثال لدول أخرى ترغب في الاستيلاء على المعدات وإيقاف عمليات البثّ".

أثارت الخطوة بحق "أسوشييتد برس" جدلاً بين المسؤولين الإسرائيليين. فوصف زعيم المعارضة، يائير لابيد، ذلك بأنه "عمل جنوني"، بينما قال وزير الاتصالات شلومو كرعي، الذي اتهم الوكالة الإخبارية بانتهاك قانون البلاد، إن القانون ينص بوضوح على أنه يمكن مصادرة أي جهاز يستخدم لتوصيل المحتوى إلى قناة الجزيرة. وردّ كرعي على لابيد عبر منصة إكس، قائلاً: "سنواصل العمل بحسم ضد أي شخص يحاول المساس بجنودنا وأمن الدولة، حتى لو لم يعجبك ذلك".

تشغل كاميرا "أسوشييتد برس" في سديروت على مدار 24 ساعة يومياً، ويمكن استخدام أحد الموظفين لتحريك الكاميرا أو تعديل تركيزها لتغطية الأحداث، وكذلك لتجنب التقاط أي تحركات عسكرية. وأكدت "أسوشييتد برس" أنها "تمتثل لقواعد الرقابة العسكرية التي تحظر بثّ تحركات القوات التي يمكن أن تعرّض الجنود للخطر". تثبّت المؤسسات الإخبارية، في كثير من الأحيان، كاميرات يمكنها العمل عن بعد في أماكن مختلفة حول العالم، إما في مناطق أحداث، وإما لتوفير إطلالة على أفق الموقع. لهذه اللقطات العديد من الاستخدامات، فهي توفر خلفية لقناة تلفزيونية تقدم تقارير عن التطورات، أو للبث المباشر على موقع إلكتروني.

وقال نائب رئيس "أسوشييتد برس" ورئيس قسم جمع الأخبار فيها، بول هايفن، إنها أكبر مورد للتغطية الإخبارية المباشرة للبثّ بالفيديو لغرف الأخبار في أنحاء العالم. وأضاف: "توفر تغطية الفيديو المباشرة الخاصة بالوكالة نافذة على ما يحدث حول العالم في أي يوم، ما يسمح للمتابعين بمتابعة الأحداث بأنفسهم في أثناء حدوثها".

وعبّرت لجنة حماية الصحافيين عن انزعاجها الشديد من الخطوة التي اتخذتها إسرائيل الثلاثاء. فقال مدير البرامج في لجنة حماية الصحافيين، كارلوس مارتينيز دي لا سيرنا، إن تل أبيب يجب أن تسمح لكل وسائل الإعلام الدولية، بما فيها قناة الجزيرة، بالعمل بحرية في البلاد.

وفي حين تمثل إعادة إسرائيل للمعدات خطوة إيجابية بالنسبة إلى الوكالة، إلا أن القضية الأساسية لم تنتهِ. وقالت المتحدثة باسم "أسوشييتد برس" لورين إيستون: "ما زلنا نشعر بالقلق إزاء كيفية استخدام الحكومة الإسرائيلية لقانون البث الأجنبي، وتعطيلها لقدرة الصحافيين على العمل بحرية في إسرائيل".

بدورها، أعربت منظّمة مراسلون بلا حدود عن "ارتياحها" للتراجع عن القرار، واعتبرت أن "أسوشييتد برس"، أو غيرها من وسائل الإعلام، ما كان يجب أن تُمنع من تغطية أحداث غزة. قرار منع الجزيرة يجب أن يُلغى أيضاً، وعلى المجتمع الدولي أن يقدّم لها الدعم نفسه الذي أُبديَ لـ"أسوشييتد برس".

قُطع بث "الجزيرة" في إسرائيل في وقت سابق هذا الشهر، إثر تصويت حكومة بنيامين نتانياهو لصالح إغلاقها على خلفية تغطيتها للعدوان على غزة. وأُغلقت مكاتب "الجزيرة" في القدس المحتلة، وصُودرت معداتها، وسُحبت تصاريح فريقها. والأسبوع الماضي، صادر مسؤولون إسرائيليون معدات البث من استوديو الجزيرة في مدينة الناصرة.

وكان الائتلاف الحاكم قد بدأ العمل على القانون الذي يتيح إغلاق "الجزيرة" بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وسط توجيه انتقادات إسرائيلية لتغطية القناة منذ بداية العدوان على غزة. وصدّق المجلس الوزاري المصغّر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) في ذلك الحين على أنظمة الطوارئ التي تتيح للحكومة إغلاق القنوات الإعلامية التي ترى الجهات الأمنية أنها تمسّ بأمن الدولة. وقد أعربت جهات سياسية إسرائيلية، في بداية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، عن معارضتها إغلاق القناة، لتجنّب إلحاق الضرر بالوساطة القطرية بين إسرائيل وحركة حماس وإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزّة.

وقد وصفت شبكة الجزيرة، في بيان، قرار الحكومة الإسرائيلية إغلاق مكاتبها في إسرائيل بالخطوة الممعنة في التضليل والافتراء، مؤكدة حقها في استمرار تقديم خدماتها للجمهور عبر العالم، وهو ما تكفله المواثيق الدولية. وأضاف بيان شبكة الجزيرة أن "قمع إسرائيل للصحافة الحرة للتستر على جرائمها بقتل الصحافيين واعتقالهم لم يثننا عن أداء واجبنا"، وذكّرت بأن أكثر من 140 صحافياً فلسطينياً استشهدوا في سبيل الحقيقة منذ بداية العدوان على غزة.

(أسوشييتد برس، العربي الجديد)

المساهمون