كيف سيلتفّ صنّاع السينما السعوديون على رقابة السلطة؟

كيف سيلتفّ صنّاع السينما السعوديون على رقابة السلطة؟

18 ديسمبر 2017
تم إقرار السماح بالسينما في السعودية (Getty)
+ الخط -
تساؤلٌ استوقفَ العديد من السعوديين، بعد قرار السماح بالسينما في السعودية، وإفساحِ المجال أمام أفلامٍ محليّة للعرض. يتمحورُ التساؤل حول إمكانية تحويل العديد من الروايات السعودية الشهيرة إلى أفلام، لتكون بذلك متاحة للجمهور عن طريق السينما. وعلى الأخص، الروايات التي لطالما أثارت جدلاً في المجتمع السعودي، والتي نالت إقبالاً منقطع النظير. إذْ ينتظرُ الجمهور بشغفٍ تحويلها إلى أفلام، كما هو الحال في باقي الدول. ويرى بعضُهم أنّ الوقت لا يمكن أن يكون أكثر ملائمة من أي وقت مضى، من أجل اقتباس الروايات الشهيرة، كخطوةٍ جديدة لصناعة الأفلام المحلية.

وشهدت المملكة، في الآونة الماضية، غزارة في إصدار الأعمال الروائية، ما مهَّد السبيل أمام بزوغ أسماء جديدة على الساحة، جعل من الاستفادة من رواياتهم الناجحة فرصةً في غاية الأهمية، لوصولها لعدد أكبر من المشاهدين بتحويلها في فيلم سينمائي سيزيد، بشكل لا ريب فيه، من عدد رواد الأفلام السينمائية المحلية، بعدما اقتصر الإنتاج على أفلام افتقرت، في الغالب، على المحتوى الجاد.

إلا أن عقبات حقيقية تحول دون إبصار تلك الخطوة النور. ويعود ذلك لأسباب عديدة، أبرزها، أن الكثير من الروايات الشهيرة غير مسموح بها في المكتبات السعودية، على الرغم من الرواج الذي تلقاه. إذ تجد الروايات طريقها إلى يد القارئ عبر المنافذ بالخفاء، أو بالشراء عن طريق الإنترنت، أو تحميلها من مواقع ذات صلة، وذلك لعدم إعطاء وزارة الثقافة والإعلام الموافقة عليها، ما يعني عدم السماح لها بالتداول.

وتحت سطوة وزارة الثقافة، المخولة بإعطاء الموافقة على توزيع الروايات في المكتبات، يتم النظر في الروايات عبر لجان، يؤول رأيها في غالب الأحيان إلى الرفض. وثمة ارتباط وثيق بين وزارة الثقافة والإعلام والهيئة العامة الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع، والتي أعلنت السماح بافتتاح دور سينما ومهدت الطريق نحو صناعة لها. إذ تخضع الهيئة لرئاسة وزير الثقافة والإعلام ما يجعل قراراتها متماهية تماما مع إدارة الفسح، المعترضة على الدوام على محتوى الروايات. وقد يزيد عدم وجود لوائح تنظيمية واضحة. من تعقيد الأمور.

وتضمَّن نصُّ بيان الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع "أنّ محتوى العروض سيخضع وفق المعايير السياسية والإعلامية للمملكة". وأضاف البيان "ستتوافق مع القيم والثوابت المرعية، بما يتضمن تقديم محتوى مثرٍ وهادف لا يتعارض مع الأحكام الشرعية ولا يخلّ بالاعتبارات الأخلاقية في المملكة". ومن هذا المنطلق، سيكون من الصعب استلهام المملكة تجارب دولة عربية أخرى، أحرز تحويل الروايات فيها إلى أفلام سينمائية نجاحاً باهراً. وستغيب، بالتالي، الروايات عن المهرجات العالمية كما هو معمول به في التجارب الدولية.

فبالنظر إلى مصر، على سبيل المثال، فإنها تنضَحُ بأفلامٍ ناجحة، اقتبِسَت من روايات، بداية من نجيب محفوظ كـ"اللص والكلاب" و "الثلاثية"، وروايات أخرى لإحسان عبدالقدوس ويوسف السباعي ومروراً بـ"عمارة يعقوبيان" لعلاء الأسواني، وانتهاء برواية "الفيل الأزرق" لأحمد مراد. وسيرخي المنع ظلاله على روائيين، أثارت رواياتهم الجدل، سواء كان ذلك جدلاً سياسياً، أو فيما رأته وزارة الثقافة تخطّياً للاعتبارات الأخلاقية.



المساهمون