التطبيع في الأردن: من الغاز إلى المياه

التطبيع في الأردن: من الغاز إلى المياه

29 يناير 2015
الأردن يمد أنبوب مياه بين البحرين الأحمر والميت (أرشيف/Getty)
+ الخط -
قال المتحدث الرسمي لوزارة المياه والري الأردنية، عمر سلامة، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، إن بلاده ستبدأ خلال العام الحالي، بتنفيذ مشروع ناقل البحرين لتحلية المياه، والذي تشارك فيه إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
وأضاف سلامة أن تكلفة المشروع سيتحملها الأردن كاملة، وتقدر بنحو 900 مليون دولار عبر الاقتراض من البنك الدولي، مشيراً إلى أنه سيتم طرح وثائق العطاء الخاص بالمشروع قريباً لاختيار الشركات المؤهلة لتنفيذه.
وأكد أن الأردن ماض في تنفيذ المشروع الذي يعد خياراً استراتيجياً للتغلب على مشكلة نقص مياه الشرب، وخاصة مع ارتفاع عدد سكان البلاد بصورة استثنائية بسبب اللاجئين السوريين المقيمين في الأراضي الأردنية وتجاوز عددهم 1.4 مليون لاجئ.
وحسب سلامة فأنه سيتم في المرحلة الأولى إنشاء محطة لتحلية المياه شمال مدينة العقبة جنوب الأردن، وذلك لتحلية 100 مليون متر مكعب من المياه سنوياً، 30 مليوناً منها ستخصص للأردن و50 مليوناً ستباع لإسرائيل بسعر التكلفة و20 مليوناً لمناطق السلطة الفلسطينية.
وكان مجلس الوزراء الأردني قرر مؤخراً المضي في تنفيذ المشروع والذي لاقي اعتراضات من الرأي العام لمشاركة حكومة الاحتلال الاسرائيلي في تنفيذه.
وناقل البحرين هو مشروع مطروح منذ سنوات طويلة، وتقوم فكرته على أساس نقل مياه البحر الأحمر من خليج العقبة جنوب الأردن إلى البحر الميت الواقع بين الأردن وفلسطين ويسيطر الاحتلال على الجزء الفلسطيني منه.
وقال مصدر مطلع في وزارة المالية الأردنية لـ"لعربي الجديد" إنه تم اتخاذ قرار بإعفاء كافة مستلزمات المشروع من معدات وغيرها من الرسوم والضرائب، بما في ذلك الجمارك ما يخفض الكلفة الاستثمارية.
وسيحصل الأردن على كميات مياه من إسرائيل من بحيرة طبريا لتغطية المناطق الشمالية وبسعر 27 قرشاً للمتر المكعب.
وقد أثار قرار الحكومة المضي بتنفيذ المشروع رغم المعارضة الشديدة له من قبل مؤسسات المجتمع المدني، استغراب الشارع الأردني، خاصة أن هذه الخطوة كما يراها مراقبون قد جاءت في وقت مازالت البلاد تنشغل بقضية استيراد الغاز من اسرائيل والحراك الشعبي والنيابي الذي مازال مستمراً حتى هذه اللحظة لإجهاض هذا المشروع.
وكان مجلس النواب قد رفض بأغلبية أعضائه توقيع اتفاقية الغاز وطلب من الحكومة التراجع عنها، إلا أن الأخيرة تصر على إنجاز المشروع، وهدد نواب بالاستقالة إذا وقعت الاتفاقية.
وأعلن الأسبوع الماضي عن تشكيل ملتقى وطني لمقاومة اتفاق الغاز مع إسرائيل.
وبحسب خبراء فإن ناقل البحرين يعد ثاني أكبر مشروع تطبيعي سيقدم عليه الأردن مع الاحتلال الإسرائيلي وذلك بعد مشروع استيراد الغاز، ما يعد تقدماً كبيراً للكيان الصهيوني على صعيد مساعيه لتقوية علاقاته الاقتصادية مع الدول العربية، بدءاً من البلدان التي يرتبط معها باتفاقيات سلام كمصر والأردن.
