"أسبوع الفيلم اللبناني": تنويع سينمائي عن أحوال وأهوال

21 أكتوبر 2022
بطرس روحانا وكرم غصين في "جدار الصوت" لأحمد غصين (الملف الصحافي)
+ الخط -

رغم أنّ غالبية الأفلام المختارة في الأسبوع السينمائي اللبناني، الذي تُنظّمه شركة "أم. سي. للتوزيع" بين 24 و30 أكتوبر/تشرين الأول 2022، معروضةٌ سابقاً في صالات لبنانية مختلفة، وفي مناسبات متفرّقة، تؤكّد إعادةُ عرضها واقعاً يشهد اشتغالات سينمائية عدّة، مع أنّ الانهيار كبيرٌ، والخراب فظيعٌ، والعفن متفشٍّ.

معظم تلك الأفلام مُنجزٌ قبل "انتفاضة 17 أكتوبر" (2019)، وبداية الجحيم اللبناني، المتمثّل في انهيارِ اقتصادٍ واجتماع، وانتشارِ وباءٍ (كورونا)، وتفجيرٍ مزدوجٍ لمرفأ بيروت (4 أغسطس/آب 2020). مه هذا، فالأفلام المختارة غير معنيةٍ، مباشرةً، بهذا كلّه، وإنْ يتناول بعضُها شؤوناً يومية في راهنٍ معطوبٍ.

آثار الحرب الأهلية اللبنانية (1975 ـ 1990) ماثلةٌ بأشكال كثيرة. الهجرةُ، كرغبةٍ في خلاصٍ وسكينة، حاضرةٌ. ارتباكات راهنٍ معطّل نواةٌ درامية في ذاتِ فردٍ. هواجس أولى في بداية عمر شبابيّ ركيزةٌ سينمائية. الكوميديا، التي تُبطِّن في جوفها سخرية ومرارة وألماً، تعكس جمالَ اشتغالٍ.

هذه عناوين عامة لـ8 أفلام، مُنتجة بين عامي 2019 و2022، تُعرض في "أسبوع الفيلم اللبناني" (بالشراكة مع "متروبوليس سينما"، وبدعم من "الصندوق العربي للثقافة والفنون ـ آفاق" و"زواريب سينمائية"، إحدى مبادرات "الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون")، مانحةً فرصة جديدة لمُشاهدة تنويعٍ سينمائي لبناني، غير متساوٍ في الجماليات الفنية والدرامية والتقنية لأفلامه، مع أنّه متشابهٌ في اختياره تلك العناوين، كلحظةٍ في تاريخ وراهن واجتماع وعلاقات وانفعالات.

 

 

ففي مقابل اختيار وليد مونس لحظة الاجتياح الإسرائيلي للبنان، عام "1982" (عنوان الفيلم، 2019)؛ فإنّ "أعنف حبّ" (2021) لإليان الراهب يستعيد لحظات كثيرة من الحرب الأهلية، في مزيج جماليّ لافت للانتباه بين ماضٍ وراهن، وبين أمكنةٍ وهجرات، وبين ذاتٍ وجماعةٍ. التأثيرات المريرة لراهنٍ بيروتي قاسٍ ـ بسبب نهاية مزعومة لحربٍ أهلية، وسلامٍ ناقص ـ مرسومة سينمائياً في "تحت السماوات والأرض" (2020) لروي عريضة. الهجرة مرويةٌ بسلاسة، في "نحن من هناك" (2021) لوسام طانيوس، والعفن اللبناني اللاحق لـ"انتفاضة 17 أكتوبر" ركيزة لـ"من دون الريش ما فينا نعيش" (2022) لليا نجار. "حرب تموز" (2006) الإسرائيلية على لبنان نواة درامية لـ"جدار الصوت" (2019) لأحمد غصين، الذي يطرح تساؤلات جوهرية عن الهوية والانتماء والذاكرة والعلاقات.

خارج هذه التفاصيل، يُقدّم إيلي خليفة كوميديا ساخرة ورائعة، في "قلتلك خلص" (2020)، ويعاين جورج بيتر برباري، في "ع أمل تجي" (2021)، أحوال 4 مُراهقين ينتقلون إلى عمر الشباب، ويكتشفون أجساداً ومشاعر وعلاقات.

"أسبوع الفيلم اللبناني" فرصةٌ لتبيان فصلٍ من مسار سينما لبنانية، تجهد في الاختلاف والتجديد، وتحرِّض على تساؤل وتأمّل وتفكير.

المساهمون