ويذهب الخبراء لأبعد من ذلك بقولهم إن مشروع ناقل البحرين يحقق الكثير من المنافع لإسرائيل وبما يفوق ما ستجنيه كل من الأردن والسلطة الفلسطينية، وذلك من خلال حصولها على مياه الشرب ما يساعدها على إقامة مزيد من المستوطنات في منطقة النقب، وكذلك معالجة نقص المياه لديها في تلك المناطق وبدون أن تتكفل بأية كلف.
كما يرى المعارضون أن المشروع يدخل في إطار التطبيع مع اسرائيل في الوقت الذي يرتكب فيه الاحتلال المجازر الدموية بحق الشعب الفلسطيني ومازال في حالة اعتداء على المقدسات الاسلامية في القدس الشريف.
وقال الخبير الاستراتيجي الدولي سفيان التل لـ"العربي الجديد": إن هناك الكثير من المحاذير لهذا المشروع حيث سيقدم على أنه مشروع اسرائيلي امريكي لخدمة مصالح اسرائيل في المنطقة، كما أنه يقر بحق اسرائيل في المياه وأنها شريك أساسي بالمشروع، وبالتالي قد تطلب المشاركة في حمايته مستقبلاً.
وأضاف التل أن المشروع يخدم الاحتلال ويؤمن له المياه المحلاة من خلال الأراضي الأردنية مشيراً إلى أنه سيتم سحب أنبوب من مياه البحر الأحمر من خليج العقبة جنوب الأردن إلى منطقة الريشة التي تقع شمال مدينة العقبة بنحو 90 كيلو متراً، حيث ستقام هناك محطة لتحلية المياه وسيتم بيع المياه بعد تحليتها لإسرائيل وبما نسبته 70 إلى 80% منها من انتاج المحطة.
وأشار التل إلى أن المياه المحلاة ستضخ الى منطقة النقب ولدى الكيان الصهيوني مخططات لإقامة مستوطنات هناك واقامة منشآت عسكرية أيضاً ونقل كلية عسكرية الى الموقع، وبالتالي فإنهم يحتاجون للمياه من مصادر قريبة.
وقلل من إمكانية رفع منسوب البحر الميت الذي ستضخ إليه المياه المالحة إلى مستويات جيدة وإنما لن تتجاوز النسبة بعض السنتيمترات.
وقال التل إن الأردن سيتحمل كلفاً باهظة للحصول على المياه من طبريا حيث أنها غير صالحة وتحتاج إلى إنشاء محطة لتكريرها ما يدفع ثمنها البلاد.
وأبدى رئيس هيئة مقاومة التطبيع في الأردن مناف مجلي في تصريح لـ"العربي الجديد" استغرابه من اتخاذ الحكومة خطوات عملية لتنفيذ مشروع ناقل البحرين، بينما مازالت المعارضة على أوجها لاتفاقية الغاز.
وطالب الحكومة بالتراجع عن مشروعي الغاز وتحلية المياه مع إسرائيل، لأنهما يعدان أكبر مشروعين تطبيعين مع إسرائيل.
وقال مجلي إنه سيتم بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني ومجلس النواب الضغط على الحكومة للتراجع عن ناقل البحرين بصورته الحالية وعدم تنفيذ أي مشاريع بالتعاون مع إسرائيل.
ويعاني الأردن أزمة مائية تحولت إلى تحدٍ كبير يعيش معه باستمرار حيث حصة الفرد أقل من 120 متراً مكعباً سنوياً وهي تقل عن معدلاتها العالمية بما يزيد على 80%. ويبلغ خط الفقر المائي في الأردن 88% بحسب بيانات وزارة المياه الأردنية.

المساهمون